المستشرق البريطاني إدورد وليم لين تحدث عن شهر رمضان: إذا أعلن دخول شهر رمضان تتلألأ الجوامع أنواراً وتعلق المصابيح عند مداخلها وفوق المآذن، ولا نصادف خلال شهر رمضان الناس في الشوارع يحملون الغلايين كما في الأوقات الأخرى، بل نراهم يمشون فارغي اليدين أو يحملون عصاً أو سبحة. وتكتسي الشوارع نهاراً منظراً كئيباً وتغلق معظم المحلات أبوابها، ويعود الازدحام إليها كالعادة في فترة بعد الظهر، وتفتح المحلات أبوابها ويكون المسلمون طوال صيامهم نهاراً هادئين، ويتحولون ليلا بعد الإفطار إلى ودودين محبين بشكل غير عادي. ويدرج الأتراك في القاهرة وغيرهم في رمضان على التوجه إلى جامع الحسين في فترة بعد الظهر للصلاة والاستراحة، ويعرض بعض التجار الأتراك في مثل هذه المناسبات بضاعتهم في باحة الميضأة للبيع. ومن الشائع في رمضان رؤية التجار في متاجرهم يتلون آيات من القرآن أو يؤدون الصلوات أو يوزعون الخبز على الفقراء. يتناول المسلمون عمومًا وجبة الإفطار في المنزل، وفي بعض الأحيان يقضون ساعة أو ساعتين بعدها في منزل أحد الأصدقاء. ويذهب بعضهم، إلى المقاهي في المساء ويقيمون اللقاءات الاجتماعية أو يستمعون إلى الحكايات الشعبية كل ليلة خلال هذا الشهر. ويتدفق الناس إلى الشوارع لجزء طويل من الليل، وتبقى المحلات التجارية التي تبيع المشروبات والأطعمة مفتوحة، وهكذا يتحول الليل إلى نهار. ويعقد بعض علماء القاهرة حلقات الذكر في منازلهم كل ليلة طوال هذا الشهر. يقوم بعض الأشخاص أيضًا بدعوة أصدقائهم وأداء الذكر أو الخاتمة. أما «المتسحرون» فيطوفون كل ليلة في شهر رمضان، يتغنون بالتسبيح أمام بيت كل مسلم قادر على مكافأتهم، ويعلنون في ساعة متأخرة عن موعد السحور. كل منطقة صغيرة في القاهرة، لها مهشار خاص بها، يبدأ جولتها بعد غروب الشمس بحوالي ساعتين (أي بعد صلاة المغرب بقليل). ويحمل في يده اليسرى ما يعرف بالطبلة المهشار، وفي يده اليمنى عصا صغيرة يضرب بها. ويرافقه في جولته صبي يحمل مصباحان مؤطران بسعف النخيل. ويقفون أمام بيت كل مسلم ويضرب الساحر بصنوجه عند كل موقف ثلاث مرات ثم يطلق مدائح نبوية. (عادات المصريين المحدثين وتقاليدهم / إدورد وليم لين)