الكاتب أو الناقد الصحافي الذي يرى القصور وينتقده ولا يرى الإنجاز ويشيد به هو في ظني كاتب صحافي أعور أو غير مهني ولا عادل، قد يقول قائل إن الأصل هو القيام بالعمل الصحيح وأن الإنسان ينتقد على الخطأ لأنه ما يلفت الانتباه أما الصواب فأمر طبيعي قد لا يلفت الانتباه، لكنني أقول إن إصلاح الخلل أو العدول عن إجراء خاطئ هو الأجدر بالذكر ولفت انتباه القارئ إليه فالأمر يختلف عن مجرد الإشادة بموظف أدى عمله إلى الإشادة بعمل كان قاصرا فتم إيصاله لقرب درجة الكمال. من ضمن حزمة من قرارات الحزم والعزم وتسهيل الإجراءات التي كانت معقدة وبيروقراطية، قرار تسهيل أمر الإخلاء الطبي بواسطة طائرات الإخلاء وجعل أمره متروكا للحاجة الطبية والقرار الطبي دون انتظار الحصول على أمر إداري أو إذن كما كان سابقا، فكل ما يحتاجه المواطن هو تقرير طبي يشتمل على عنصرين مهمين هما: الحاجة إلى نقل المريض أو المصاب عاجلا بالطائرة وإمكانية سلامة نقله بالطائرة أي أن حالته تسمح بنقله دون خطورة عليه. هذا التحول في أمر إجراءات الإخلاء الطبي أتاح الفرصة لإنقاذ العديد من أرواح المواطنين، فقد تم نقل العديد من المرضى ليس فقط من الداخل بين مستشفيات داخل المملكة، ولكن تم وبسرعة نقل مواطنين مرضى أو مصابين من عدة دول في العالم وبسرعة فائقة وكفاءة عالية، فقد تم النقل من تايلند والمغرب ومصر وأمريكا والأردن والكويت وكثير من دول العالم. الإخلاء الطبي السريع بالطائرة ليس بالأمر السهل فهو جهد مشترك وتنسيق كبير بين عدة أطراف وعدة تخصصات، ليست صحية فقط بل الصحية جزء أساس منها، لكنها تشمل أطراف أخرى تقنية وهندسية وجدولة طيران وفنيو أجهزة طبية خاصة وغيرها من التخصصات، وما نجده في وطننا الغالي من تسخير هذه الخدمة لتكون إجراء ميسرا، وشبه روتيني، دلالة واضحة على أن هذا الوطن لا يتخلى عن مواطنيه مهما كان الثمن والتكلفة ويسخر لهم الخدمات الإنسانية بسخاء غير مسبوق دوليا (لم يقدمه وطن غيره لمواطنيه) وهي دلالة تضاف إلى ما شهدناه من مواقف فريدة قدمتها السعودية لمواطنيها والمقيمين فيها بل وحتى المخالفين في الإقامة إبان أزمة (كورونا) في وقت تخلت دول تدعي أنها عظمى ومتقدمة عن مواطنيها. لذا قلت إن تسهيل الإخلاء الطبي هو عدم تخلي الوطن عن مواطنيه وأكرر دعاء أمهاتنا وجداتنا لمن يغلونه ويغليهم فيقولون (الله لا يخلينا منك)، الله لا يخلينا من وطن لم يتخل عنا، ويحفظ لنا قيادة اتخذتنا أخلاء فاتخذنا كل منهم خليلا.