أدانت مصر بأشد العبارات الانتهاكات للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان كافة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، واستخدام سلاح التجويع والحصار والتهجير القسري لتصفية القضية الفلسطينية، مشددة على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار والامتناع من القيام بأي عملية عسكرية إسرائيلية في مدينة رفح الفلسطينية، الملاذ الأخير لأكثر من 1,4 مليون نازح فلسطيني، كما حذرت من أي عمل عسكري تحت هذه الظروف لما له من عواقب كارثية تهدد أسس السلام في المنطقة. وشدد وزير الخارجية المصري سامح شكري، في كلمة أمام الدورة الخامسة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان في جنيف على ضرورة تنفيذ قرارات مجلس الأمن لضمان النفاذ الآمن والمستدام والعاجل للمساعدات الإنسانية لمختلف أنحاء القطاع، وتمكين المنظمات الإنسانية من القيام بمهامها، لاسيما وكالة الأونروا التي لا بديل لها ولا غنى عن أنشطتها المنقذة للحياة في فلسطين والأردن وسوريا ولبنان، معرباً عن استهجان مصر الشديد لمحاولة استهدافها وتعليق عملها وما لذلك من أثر سلبي على تمتع الشعب الفلسطيني بحقوق الإنسان. وأكد شكري أن أزمة غزة الأخيرة أصبحت كاشفة لمعضلة ازدواجية المعايير في التعاطي مع الأزمات الدولية والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ولحالة الاستقطاب الحاد التي يعانيها النظام الدولي، ففي الوقت الذي يتعمد فيه البعض إجهاض مساعي وقف إطلاق النار في قطاع غزة، نجدهم يبذلون كل ما بوسعهم لوقف الحرب في أزمات أخرى، وهو أمر أصبح بمثابة إعطاء إسرائيل ضوءاً أخضر للاستمرار في انتهاكاتها، ومازالت دولاً ضمن أعضاء المجلس تتقاعس في حالة غزة عما اتخذته حيال قضايا أخرى من الإنبراء في الإدانة وتوصيف الأفعال بصفتها انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني تستوجب التصدي لها، مكتفية في حالة غزة بالتوقع بأن يُحترم القانون الدولي وحقوق الإنسان دون اكتراث إذا اُسْتُجِيب لنداءاتها، بل وتوسلاتها من عدمه، ويبدو أن الحياة في غزة لا ترقى لاهتمامها، وأن حياة الأطفال الذين قتلوا بعشرات الآلاف لا تحرك مشاعرهم فهم أقل قيمة من غيرهم. وأوضح أن مصر حرصت منذ اندلاع الأزمة على ضمان استمرار تدفق المساعدات الإنسانية العاجلة، وستواصل جهودها للتوصل إلى وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن والأسرى، وتدفق المساعدات الإنسانية، كما ستواصل جهودها لإنهاء الأسباب المؤدية للصراع وفي مقدمتها إنهاء الاحتلال ودعم حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدسالشرقية. وشدد على أن المجلس ما زال بإمكانه القيام بدور أكبر في التعامل مع تلك التحديات، إذا امتنع أعضاؤه عن تطبيق المعايير المزدوجة واستهداف الدول لأغراض سياسية وحماية دول أخرى رغم ما تقترفه من فظائع ونهض الضمير الدولي للفظ الانتقائية والتسييس إعلاءً لحماية حقوق الإنسان للجميع، والعمل على استعادة روح التوافق وتفادي فرض مفاهيم خلافية دون احترام الخصوصيات الثقافية والحضارية والدينية التي تُعد مصدراً للثراء والتعددية.