لعل أول كتاب اقتنيته لشخصيتنا هو التحفة الثمينة والجوهرة الفريدة والدرة الغالية والكنز المدفون (قيمة الزمن عند العلماء)، الذي صدرت طبعته الأولى عام 1404ه فكان هذا التأليف التراثي النفيس والقيم هو البوابة لمعرفة هذا العلاّمة عبدالفتاح أبو غُدّة -رحمه الله- الذي يُعد من أعلام العالم الإسلامي والذي أثرى المكتبة الإسلامية بالإنتاج العلمي الرصين، فكانت مؤلفاته مفيدة للعلماء وطلبة العلم والمثقفين؛ لأنه عالم محقق، فهو يذكرك بالعلماء القدامى الذين أسهموا في كل علم وفن، وحينما وصفته بالموسوعة فأنا أقول هذا لأنني قرأت عدداً من آثار تحقيقاته وتعليقاته وهوامشه، وهي كتب في كتاب، فكل صفحة زاخرة بالفوائد المتنوعة من لغة وشعر وأدب ومسائل فقهية وحديثية وضبط ألفاظ وتنبيه إلى أخطاء وأغلاط وقع فيها المؤلف أو بعض المؤلفين. الشيخ عبدالفتاح أبو غُدّة مكتبة حافلة بالأسفار الرائعة المحررة علمياً وما من كتاب كتبه أو حققه إلاّ ويخرج القارئ منه بفوائد، بل إن مؤلفاته لا تكفيها قراءة واحدة بل لابد من قراءتها مرةً أخرى وتدوين أهم الفرائد والنوادر التي سجلها هذا العلم الشامخ الكبير في علمه وعقله وأخلاقه، فهو مدرسة في كل هذه الجوانب، وهو من العلماء الذين وهبهم الله العلم والحكمة وقلَّ ما نجد مثله، فيما وهبه الله العلم الغزير، حيث رُزق غزارة المعرفة والعقلية الراسية مع التواضع بل الكرم الأخلاقي، فهو خلوق ليّن هيّن ليس بذاك الفظ الغليظ، سليم القلب واسع الصدر. وحينما أكتب عن هذه الشخصية فإنني أقدم شيئاً يسيراً نحو هذه القامة العلمية وفاءً بحقها نحو ما أضافت لساحة العلم والمعرفة وخدمت هذا الوطن منذ استقراره فيه آتياً من الجمهورية السورية، حيث أصبحت هذه البلاد وطناً له ومستقراً قرابة ثلاثة عقود. ودرّس عبدالفتاح أبو غُدّة -رحمه الله- في كلية الشريعة بالرياض مدداً طويلة، جاء وقد ارتوى من العلوم النقلية والعقلية وعلّم في هذه الكلية آلافاً من التلاميذ والطلبة، ثم بعد ذلك في كلية أصول الدين الدراسات العلمية، ثم الخاتمة بجامعة الملك سعود، فكانت الرياض مسكنه والمدينةالمنورة مدفنه في مقبرة البقيع عام 1417ه. نشأة صالحة وُلد عبدالفتاح أبو غُدّة -رحمه الله- 1336ه بحلب الشهباء، ونشأ نشأة صالحة خيّرة وبيئة طاهرة في أسرة كريمة فاضلة ديّنة محافظة على الأخلاق والخصال الكريمة، لم يكن ميالاً إلى اللهو واللعب، فكانت بدايات حياته جَدّاً، لذلك أدخله جدّه المدرسة العربية الإسلامية الخاصة، فدرس فيها من الصف الأول حتى الرابع، وتعلّم فيها مبادئ القراءة والكتابة، ثم انضم إلى المدرسة الخسروية وتخرج فيها 1362ه، وبعدها التحق بجامع الأزهر عام 1364ه وتخرج فيه عام 1368ه ونال الشهادة العالمية من كلية الشريعة. وسرد الباحث المحقق محمد بن عبدالله آل رشيد مشايخ العلامة عبدالفتاح أبو غُدّة في كتابه القيم (إمداد الفتاح بأسانيد ومرويات الشيخ عبدالفتاح)، وهو من أوائل الكتب التي صدرت عن شخصيتنا، إذ صدر عام 1419ه؛ لأنه توفي عام 1417ه، وآل رشيد لازم