قفز حجم سوق الخضروات الطازجة العالمية إلى 668.4 مليار دولار في عام 2023، ومن المتوقع أن يتعمق السوق أكثر ليصل إلى 895.2 مليار دولار بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 3.3 %، مستفيداً من كونه قطاعاً ديناميكياً وأساسياً في صناعة الأغذية العالمية، بالإضافة إلى زيادة الإنفاق الاستهلاكي على شراء الخضروات، وبخاصة من سكان العالم النباتيين، وزيادة وعي المستهلكين إزاء فوائد المنتجات الطازجة والصحية، والتي تعد عوامل دافعة لنمو القطاع خلال السنوات القادمة. تؤثر مجموعة من العوامل على سوق الخضروات الطازجة، مثل الخصوبة الموسمية، وأنماط الطقس، وميل المستهلكين نحو الخضروات التقليدية أو العضوية، والرغبة في تشجيع الخضروات الوطنية على حساب نظيرتها المستوردة، وأحد المحفزات البارزة لنمو هذه التجارة الرائجة هو تزايد شهية المستهلكين نحو الخيارات الغذائية الصحية والمتوافقة مع البيئة النظيفة، حيث يشهد السوق نمواً في الطلب على الخضروات العضوية، مع تفضيل المصادر المحلية نظرًا لنضارتها الملحوظة، وتناقص بصمتها البيئية، ومساهمتها في تعزيز الاقتصاد الوطني، مما يفتح آفاقًا تجارية كبيرة للمزارعين وتجار التجزئة القادرين على تلبية رغبات المستهلكين المتطورة، في الوقت نفسه، تبرز روح العمل من المزرعة إلى المائدة، العلاقة المباشرة بين المستهلكين والمزارعين القريبين، مما يعزز الثقة والشفافية في تحديد مصادر الخضروات الطازجة. تشكل المنافسة الشديدة وتقلبات الأسعار حركة السوق، مما يستلزم التركيز الشديد على جودة المنتج والعلامات التجارية وإدارة سلسلة التوريد الفعالة، بالإضافة إلى ذلك، يتعين على اللاعبين في السوق الاستجابة للمخاوف المتعلقة بسلامة الأغذية، وذلك عبر الامتثال التنظيمي، والالتزام الصارم بمعايير الصحة العامة، من أجل الحفاظ على ثقة المستهلكين، فيما تظل القدرة على التكيف والابتكار والالتزام بالجودة عناصر محورية لتحقيق النجاح في هذا القطاع المتطور، مع الاستمرار في إعطاء الأولوية للصحة والاستدامة، فإن مستقبل سوق الخضروات الطازجة يبشر بالخير، شريطة استمرار النمو والابتكار. وعموماً، فقد أدى التحول النموذجي في عقلية المستهلكين إلى تحفيز المطاعم ومحلات السوبر ماركت ومقدمي الخدمات الغذائية على إعطاء الأولوية للمشتريات المحلية وإبراز أصول منتجاتهم الزراعية، والحد من انبعاثات الكربون المرتبطة بالنقل، مما يولد مزيداً من الأرباح لصغار المزارعين، من جهة أخرى، تمثل المخاطر المرتبطة بالطقس عائقًا هائلًا على مسار نمو سوق الخضار، وهذه المخاطر تتطلب زيادة الاستثمار في تدابير الحماية والتكنولوجيا المبتكرة، حيث تثير الظواهر الجوية المفاجئة الفوضى في موسم الحصاد، وذلك مثل فترات الجفاف الطويلة، والفيضانات الكارثية، والأعاصير الشديدة، والصقيع المفاجئ، مما يؤدي إلى تناقص المحاصيل، وربما الفشل الكامل للموسم الزراعي، وهذا له تبعات خطيرة بالنهاية على سلسلة التوريد، وتقلبات الأسعار. سوق الخضروات الطازجة تركت جائحة كورونا، التي تفشت قبل أربع سنوات، ندوباً في سوق الخضروات الطازجة، حيث شهد السوق في البداية اضطرابات في سلاسل التوريد بسبب عمليات الإغلاق ونقص العمالة، ثم ارتفع الطلب على المنتجات الطازجة لاحقًا مع إعطاء الأولوية لسلامة المستهلكين، الذين أصبحوا أكثر وعياً بأهمية الأطعمة الطازجة والصحية، فزادت