دعا وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه إسرائيل إلى إعلان موقفها بشأن مقترح قدمه لها بهدف نزع فتيل التوتر بين إسرائيل وجماعة حزب الله، في الوقت الذي تحاول فيه باريس الاضطلاع بدور وساطة بين الجانبين. وتتبادل إسرائيل وحزب الله الضربات يومياً عبر الحدود على مدى الأشهر الستة الماضية بالتوازي مع الحرب في غزة، في تصعيد أثار اتساع نطاقه وتطوره مخاوف من صراع إقليمي أوسع. وقال سيجورنيه في مقابلة أجرتها معه رويترز إمس "أدعو السلطات الإسرائيلية إلى إعلان موقف من هذه الخطط الفرنسية يمكننا من الانتقال إلى المرحلة التالية". وقال في وقت سابق من اليوم إنه تم طرح عدد من التعديلات على إسرائيل بعد مشاورات أجريت في لبنان في وقت سابق من الأسبوع. وقال سيجورنيه قبيل اجتماع مع نظيره الإسرائيلي يسرائيل كاتس في القدسالمحتلة "تربطنا علاقة مع لبنان، لنا 20 ألف مواطن هناك، وكانت حرب عام 2006 مأساوية بشكل خاص بالنسبة لهم". وزار سيجورنيه لبنان يوم الأحد حيث التقى بمسؤولين بينهم ساسة مقربون من حزب الله. ويقول مسؤولون فرنسيون إنهم وجدوا تقدماً في ردود السلطات اللبنانية. وأشار سيجورنيه إلى أن أساس المقترحات هو ضمان تنفيذ قرار الأممالمتحدة رقم 1701 لعام 2006 الذي دعا الجماعات المسلحة غير الحكومية إلى الانسحاب من جنوبلبنان ونشر الجيش النظامي اللبناني هناك. ولوحت إسرائيل بشن عملية عسكرية على جبهتها الشمالية، قائلة إنها تريد استعادة الهدوء على الحدود مع لبنان حتى يتمكن آلاف الإسرائيليين من العودة إلى المنطقة دون خوف من الهجمات الصاروخية، حتى لو قال حزب الله إنه لن يوقف الهجمات دون وقف إطلاق النار في غزة. وتتمتع فرنسا بعلاقات تاريخية مع لبنان، حيث يوجد عدد كبير من المغتربين الفرنسيين ونحو 700 جندي فرنسي ضمن قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوبلبنان. وقدم سيجورنيه هذا العام اقتراحاً مكتوباً للجانبين يتضمن انسحاب وحدة النخبة التابعة لحزب الله مسافة 10 كيلومترات بعيداً عن الحدود الإسرائيلية ووقف إسرائيل للضربات في جنوبلبنان. وتطرق المقترح إلى قضايا حدودية طويلة الأمد ناقشها شركاء من بينهم الولاياتالمتحدة التي تبذل جهودها الخاصة لتخفيف التوترات وتمارس أكبر قدر من التأثير على إسرائيل. من جهة أخرى حذّرت منظمة الأممالمتحدة للطفولة (يونيسف) من الأثر الكبير الذي يخلّفه التصعيد المستمر في جنوبلبنان بين حزب الله وإسرائيل، على الأطفال الذين بات الآلاف منهم خارج المدارس. وفي تقرير بعنوان "محاصرون في مرمى النيران"، أعرب ممثل اليونيسف في لبنان إدوارد بيجبيدر "عن القلق العميق تجاه الأطفال والأسر الذين أجبروا على ترك منازلهم، وإزاء الأثر طويل الأمد الذي يتركه العنف على سلامة الأطفال وصحتهم وتعليمهم"، بينما يدخل القتال في جنوبلبنان شهره السابع. ودعا إلى "وقف فوري لإطلاق النار وحماية الأطفال والمدنيين"، مضيفاً "علينا مضاعفة جهودنا جميعاً للتأكد من أن كلّ طفل في لبنان يذهب الى المدرسة ويتعلّم، وأنه في منأى عن الأذى الجسدي والنفسي ولديه الفرصة في النمو والمساهمة بفعالية في المجتمع". ومنذ بدء التصعيد، قتل ثمانية أطفال وأصيب 75 آخرون على الأقل بجروح، وفق ما نقلت اليونيسف عن وزارة الصحة اللبنانية. وأدى التصعيد عبر الحدود إلى إغلاق أكثر من سبعين مدرسة، "ما أثّر بشكل كبير على تعليم نحو عشرين ألف طفل". كما انعكس سلباً على "الخدمات الصحية بشكل خطير"، مع إقفال "جزئي أو كلي لعشرة مراكز للرعاية الصحية الأولية و17 مستوصفاً"، وفق التقرير. وبحسب التقرير، فإنّ أكثر من عشرة آلاف شخص "بينهم ما لا يقل عن 4000 طفل هم في أمسّ الحاجة إلى الخدمات الأساسية مثل التحصين والحصول على الأدوية الحيوية". وتوقعت المنظمة في حال استمرار التصعيد أن يشهد الاقتصاد "مزيداً من التدهور، ما يؤدي إلى زيادة صعوبة الوصول إلى الخدمات الحيوية للفئات المهمشة والضعيفة" في بلد يشهد أصلاً انهياراً اقتصادياً منذ سنوات. وفي مؤتمر صحافي في جنيف لإطلاق التقرير، قال المتحدّث باسم اليونيسف جايمس إيلدر "إذا ما استمرّ هذا النزاع (...) فإن تداعياته على الأطفال ستكون مدمّرة". وقالت نائبة ممثل اليونيسف في بيروت إيتي هيغينز إن المنظمة "لحظت تزايداً بثلاثة أضعاف لعدد الأطفال" الذين تمت إحالتهم إلى البرامج المتعلقة بسوء التغذية لدى المنظمة خلال العام الماضي. وأضافت "نواجه انهياراً كبيراً" في التمويل الإنساني للبنان منذ أشهر، ما أرغم المنظمة على تقليص "كل خدماتنا تقريباً". وحذّرت اليونيسف من أنه ما لم يتم التوصل إلى اتفاق إطلاق نار فإنّ "لبنان سيكون معرضاً لخطر حرب واسعة النطاق، سيكون لها تأثير مدمّر على 1,3 مليون طفل" في البلاد.