{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} هل تساءل أحدكم: لماذا خلق الله حواء من ضلع آدم وكان قادراً على أن يخلقها من تراب كما خلق آدم؟ ذلك أن أصل الخلقة تبقى في الكائن وإن اتخذ بعد ذلك شكلاً آخر، فالملائكة مفطورة على الطاعة ولو كان عندها القدرة على المعصية ما عصى منها إلا قليل ذلك أن أصل النور الخير، في حين أن الجن لهم القدرة على الطاعة والمعصية فأغلب الجن عصاة لأن أغلب النار الشر، وما آمن منهم إلا قليل بمقدار ما نستفيد من النار، لهذا السبب بالضبط خلق الله حواء من ضلع آدم لتبقى أصل الخلقة في الطبع، لتبقى حواء تشعر أنها جزء من آدم ويبقى آدم يشعر أن حواء قطعه منه، إنه إتقان الخالق والطريقة الحكيمة لانجذاب الرجل للمرأة والمرأة للرجل من أجل إعمار الأرض التي خلقت لهما، وانظر دقة التعبير (لتسكنوا إليها) اللام للتعليل؛ أي أن سبب خلقة المرأة من ضلع الرجل أن يسكن إليها، وسكنها إليه مفهوم من السياق ضمناً، ولم يقل لتسكنوا معها، فالزواج أكثر من شراكة في البيت والزوجان يجمعهما أكثر من سقف وأبعد من سرير «لتسكنوا إليها» أي: لتجعلوهن بيوتاً داخل البيوت ومنازل داخل المنازل، فكما يأوي الرجل إلى بيته طلباً للستر يأوي إلى زوجته، وكما يأوي الرجل إلى بيته طلباً للراحة يأوي إلى زوجته، عندما خلق الله حواء من ضلع آدم جعلها في أصل الخلق قطعه منه، والفطرة تقتضي أن يعاملها على هذا الأساس على أنها قطعة منه.