مبيعات الخضروات عبر الإنترنت، وانتعشت أسواق المزارعين المحليين، ومع ذلك، فقد واجه قطاع الخدمات الغذائية، وهو مشتري رئيس للخضروات الطازجة، خسائر كبيرة بسبب إغلاق المطاعم فترة الوباء، مما سلط الضوء بكثافة على حاجة القطاع إلى سلاسل توريد مرنة. وفقًا لقنوات التوزيع، استحوذ القطاع التقليدي، من خلال التواصل المباشر بين البائع والمستهلك وجهاً لوجه، على إيرادات تبلغ 82 % في عام 2023، حيث يفضل المستهلكون عمليات الشراء داخل المتاجر، والتي تمكنهم من فحص خضرواتهم واختيارها شخصياً للتأكد من نضارتها وجودتها، في الوقت نفسه، تتمتع المتاجر المادية، مثل محلات السوبر ماركت وأسواق المزارعين، بشبكات توزيع راسخة وحضور واسع، مما يتيح إمكانية الوصول إلى قاعدة واسعة من العملاء، بالإضافة إلى أن نقطتي الضعف الرئيسة لقنوات البيع عبر الإنترنت والتي تتمثل في إمكانية تلف الخضروات، ومخاوف عدم التسليم في الوقت المناسب، تعد في نفس الوقت ضمن نقاط القوة لقنوات التوزيع التقليدية. في المقابل، من المتوقع أن يتوسع بيع الخضروات الطازجة عبر الإنترنت بمعدل نمو سنوي مركب 4.7 % حتى نهاية العقد الحالي، مستفيدة من سهولة التسوق عبر الإنترنت وإمكانية الشحن والتوصيل إلى المنازل، بالإضافة إلى أن منصات التجارة الإلكترونية تقدم مجموعة واسعة من الخضروات الطازجة، التي غالبا ما يتم الحصول عليها مباشرة من المنتجين المحليين أو الإقليميين، مما يوفر للمستهلكين خيارات قد لا يجدونها في المتاجر التقليدية، في ذات الوقت، تتيح منصات لإنترنت قدرًا أكبر من الشفافية في تحديد المصادر والتسعير، مما يعزز الثقة بين المستهلكين، وقد ساهمت مزايا التحول الرقمي في ارتفاع مبيعات الخضروات عبر الإنترنت. وفي عام 2023، حصدت الطماطم أعلى الإيرادات في سوق الخضروات، وذلك بنسبة 20 %، وتعود هيمنة الطماطم في سوق الخضروات إلى انتشارها في كل مكان، وقابليتها للتكيف مع الطهي، وجاذبيتها المستمرة على مدار العام، بالإضافة إلى أنها تلعب دورًا محوريًا في مجموعة واسعة من المأكولات، حيث تعد عنصرًا أساسيًا في المطبخ، ويمتد استخدامها المتنوع من السلطات والصلصات إلى الحساء ومجموعة الأطباق الشهية في المطاعم، إلى جانب شعبية البيتزا والمكرونة، مما يعزز الطلب الدائم على الطماطم، والتي تتميز بمدة صلاحية كبيرة نسبيًا، وملاءمتها للتعليب والمعالجة، مما يؤكد مكانتها البارزة في السوق. من جهة أخرى، يتوسع قطاع البصل محققاً نموًا كبيرًا نظرًا لتعدد استخداماته في الطهي على نطاق واسع، ومدة صلاحيته الممتدة، حيث يعتبر عنصراً أساسياً في المأكولات المختلفة، مما يجعله خيارًا ثابتًا للمستهلكين، كما يتمتع البصل بقدرة تخزين أطول نسبيًا مقارنة بالعديد من الخضروات الأخرى، الأمر الذي يسمح بتوافره على مدار العام ويقلل من تأثير التقلبات الموسمية، ويساهم قدرة البصل على تحمل التكاليف وقدرته على إضافة النكهة والملمس إلى مجموعة واسعة من الأطباق في نموه الكبير في السوق، وهذا الأمر يجعل البصل حجر الزاوية في قطاع الخضروات الطازجة. استحوذت منطقة آسيا والمحيط الهادئ على أكبر حصة من الإيرادات بنسبة 66 % في عام 2023، حيث بلغت قيمة سوق الخضروات الطازجة 429 مليار دولار في العام الماضي، ومن المتوقع أن تصل إلى 602.3 مليار دولار بحلول عام 2030، محققة معدل نمو سنوي مركب قدره 3.5 %، مستفيدة من حجم السكان