أبو غُدّة 12 عاماً وأفاد منه، ونهل من علومه، فكان وفاؤه لشيخه إصدار هذا السفر الحافل بترجمة حياته ومشايخه وأسانيده وإجازاته، وأذكر بعضهم كالشيخ عيسى البيانوني، الذي تأثرت به شخصيتنا في الأخلاق، كذلك الشيخ إبراهيم السلقيني، كما تلقى عن المحدّث المؤرخ راغب الطباخ ودرس عليه الحديث والسيرة النبوية والتاريخ، ومن الذين انتفع منهم في النحو واللغة العربية الشيخ محمد الناشد، ومن العلماء الشيخ محمد سعيد الإدلبي، ومحمد نجيب سراج الدين، إضافةً إلى المحدث محمد زاهد الكوثري، حيث انتفع به لمّا كان الكوثري مستقراً في القاهرة، إلى جانب مصطفى صبري الذي كان ممن استفاد منهم حينما اتخذ مصر سكناً له بعد خروجه من تركيا. وَرد مشموم وتحدث عبدالفتاح أبو غُدّة -رحمه الله- عن شيوخه وتأثره بهم وأخذ عنهم عندما كُرّمْ في اثنينية د. عبدالمقصود خوجة، حيث قال كلاماً ما معناه: "هم كثيرون -يعني العلماء الذين تعلم منهم- والواحد منهم كالورد المشموم يوجد فيه رائحة طيبة زكية ما لا يوجد في ذاك، فإذا جُمعوا كانوا مجمع فضائل وطيب للإنسان، كل واحد منهم له فضل وعلم، والأصل في هذا أن يكون الشخص كالنحلة يمتص رحيق الأزهار منهم، استفدت منهم حسب قدرتي وكلهم فوقي بمقام بعيد". ثم لفت إلى طلبة العلم والعلماء وبأنه استفاد من كل أحد، قائلاً: "أنا استفيد من تلاميذ تلاميذي، ولهم المنّة عليّ، والفائدة لا تقتصر على الشيوخ، بل تتعدى هؤلاء، وقد استفيد من تلاميذي في الدرس"، ثم ذكر كلام وكيع بن الجراح، حيث قال: "ينبغي للمرء أن يستفيد ممن فوقه ومن هو مثله ومن هو دونه، وهكذا كان أبو غدة يبذل العلم ويبث الفوائد والفرائد في الأندية والمجالس التي يدعى إليها وفي دروسه، ويسر ويفرح حينما يورد أحد تلاميذه بفائدة سمعها أو قرأها من كتاب؛ لأن العلم ليس مقصوراً على أحد، وكلامه هذا دليل على تجرده العلمي بل على أخلاقه الراقية، فالعالم غير المتواضع يأنف من أن أحد من تلاميذه أو ممن هو أقل منه يصحح له خطأ وقع فيه، وإذا أورد التلميذ فائدة لم يبالِ بها وكأنه لم يسمعها، وهذه غطرسة، وعبدالفتاح أبو غُدّة -رحمه الله- زان علمه بالتواضع مع كل أحد، خاصةً طلبة العلم الذين يكنّ لهم المحبة والتقدير والاحترام والإجلال، وهو يعد نفسه كأحدهم لا يميز شخصه عنهم، وجليسه يتأثر بسمته ووقاره وسكينته وبأخلاقه العذبة. ومن العلماء الذين أشاد بهم أبو غُدّة -رحمه الله- العلامة فقيه العصر مصطفى الزرقا، الذي قال عنه: "تعلمت منه الفقه والعقل، ولا بد من الإدراك فيما تعلمت من العلم وليس فقط أن نحمل العلم بدون وعي ولا بصيرة"، ويذكر الباحث محمد آل رشيد في كتابه المذكور أن شخصيتنا تتلمذ على يده مائة عالم من شتى أقطار العالم العربي، وكذلك زار الهند وباكستان وأخذ عن بعض علمائها، كان رحّالة في سبيل تحصيل العلم واللقاء بالعلماء. بحر زاخر وعدما ارتوى عبدالفتاح أبو غُدّة -رحمه الله- من العلوم والمعارف والفنون وأصبح من العلماء المتبحرين، وبعدما زاول التدريس في سورية في حلب 11 عاماً، ثم درّس