مضى على خروج المنتخب السعودي من كأس الأمم الآسيوية قرابة 3 أشهر، كان خروجاً مراً ومريراً، وإن كان يشبه الخروج السابق في كأس آسيا 2019 شكلاً لكن كان مضمونه أثقل على الجمهور معنوياً؛ لأن الجمهور كان يمنّي النفس بالظفر باللقب الآسيوي الغائب من 6 مشاركات سابقة خصوصاً بعد الظهور المقنع في كأس العالم 2022، وكان الطموح اللقب أو طرفاً في النهائي على حد أدنى، لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السُّفُنُ. كانت الطريقة التي اختار المنتخب الكوري الجنوبي لقاء المنتخب السعودي في دور ال16 بالتعمد باللعب على التعادل مع المنتخب الماليزي لتجنب لقاء اليابان ولقاء الأخضر السعودي في ثمن النهائي مستفزة للجمهور السعودي، وتمنى المتابع أن يكون ذلك حافزاً للاعبين بالتغلب على الشمشون الكوري، وكان ذلك حتى الثواني الأخيرة من الشوط الثاني بعدما أدرك الكوريون التعادل وتغلب الكوري الجنوبي بركلات الحظ وخرج الأخضر وسط ذهول وصدمة ممن تابع اللقاء لأنه كان الأفضل لكن كرة القدم لا تعترف بالأفضلية وتعترف بالنتائج فقط. انتهت البطولة وطويت صفحات الأحداث المصاحبة لمشاركة المنتخب الذي قدِم من منافسات دوري هي الأغلى من حيث الاستقطابات، وكان الطموح ترجمة هذه الجهود على الأندية لتنعكس على مستوى المنتخب. قدم اللاعبون مستوى مقنعاً يصل إلى أن يكون رائعاً في البطولة، لكن كرة القدم وتفاصيلها الصغيرة تغير مجرى الأحداث. تعالت أصوات أنه بعدم وجود محترفين سعوديين في الدوريات الكبرى لن يجلب الأخضر أي لقب، لأنه لا بد أن يجاري المنتخبات التي تملك محترفين في أوروبا، مثل: المنتخب الياباني والكوري الجنوبي والمنتخب الإيراني، وهذا منافٍ للواقع. أطراف النهائي الأخير كان بين المنتخب القطري والمنتخب الأردني، ولا يملك المنتخب الأردني سوى لاعباً أو لاعبين محترفين في أوروبا، أما المنتخب القطري المتوج باللقب للمرة الثانية على التوالي فجميع لاعبيه يلعبون في الدوري المحلي. الهدف من اللعب في الدوريات الكبرى هو الاحتكاك بالنجوم والمواهب الكبيرة، وهذا يتوفر لدينا في الدوري في ظل الاستقطابات الكبيرة للدوري. مسألة الفوز باللقب الآسيوي ليست بالمعقدة، فهي تحتاج انسجاماً وتخطيطاً والاستفادة من بطولة كأس الخليج وبطولة العرب وجعلهما ضمن الأولويات وجعلهما الخطوة المؤدية إلى كأس الأمم الآسيوية لأنه في ظل مشاركة 8 محترفين أجانب فإن اللاعب السعودي يحتاج إلى الانسجام مع زملائه في المنتخب وكسب حساسية المشاركة وهذا يحدث بعدم التعالي على المشاركة بكأس الخليج وكأس العرب باللاعبين الأساسيين، وجعل ذلك الأمر من ضمن الأولويات، وكذلك كثرة المشاركات تنعكس على اللاعبين من ناحية التآخي والإيثار وعدم تكرار ما حدث من أحداث قبل بداية البطولة الآسيوية. لم يسبق تحقيق لقب آسيوي من الألقاب الثلاثة للمنتخب السعودي إلا وسبقته مشاركة فعالة في كأس الخليج وتحديداً آخر لقب آسيوي والذي تحقق عام 96 فقد سبقه لقب خليجي. الأنظار والقلوب مع الأخضر الشاب المشارك في بطولة آسيا تحت 23 سنة المؤهلة إلى أولمبياد باريس 2024، والظهور بشكل مشرف يعيد للأذهان المشاركة الأولى في أولمبياد أتلانتا 96، وأن يترجم الاهتمام بالرياضة من قبل القيادة الحكيمة على أرض الواقع، وأن توضع خارطة طريق من قبل اتحاد القدم للظفر باللقب الآسيوي المقبل 2027 الذي سيقام على أراضي المملكة العربية السعودية، ولا تكون المشاركة مثل سابقاتها، ولا يكون الخروج الأخير مثل سابقه. مصعب البصيلي