الهائل في دول مثل الصينوالهند، مما يعزز الطلب المحلي الكبير على الخضروات الطازجة، والذي يعتبر حافزاً لزيادة الإنتاج والاستهلاك، بالمقارنة العالمية، ويتم تحقيق معظم الإيرادات في الصين والتي بلغت نحو 100 مليار دولار في 2023، وعلاوة على ذلك، فإن التفضيلات الغذائية المتأصلة في الثقافات الآسيوية تعطي الأولوية للخضروات الطازجة باعتبارها عنصراً محورياً في التغذية اليومية، في الوقت نفسه، تستفيد المنطقة من مجموعة متنوعة من المناخات والطبيعية الجغرافية، التي تسهل زراعة مجموعة واسعة من الخضروات على مدار العام، مما يضمن إمدادات ثابتة ويخفف من آثار التقلبات الموسمية. وقد أدى التحضر المزدهر والطبقة المتوسطة الآخذة في الاتساع في مختلف الدول الآسيوية إلى تعزيز القوة الشرائية للمستهلكين، مما عزز الميل المتزايد نحو الراحة وزيادة الطلب على الخضروات الطازجة المعبأة والمعالجة، من جهة أخرى، استفادت منطقة آسيا والمحيط الهادئ من كونها نقطة محورية للاستثمار في مجال التقنيات الزراعية، وأنظمة الري المتقدمة، والبنية التحتية القوية، مما أدى إلى زيادة المحاصيل وتحسين جودة الخضروات الطازجة، وإلى جانب التركيز الواضح على الاستفادة من أسواق التصدير، فإن هذه العوامل مجتمعة تجعل المنطقة قوة بارزة في ساحة الخضروات الطازجة العالمية. وفي أوروبا، بلغت إيرادات سوق الخضروات الطازجة 192 مليار دولار في عام 2023، ومن المقرر أن ينمو القطاع بمعدل نمو سنوي بنسبة 6 % حتى نهاية العقد الحالي، في المقابل، تشهد أسواق الخضروات في أميركا الشمالية أسرع توسع مع أعلى معدل نمو سنوي مركب يبلغ 4.1 %، وقد بلغت إيرادات سوق الخضروات الطازجة 92.6 مليار دولار في عام 2023، بفضل الوعي الصحي المتزايد بين المستهلكين، حيث تتميز هذه القارة المهمة ببنية تحتية زراعية قوية وفعالة، مما يسمح بزراعة وتوزيع المنتجات الطازجة على مدار العام. من جهة أخرى، تسهل مناخات منطقة أميركا الشمالية المتنوعة وتقنيات الزراعة المتقدمة من عملية إنتاج الخضروات المتسقة والمتنوعة، مما يقلل من القيود الموسمية، بالإضافة إلى أن التزام أميركا الشمالية الثابت بمعايير سلامة وجودة الأغذية الصارمة يعزز من ثقة المستهلكين في شراء الخضروات الطازجة من مصادر محلية، في الوقت نفسه، يلعب جانب الراحة دورًا محوريًا في نمو السوق، حيث يبحث المستهلكون عن خيارات جاهزة يسهل الوصول إليها مثل الخضروات المقطعة مسبقًا وأدوات السلطة. أما في السعودية، فإن الواردات السنوية من الخضروات تبلغ 9 مليارات دولار، أي أن المملكة تحتل المركز 18 بين أكبر مستوردي الخضروات في العالم، فيما تأتي الخضروات رقم 5 في الترتيب بين المنتجات التي تستوردها السعودية، وتأتي الواردات بشكل أساسي من: الهند (1.28 مليار دولار)، وأستراليا (1.02 مليار دولار)، والولايات المتحدة (920 مليون دولار)، والبرازيل (891 مليون دولار)، والأرجنتين ( 658 مليون دولار)، في المقابل، تصدر السعودية خضروات سنوية بقيمة 481 مليون دولار، مما يجعلها في المرتبة 89 بين أكبر مصدري القطاع في العالم، وتعد الخضروات المنتج رقم 14 بين المنتجات الأكثر تصديرًا في المملكة، وتذهب الصادرات بشكل أساسي إلى: الكويت (168 مليون دولار)، والإمارات (111 مليون دولار)، وسلطنة عمان (30.1 مليون دولار)، والأردن (28.7 مليون دولار)، والمغرب (21 مليون دولار). د. خالد رمضان