في كلية الشريعة في دمشق ثلاثة أعوام، اُستدعي للتدريس في كلية الشريعة بمدينة الرياض، وكان الذي استدعاه المفتي الشيخ محمد بن إبراهيم عن طريق تلميذه الشيخ عبدالعزيز الشلهوب -مدير معهد إمام الدعوة- فلبى الطلب، كان ذلك عام 1385ه/ 1965م، كما أورد هذا آل رشيد، فكان من حسن حظ التلاميذ والطلبة أن درسهم هذا العلَم الشامخ والبحر الزاخر الذي جمع بين المعقول والمنقول والرواية والدراية، وهنيئاً لمن استفاد منه وتعلم منه العلم؛ لأنه ليس كل من انتسب إلى كلية الشريعة أو كلية أصول الدين طالب علم حقيقي، والمفروض أن يكون كذلك، لكن حينما يتخرج البعض ويلج عالم الوظيفة ويخوض غمار الحياة تتبخر معلوماته التي درسها في الكلية إلاّ القليل ممن حباه الله حب العلم ومواصلة الدرس والتحصيل والقراءة ومذاكرة العلم مع أقرانه والمثابرة والصبر والجلد على طلب العلم، والاستفادة من العلماء خارج أروقة الكلية، ولا أعتقد أن عالماً درّس في كلية الشريعة أو في كلية أصول الدين يرفض أن يأتيه أحد تلاميذه في الكلية ليدرس عليه علماً هو بارع فيه ومتخصص في هذا العلم، ومنهم أبو غدة، مع أنني لم أتشرف بلقائه، وليتني رأيته وجالسته وأخذت عنه، والسبب أنه لم يدرسني في كلية الشريعة، وكان آنذاك قد ترك التدريس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، لكنني أفدت من بعض ما اقتنيت من مؤلفاته، أيضاً درّس في المعهد العالي للقضاء، ودرّس في كلية أصول الدين نحو 10 أعوام في قسم الحديث وعلومه، وكُلّف بالإشراف على رسائل ماجستير ودكتوراة. لقد أمضى هذا البحر في جامعة الإمام أستاذاً نحو 23 عاماً، تخرج على يديه الكثير من الأساتذة الذين يحملون شهادة الدكتوراة، ومن طلبة العلم، ومن الذين تولوا مناصب قيادية في الدولة، فهو يعد بحق شيخ العلماء، وأرجو لكل من قرأ هذه الكلمات الموجزات عن شخصيتنا من القراء وقد درّسه -شخصيتنا- أن يترحم عليه، وهذا الوفاء للشيخ والمُعلم والأستاذ، فقد ذكر شخصيتنا مقالة أبو محمد التميمي الحنبلي: "يقبح بكم أن تذكرونا وتنتفعوا بنا ولا تترحموا علينا". أستاذ ناصح وبعد جامعة الإمام دُعي عبدالفتاح أبو غُدّة -رحمه الله- إلى التدريس في جامعة الملك سعود بالرياض عام 1408ه حتى عام 1411ه أستاذاً في علوم الحديث في كلية التربية، ثم استقال من التدريس، فهذه 31 عاماً أمضاها في التدريس في المؤسسات التعليمية العالية في هذا الوطن، كان مثالاً فيها للأستاذ الناصح والمخلص الصادق في محاضراته، يعد التلاميذ كأنهم أبناءه، يحنو عليهم ويرأف بهم ويهديهم إلى طريق العلم الصحيح، فشخصيتنا صاحب منهج دقيق في تحصيل وطلب العلم ورائد في هذا المضمار، ناقلاً تجربته لهؤلاء التلاميذ والطلبة، ولا يبخل عليهم بنصائحه وتوجيهاته التي دائماً يكررها في الندوات والجلسات العامة والخاصة، فأبو غُدّة عالم جمع بين العلم والعمل، نسأل الله أن يتقبل منه كل ما قدمه للأمة الإسلامية من علم، ولا شك أنه نشر علماً ينتفع به من خلال هذه المؤلفات والتحقيقات، وهذه من الأعمال الجارية