إذا دخل أهل الجنة الجنة فهم فيها خالدون أبداً لا يخرجون منها، وكذلك أهل النار خالدين فيها لا يخرجون منها. ويتضمن القرآن الكريم آيات عديدة في هذا المجال وهي تذكّر دوماً بهذه الحقيقة وتزفّ البشرى للإنسان معلنة عن خلود النعم الإلهيّة، ليهنأ بها الإنسان ويعيش في فرح وحبور كما جاء في قوله تعالى: {أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا}. ومن دخل الجنة فإنه ينال من النعيم المقيم الأبدي ما لا يخطر له على البال ونعيم الآخرة غير ما نتصوره نحن في الدنيا وكل أهل الجنة راضون بما هم فيه من النعيم وإن تفاوتت درجاتهم. ولولا الأدلة القطعية الدالة على أبدية الجنة ودوامها لكان حكم الاستثناء في الموضعين واحداً، كيف وفي الآيتين من السياق ما يفرق بين الاستثناءين، فإنه قال في أهل النار: {إن ربك فعال لما يريد}، فعلمنا أنه سبحانه وتعالى يريد أن يفعل فعلا لم يخبرنا به، وقال في أهل الجنة :{عطاء غير مجذوذ}، فعلمنا أن هذا العطاء والنعيم غير مقطوع عنهم أبداً، فالعذاب مؤقت معلق، والنعيم ليس بمؤقت ولا معلق. كما أخبر الله سبحانه وتعالى ببقاء نعيم أهل الجنة ودوامه، وأنه لا نفاد له ولا انقطاع، وأنه غير مجذوذ، وأما النار فلم يخبر عنها بأكثر من خلود أهلها فيها، وعدم خروجهم منها، وأنهم لا يموتون فيها ولا يحيون، وأنها موصدة عليهم، وأنهم كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها، وأن عذابها لازم لهم، وأنه مقيم عليهم لا يفتر عنهم. المصدر: ( كتاب نفحات القرآن وكتاب حادي الأرواح - ناصر مكارم الشيرازي، الإمام ابن قيم الجوزية)