يوميات كتبها الرحالة جون لويس بوركهارت خلال رحلة قام بها إلى الجزيرة العربية الكتاب عبارة عن تاريخ للحجاز خلال عام 1810م، وهذه المنطقة لم تكن معروفة في أوروبا في زمن جون لويس بوركهارت، كما يتضمن الكتاب أيضًا وصفًا لمكةالمكرمةوالمدينةالمنورة. قال جون لويس: "في شهر رمضان أمضيت الأيام الأخيرة منه في مكة وكان ذلك في العام 1814 الميلادي يتلألأ المسجد الحرام تلألؤاً فريداً، كان الناس في ذلك الوقت المصادف لأشد أوقات العام حرارة، يؤدون الصلوات الثلاث اليومية الأولى في منازلهم، لكنهم يتجمعون بأعداد كبيرة في المسجد الحرام، لأداء صلاة المغرب والعشاء كل واحد من هؤلاء يحمل معه في غترته قليلاً من التمر، وشيئاً من الخبز والجبن، أو شيئاً من العنب، يضعه أمامه انتظاراً أن يحين أذان المغرب، ثم يبدأ في فك صيامه، طوال فترة الانتظار هذه يتبادلون في أدب مع جيرانهم جزءاً من وجبتهم ويأخذون جزءاً مثيلاً، بعض الصائمين ومن منطلق الإحسان، يتنقلون من رجل إلى رجل، ويضعون أمام كل واحد منهم قطعاً قليلة من اللحم. وعقب نداء الإمام الموجود أعلى بئر زمزم قائلاً: "الله أكبر" يسارع الجميع إلى الشرب من جرار ماء زمزم، على أن يشرب كل واحد من جرته الخاصة به ويأكل شيئاً مما أمامه قبل أداء صلاة المغرب، وبعد صلاة المغرب يعود الجميع إلى بيوتهم لتناول العشاء، ثم يعودون بعد ذلك إلى المسجد لأداء صلاة العشاء. في ذلك الوقت تكون الساحة هي والأبهاء المعمدة قد أضيئت بآلاف المصابيح، يضاف إلى ذلك أن كل صائم يأتي ومعه فانوسه الخاص ليضعه أمامه، روعة هذا المنظر، والنسيم العليل الذي يعم صحن المسجد أو ساحته، يغري جموعاً كبيرة بالبقاء في المسجد طوال الليل. هذه الساحة هي الساحة الوحيدة الواسعة والمكشوفة في المدينة كلها، وهي تسمح للنسيم العليل بالاندفاع قادماً من بواباتها. ( ترحال في الجزيرة العربية/ جون لويس بوركهات)