شخصياً ينتابني ألم وحسرة عند مشاهدة محل تجاري يصفّي حساباته ويغلق متجره، يعطيني انطباعاً سلبياً بمذاق الفشل، وفي المقابل يتملّكني السرور حين أشاهد مشروعاً جديداً في طور الإنشاء أو الانتهاء. الحالة ليست فردية، فهناك العديد ممن تميل نفوسهم للإنجازات وتحقيق النجاحات حتى لو كانت لغيرهم. السؤال المطروح هنا؛ لماذا تغلق بعض المحالّ التجارية أعمالها وتسرّح موظفيها وما أثر هذا اقتصادياً، على الأفراد والمجتمع والوطن؟ يمكن تصنيف هذه الأسباب إلى ثلاثة أنواع رئيسة: الأسباب الاقتصادية، والتحولات التكنولوجية، والقوانين والتنظيمات. من الناحية الاقتصادية، يمكن أن يؤدي الركود الاقتصادي وتراجع الطلب إلى انخفاض الإيرادات وجعل بعض المحالّ غير قادرة على الاستمرار في العمل. بالإضافة إلى ذلك، التنافسية الشديدة التي تجعل بعض المنشآت غير قادرة على المنافسة وتضطرها للإغلاق. لكن هناك نقطة مهمة في هذا الجانب يتغافل عنها بعض المستثمرين وهي دراسة الجدوى في المشروع من جميع جوانبه وليس من جانب نجاح السابقين في السوق فحسب، فهناك دراسة أسعار السوق وتكاليف العمالة والعقار والتنظيمات التشريعية والتي قد يطرأ عليها تحديثات قد تؤثر على الإيرادات. من ناحية التحولات التكنولوجية، لا يخفى انتشار التسوق عبر الإنترنت والتجارة الإلكترونية وبالتالي يؤثر سلباً على المحالّ التجارية التقليدية ويدفع بعضها إلى الإغلاق. بالإضافة إلى ذلك، تطور التكنولوجيا التي قد تؤدي إلى تغييرات في طرق الإنتاج والتوزيع، مما يؤثر على بعض الكيانات التجارية التقليدية ويجعلها غير قادرة على المنافسة. من حيث القوانين والتنظيمات، فإن تحديث القوانين والتنظيمات التشريعية قد تؤثر على قدرة بعض المحالّ التجارية على الاستمرار في العمل. يمكن أن تشمل هذه القيود الزيادة في التكاليف أو تطبيق بعض القوانين المتعلقة بالرسوم أو المتطلبات البيئية الطارئة. بالإضافة إلى ذلك، قد يتعين على المنشأة التجارية الإغلاق بسبب اللوائح الصحية والسلامة التي تفرضها بعض الأنظمة، خاصة في حالات الطوارئ الصحية مثل انتشار الأمراض الوبائية رغم أن بلدنا -حفظه الله- سجل موقفاً مشرفاً في جائحة كورونا في هذا الجانب وغيره. تأثير إغلاق المحالّ التجارية على اقتصاد المجتمع والوطن يمكن أن يكون كبيراً ومتعدد الجوانب، فهناك فقدان فرص العمل وارتفاع معدلات البطالة التي تعتبر أسوأ الآثار السلبية وتمسنا مباشرة وأبناءنا وبناتنا، كما يمكن أن يؤدي إلى انخفاض الإيرادات الحكومية من الضرائب والرسوم، وقد يؤثر كذلك سلباً على سلسلة التوريد والموردين المتعلقين بتلك المحالّ، ودون شك فإن فشل المنشآت التجارية الخدمية تحديداً، يمس سمعة البلد تجارياً لا سيما حين تكون المنشأة المغلقة عالمية، الأمر الذي ينعكس على قرارات المستثمرين الدوليين العازمين على دخول سوق العمل السعودي من ناحية احتمال احجامهم أو ترددهم في الاستثمار المحلي خاصة أن هناك منظمات تجارية وجهات دولية اقتصادية ترصد وتتابع أخبار المنشآت التجارية العالمية. لمعالجة هذه القضية، يمكن اتخاذ عدة إجراءات وسياسات ودراسات بحثية معمّقة لدعم هذا القطاع قبيل تعثر المنشأة التجارية لتفادي الإغلاق وتجنب التأثيرات السلبية المصاحبة على الاقتصاد المحلي والوطني والمجتمعي كذلك.