في هذا الشهر المبارك، نعيش حياة مفعمة بالخير والعطاء، حيث يتبادل الناس الخير والمحبة، وتعم السلامة والسكينة في كل ركن من أركان الوجود، إنه شهر رمضان الكريم، الذي يجسد في قلوبنا أعظم القيم الروحانية والأخلاقية، ويجعلنا نتذوق حلاوة الإيمان وعمق الصفاء، ويملأ أيامه بالعبادة والتقوى، ويتيح لنا فرصة لتطهير النفوس والاقتراب من الله عز وجل بالطاعة والخشوع. لكن قبل أن ينقضي الشهر الفضيل، أوقدوا فوانيس قلوبكم وضمائركم وأرواحكم البهية، دعوا هذه الروح تتمدد في آفاق البركة والرحمة وكل معنى جميل، اجعلوا من رمضان البهي بعهد جديد من النفس أمام بارئها، الذي أكرمنا بالشهر الفضيل وضاعف لنا فيه الأجر وأطلق سُحب البركة والخير تعم الأكوان، وتغمر نفحات رمضان ذي النقاء الأثير والهدوء الغرير، وجوه وقلوب الذين تجهزوا وأعدوا عُدة الإنسانية للشهر الذي تجتمع فيه الطاعات، وتسمو النفس عن الشهوات، ولنتأمل قبل الدخول إلى العشر الأواخر السباق إلى الجنان والعتق من النيران، ولنتساءل كيف لنا أن نحمد الله العلي الكبير الواهب المانح العظيم، على منحه الدائمة وكرمه وعطائه الذي لا حدود له؟ فهل الكريم يأمرنا ويدفعنا للانقطاع عن المأكل والمشرب لساعاتٍ فحسب، أم أنها الحكمة الأثيرة والمنحة الكبيرة، وتخصيص بالمزايا، واحتواء بالهداية، ومن ثم خضوع بحب دون ملل، وارتقاء عن الزلل، واقتداء بالحبيب.. فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل "كلّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَلَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ".. حتى يُصلح الله من شؤوننا ولا يكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، وقبل ذلك وبعده وأثناءه ذكر الله بالحمد والشكر والتسبيح، وتلاوة كتابه الحكيم الذي حوى العلوم والمفاهيم والقيم والأخلاق وأحسن القصص، سائلين الله دوام عطائه ومنحه بالهداية وحسن الظن بالله وسائلينه العفو والرضا، وأن يؤتينا ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة. ونسأله جل في علاه أن يحفظ بلادنا وقادتنا وإخوتنا في كل البلدان العربية والإسلامية، ويديم عليهم نعمة الأمن والرخاء. عايد رحيم الشمري