كرس الكاتب والباحث الجزائري عبدالكريم قادري جهده في دراسة واقع الكتابة عربيا ومحليا، وأهمية السينما السعودية، وذلك من جوانب عديدة تطرق لها خلال هذا الحوار عبر هذه السطور. *اتجهت نحو الكتابة عن السينما ومزج الأدب بها، ما خاصية هذا النوع من الكتابة وهل هي تعتمد على الجانب العلمي أم الخبرة؟ * ذهاب الكاتب إلى أي جنس أدبي أو فني يجب أن يكون من منطلق التسلح بالمعطيات، أي يجب امتلاك الموهبة، ومن ثمة إسنادها بالمرجعية المعرفية والاستعداد، وهو المُعطى الأساسي الذي يؤدي بالضرورة إلى اكتساب الخبرة التي تأتي من خلال التجارب طبعا، ومن خلال تجربتي المتواضعة فإن من يملك خيوط الأدب، بوسعه نسج أي شبكة يشاء، ورميها على أي فن يريد، فقط وجب توفر الشغف والحب والاستمرارية، وذهابي صوب النقد السينمائي لم يكن خيارا مفاجئا، بل هو نتيجة لسنوات من المشاهدة المستمرة لكل الأجناس السينمائية، والقراءة الدائمة، إضافة إلى التجربة الحياتية الخاصة، لأن فهم السينما هو على الأٌقل محاولة لفهم للحياة. *كيف ترى واقع الكتابة العربية عامة والأدب في المملكة العربية السعودية خاصة؟ * الكتابة العربية لم تتحرر من النماذج الغربية، أي أن كل تجربة لديها ما يستند عليها غربيا، وهذا ينطبق على المناهج النقدية والكتابات الإبداعية، لأننا لم نقدر على صنع نموذج أدبي أو نقدي يستند على التراث والواقع العربيين، أو على الأقل بلورة تيار فكري في الرواية مثلا، كما فعلت العديد من الدول، كأمريكا اللاتينية، للأسف نحن في العالم العربي ما زلنا نستهلك، ليس السلع فقط، بل حتى الأفكار والنماذج الثقافية، والمملكة العربية السعودية لم تتخرج من هذا الحيز، لكن هذا لا يمنع بأن نقول بأنها تمتلك أسماء جيدة في كل الأجناس الأدبية والفنية، كالرواية مثلا، والجميل في التجربة السعودية بأنها تملك نموذجا تصاعديا من خلال التطور الأدبي، أي هناك تطور دائم وتحرر واضح من قيود الكلاسيكية الأدبية التي تثقل كاهل المبدع وتحد من حريته. *كيف ترى السينما السعودية، كإنتاج، وكذلك كنصوص، بصفتك ناقد ومتتبع لها؟ * السعودية تملك تصورا واضحا لما يمكن أن تكون عليه سينماها مستقبلا، أي أنها تملك حسا استشرافيا، وهذا الحس لم يأت من فراغ، بل جاء من خلال توفر الإرادة السياسية أولا، ومن ثمة تحقيق هذه الرغبة عن طريق مختلف المؤسسات الرسمية والخاصة، انطلاقا من المبادرات الجماعية والفردية، وهذا ما رأيناه من خلال الهياكل والنظم والقوانين والمهرجانات والورش والتأطير والدعم السخي، أما بخصوص النصوص، فهذا أمر ثان، لأن هذا الحكم يمكن أن يصدر من خلال الكثرة والتنوع، وهما عنصران يمكن أن نستخلص منهما «الكيف»، لكن هناك ملامح قوية على خلق نصوص سينمائية تعكس الهوية، وهذا ما وقفنا عليه من خلال الأرقام التي تعلنها العديد من الجهات السعودية، من بينها مهرجان أفلام السعودية الذي خلق آليات متطورة لفهم وبلور وخلق المواهب، كما أعتبره شخصيا قاطرة مهمة وضرورية في مدونة السينما السعودية الفتية. *ما رأيك بتجربة الكتابة الجماعية وهل تعطي للكاتب حقه؟ * الكتابة الجماعية أصبحت واقعا يجب أن نرضى به، وإن كانت لا تعبر بشكل دقيق على هوية واضحة، أنا شخصيا شاركت في العديد من الكتب الجماعية، لكن انتصر دائما للكتب الفردية التي يمكن أن تكون نافذة تعكس أعماق الكاتب وهويته وأفكاره، بالنسبة للحقوق فهذا أمر نسبي، يعتمد على الجهة التي تشرف على المشروع، لكن على الأغلب هناك دائما حقوق، أدبية خاصة. *ماذا عن أهمية مشاركتك في برنامج الموسوعة السعودية للسينما؟ * الموسوعة السعودية للسينما التي تشرف عليها جمعية السينما هي من أهم المشاريع الثقافية بالعالم العربي، وسيكون له أثر بالغ على المدونة النقدية بشكل خاص وعلى الصناعة السينمائية بشكل عام حاضرا ومستقبلا، وهو هدية ثمينة جدا من المملكة العربية السعودية لكل صنّاع السينما في العالم العربي، وسيكون لها أثر ثقافي عظيم مثل أثر سلسلة «عالم المعرفة» التي أطلقتها الكويت منذ عقود، ماضيا وحاضرا ومستقبلا، بالنسبة لمشاركتي فهي نافذة أشرعها كي يطل منها كل محب للسينما الوثائقية، حتى يرى عالمها المزهر والضاج بالجمال. *هل ترى أن ذائقة الجمهور اختلفت مع التطور التكنولوجي وسيطرة وسائل التواصل الاجتماعي، وكيف تنظر لمستقبل التلقي مع هذا الواقع؟ * شروط التلقي تتغير مع كل مرحلة، وهذه من المراحل التاريخية المهمة التي يعرفها العصر، نظرا لتسارع الاختراعات ومنطلقات التطوير، وهي معطيات تساهم في خلق إنسان جديد مختلف، انطلاقا من تركيبته الذهنية وذائقته الجمالية، ولا يمكن كبح جماح هذا التغيير إلا من خلال ربح الجمهور، ولا يمكن أن -يكون هذا سوى - من خلال ما يتم طرحه، سواء في الفنون أو الكتاب، يمكنك أن تسرق أو تغير اهتمامهم من خلال إطلاق فيلم جيد لا يمكن أن يعثر عليه على حاسوبه أو هاتفه، ويمكن أن تسرق منه ساعات من وقته إن قدمت له كتابا جيدا ومتماسكا، وقس على ذلك، لكن على العموم فإن الذائقة تغيرت وستتغير أكثر مستقبلا، وهذا ما يهدد نمط حياتنا وسيغيرها بشكل جذري. *ماذا عن جديدكم في مجال التأليف، والإصدارات؟ * طبعا لدي العديد من المشاريع النقدية والإبداعية، من بينها ثلاث مخطوطات لروايات جاهزة تقريبا، وكتاب سيصدر نهاية السنة بعنوان «مدخل إلى السينما الجزائرية»، إضافة إلى مشاريع أخرى في شؤون أدبية وفنية مختلفة. مؤلفات الكاتب عبدالكريم قادري