هو خلق حميد، يتميز صاحبه بهدوء وسكينة ووقار واتزان ويتميز بوجه بشوش، وحسن معاملة، ألا وهو التواضع، وما تواضع أحد لله تعالى إلا رفعه الله سبحانه. المتواضع يبدأ من لقيه بالسلام، ويجيب دعوة من دعاه، كريم الطبع، جميل العشرة، طلق الوجه، رقيق القلب، متواضع من غير ذلة، جواد من غير إسراف. قال الله سبحانه: (وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا). قال الإمام القرطبي رحمه الله: قوله تعالى: (وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا) هذا نهي عن الخيلاء، وأمر بالتواضع. (تفسير القرطبي). قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ). قال الإمام ابن كثير رحمه الله: قوله تعالى: (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ)؛ هذه صفات المؤمنين الكمل أن يكون أحدهم متواضعًا لأخيه ووليه. (تفسير ابن كثير). وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله أوحى إلى أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد)). رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله. (رواه مسلم). قال الإمام ابن حجر العسقلاني -رحمه الله- في الحديث دليل على حسن خلقه صلى الله عليه وسلم وتواضعه وجبره لقلوب الناس، وعلى قبول الهدية وإجابة من يدعو الرجل إلى منزله، ولو علم أن الذي يدعوه إليه شيء قليل؛ (فتح الباري؛ لابن حجر العسقلاني). قال الشافعي -رحمه الله-: التواضع من أخلاق الكرام، والتكبُّر من شيم أخلاق اللئام، (شعب الإيمان؛ للبيهقي). وقال يحيى بن كثير -رحمه الله-: رأس التواضع ثلاث: أن ترضى بالدون من شرف المجلس، وأن تبدأ من لقيته بالسلام، وأن تكره المدحة والسمعة والرياء بالبر؛ (التواضع؛ لابن أبي الدنيا). يقول الشاعر: تواضع إذا ما نلت في الناس رفعةً فإن رفيع القوم من يتواضع ولا تمش فوق الأرض إلا تواضعًا فكم تحتها قوم همُ منك أرفع وإن كنت في عز رفيع ومنعة فكم مات من قوم همُ منك أمنع.