قالت العرب بفراسة: "إن البعرة تدل على البعير"، وأقول بحسرة إن قطعة الغيار تدل على الوكيل، ونقصد هنا قطع غيار السيارات وأيضاً قطع غيار الأجهزة المنزلية والكهربية، فإذا كان (البلف) بألف ريال فبكم ستكون السيارة كاملة؟! و(البلف) لمن لا يعرفه هو صمام يسمح بدخول الهواء في إطار المركبة ولا يسمح بخروجه لكنه يسمح بخروج روح مالك السيارة من مبالغة الوكيل في سعره، وكلمة (بلف) جاءت لنا من الكلمة الإنجليزية للصمام وهي (VALV) وعربناها كعادتنا بشبيه نطقها فقلنا (بلف)، وهذا الصمام المتحكم في هواء إطار السيارة موصول حديثاً بحساس يشعرك بضغط الإطار، وهذا الحساس مهم جداً في الوقاية من الحوادث حيث يشعرك بنقص هواء الإطار أو انفجاره فتتوقف، أي أنه ليس سلعة ترفيهية بل من أدوات السلامة الضرورية في المركبة، لكن وكلاء السيارات وبجشع ممقوت يرفعون سعره أكثر من خمسة أضعاف سعره الحقيقي في الأسواق!! فكيف يسمح لهم بذلك؟!، ولذا قلت وبالله التوفيق: (إذا البلف بألف فكم زادوا علينا في السيارة كاملة؟!). لقد احتجت لذلك الحساس في سيارتي وذهبت لوكيلها فوجدت سعر الحبة الواحدة 260 ريالاً، وسألت أكثر من موزع قطع غيار فكان أقل سعر وجدته هو 200 ريال للحبة، وتوجهت لمتجر إلكتروني له فرع لدينا فوجدت أن سعر الأربع حبات (طقم أصلي مطابق للموجود لدى الوكيل) هو 85 ريالاً فقط، أي أن الحبة سعرها مع الربح المعقول والتوصيل المجاني هو نحو عشرين ريالاً فقط لا غير!!، فأي جشع هذا في هذه القطعة، وما دامت البعرة تدل على البعير فإن القطعة تدل على الوكيل، فكم زاد علينا في قطع ثقيلة لا نستطيع شراءها إلكترونياً؟! بل كم زاد علينا في سعر السيارة كلها أصلاً؟!. هذا الاستغلال المشين الذي لم يرتدع بعد هو أحد أسباب انتشار مواقع بيع على الإنترنت تبيع قطع الغيار بعشر سعر الوكيل وتعلن عن سيارات جديدة تصلك إلى باب بيتك بأسعار تصل لنصف سعرها لدى الوكيل عندنا!! وقد يقول قائل: إذاً لماذا تمتعض من جشع الوكلاء، دع بضاعتهم واشترِ من تلك المواقع بالسعر الأرخص. هنا نقول إن الأمر يتعلق باقتصاد وطن وبمخاطرة عند الدفع وقضايا قد تشغل أجهزة الدولة، ثم إن الوكيل منح امتياز الوكالة ليسهل على الناس وأجهزة الدولة، فإذا بالغ في الطمع حد اضطرارنا لتجنب الشراء منه والتوجه للخارج فقد حق سحب الوكالة منه فلم يعد وكيلاً بل وبيلاً.