التي لا تنقطع بعد الموت. حريصاً على الوقت والمتأمل في مؤلفات عبدالفتاح أبو غُدّة -رحمه الله- التي بلغت 67 ما بين تحقيق وتأليف، وهذا العدد الضخم من هذه الآثار العلمية يحتاج إلى عمر طويل في إنجازه بل والتفرغ له كلياً لا يشغل عنه بأية مشاغل، فكيف بشخصيتنا الذي كان يدرس في الجامعات ويحاضر في الندوات ويسافر خارج المملكة وقبلها كان قد سافر كثيراً إلى أقطار كثيرة شرقاً وغرباً، ولكن بركة العلم كانت فيه، واغتنام الوقت والزمن فيما يفيد ويثمر. وتحدث الباحث سلمان -نجل عبدالفتاح أبو غُدّة- قائلاً: "كان جلداً على العلم قراءة ومطالعة وتأليفاً، لا يغادر القلم والقمطر في حله وترحاله وسفره وصحته ومرضه، وقد ألّف وأنهى بعض كتبه في أسفاره الكثيرة، كما دوّن مقدمات بعض كتبه قبل دخوله المستشفى بيوم رغم معاناته من آلام، يضيف في كتابه (الرسول صلى الله عليه وسلم وأساليبه في التعلم)، كما كان يكثر السؤال وهو في المستشفى عن كتاب (لسان الميزان)، كذلك كتب مقدمته قبل عشرين يوماً من وفاته، كان حريصاً على الزمن والوقت وكأنه شيئاً أساسياً في حياته، وكان واقعاً حياً مشاهداً على قيمة الزمن عند العلماء، وكانت حياته كلها للعلم طلباً وتدريساً ودعوة وتأليفاً وتحقيقاً وعبادة. فوائد وفرائد وروى د. أحمد معبد عبدالكريم -من تلاميذ أبو غُدّة- لما سأله أحد الجمهور في أحد دروسه عن كيفية تحصيل العلم، أجاب قائلاً: "مثل شيخنا عبدالفتاح أبو غُدّة كان يشغل الدقائق فيما يفيد، كنا معه في سفر وأحياناً تهبط الطائرة في أحد المطارات ونجلس ننتظر حتى يحين موعد إقلاع الطائرة التي سوف نسافر عليها وأحياناً الانتظار ليس طويلاً قد يكون دقائق، فنجد عبدالفتاح قد أخرج من حقيبته أوراقاً وبدأ يشتغل بهذه الأوراق" -انتهى كلامه-، وبهذا الحرص كانت هذه الآثار النفيسة والقيمة، بل إذا طبع أحد الكتب طبعة ثانية نجد فيها زيادات مفيدة وتنبيهات وفوائد وفرائد؛ لأنه حينما يطبع الكتاب الطبعة الأولى فهو لا يهمل الكتاب بل يضيف إليه وينقحه، ويصوّر هذا ابنه الباحث سلمان قائلاً: "الكتاب دائماً بين يديه، يزيد فيه وينقح، حتى أن كل طبعة من كتبه تعد بمثابة كتاب جديد، ضارباً بمثال (صفحات من صبر العلماء) الذي طبع في حياته أربع طبعات، وطبع بعد وفاته طبعتان أو ثلاث، هذا الكتاب كما يذكر سلمان أمضى في جمعه أكثر من 20 عاماً، هذا في الجمع والتأليف فقط، أمّا إذا طبع فلا يزال يراجع ويقرأ ويطالع، وإذا هناك فائدة أو معلومة قيدها حتى يتسنى له إضافتها في الطبعات القادمة، هذا فضلاً إذا جاءته بعض الرسائل تصحح أو تزيد قام بالاعتناء بها" -انتهى كلامه-. تحف رائعة وكانت تحقيقات ومؤلفات عبدالفتاح أبو غُدّة -رحمه الله- أنيقة الصورة، ذات مظهر حسن، يهتم كل الاهتمام بضبط الكلمات بالشكل وعلامات الترقيم، يرتاح القارئ حينما يقرؤها، كانت تحفاً رائعة في المضمون والشكل، بهية المظهر، جميلة المخبر، رصينة المحتوى، قويمة السبك، سلِسة الأسلوب، بل إن أسلوبه قطع أدبية لا تقل عن أساليب أئمة البيان في القرن العشرين أمثال الزيات وزكي مبارك والرافعي، فهو أديب ماهر وكاتب ينتقي ألفاظه وحتى حديثه، كان يلتزم بالفصحى مع بلاغة في الكلمات وتأنٍ في الجمل والمفردات والوقوف عند الأمثال والحكم التي دائماً ما يزين بها مستمعيه، فشخصيتنا رزق السعادة في تحقيقاته ومؤلفاته، ورأى وشاهد انتشارها في العالم العربي، ولعل ذلك بشرى عاجل له وعلامة من علامات القبول عند الله عز وجل، ونرجو ذلك، فأبو غُدّة لم يُعرف عنه إلاّ الصلاح ومطابقة القول العمل، وتميز بالأخلاق وسماحة النفس، ويشهد بذلك كل من اتصل به أو تعامل معه. كنوز علمية أعود لآثار عبدالفتاح أبو غُدّة -رحمه الله- فمعظمها تحقيقات، ولعل القارئ يرى ثبت آثاره في آخر كل مؤلف له، ولا داعي لسردها فهي كثيرة، لكن الكتابين اللذين أخذا نصيباً من الشهرة عند الناس أجمع وبالذات عند أرباب القلم وأهل العلم هما: كتاب (قيمة الزمن عند العلماء) الذي لم يؤلف على نسقه من قبل ولا بعد فيما رأيت، فهو إبداع في التأليف، ولو قرأته مرات وكرات لن تمل من قراءته، أما الكتاب الإبداعي الجليل فهو كتاب (صفحات من صبر العلماء على شدائد العلم والتحصيل)، الذي سرّ به العلماء وطاروا به، وقرضه بعضهم كما في مقدمة الكتاب، فهو سِفْر نادر في جمعه وترتيبه، ويدل على جهد جبّار في صيد الشوارد والفوائد من التراث العربي، وهو دليل على ذوق رفيع في اختيار النصوص، فهي كنوز علمية انتقاها عالم محقق جهبذ له اطلاع واسع وقراءة عميقة، فما أجّل هذا المؤلف! وأقول جازماً: لو لم يؤلف شخصيتنا إلاّ هذا الكتاب لكفاه مجداً وعلو كعب في العلم ورسوخاً في المعرفة، كيف وقد ألّف وحقق الكثير وكان لها قَبول حسن عند الكافة. وقال ابن عطاء الله السكندري -رحمه الله-: "من لم تكن له بداية محرقة، لم تكن له نهاية مشرقة"، هكذا كتبت شخصيتنا هذه العبارة على كتابه (صفحات من صبر العلماء على شدائد العلم والتحصيل)، وهو قد طبقها فعلاً -رحمه الله-، فقد بذل النفس والنفيس من حياته وصحته لأجل العلم وسافر من أجله وتعب وسهر الليالي حتى أصبحت نهايته مشرقة ومشرفة، فغفر الله له وأكرمه بالفردوس الأعلى، فلا يزال ذكره الطيب بين الناس. ورحل أبو غدة وعندما بلغ عبدالفتاح أبو غُدّة -رحمه الله- من العمر 81 عاماً، وبعد أمراض توالت عليه، توفي في سحر يوم الأحد التاسع من شوال 1417ه بمدينة الرياض، وصُلي عليه يوم الاثنين بعد صلاة الظهر في مسجد الراجحي، ثم نقل بالطائرة إلى المدينةالمنورة، حيث صُلي عليه بالمسجد النبوي عقب صلاة العشاء، وكان الجمع كثيراً من الذين حضروا دفنه في البقيع هذه المقبرة التي دفن فيها الكثير من الصحابة والتابعين. وفي الختام نوضح أن صور عبدالفتاح أبو غُدّة المرفقة مع الموضوع من كتاب (إمداد الفتاح بأسانيد ومرويات الشيخ عبدالفتاح) للباحث محمد بن عبدالله آل رشيد. أبو غّدّة صاحب منهج دقيق في تحصيل وطلب العلم عبدالفتاح أبو غُدّة في شبابه (صفحات من صبر العلماء) كتاب إبداعي ل»أبو غُدّة» (قيمة الزمن عند العلماء) من أشهر مؤلفات عبدالفتاح أبو غُدّة