هزم دونالد ترمب السبت نيكي هايلي، آخر منافسيه الجمهوريّين، في الانتخابات التمهيديّة لحزبه في كارولاينا الجنوبيّة، وفق ما أظهرت توقّعات بثّها عدد من وسائل الإعلام الأميركيّة. ويُمثّل فوز ترمب انتكاسة لهايلي التي تُجسّد جناحا أكثر اعتدالا في الحزب الجمهوري، خصوصا أنّ هذه الانتخابات جرت في الولاية التي كانت حاكمةً لها لستّ سنوات. وفي أوّل تصريحات يُدلي بها بُعيد فوزه، وفي مؤشّر إلى أنّه لم يعد يرى في هايلي تهديدا له، توجّه ترمب من كولومبيا، عاصمة الولاية، إلى الرئيس الأميركي بالقول "جو بايدن أنت مطرود!". وكان ترمب يتحدّث أمام جمع من أنصاره، وسط الهتافات والتصفيق. وتوقّعت وسائل الإعلام الأميركيّة فوز ترمب بعد ثوانٍ قليلة على إغلاق مراكز الاقتراع. وقال ستيفن تشيونغ، المتحدّث باسم ترمب، في بيان "الليلة تنتهي الانتخابات التمهيديّة. حان وقت الانتقال إلى الانتخابات الرئاسيّة حتّى نتمكّن من هزيمة جو المعتوه"، مستخدما أحد التعابير المفضّلة لدى الرئيس الجمهوري السابق. من جهتها، أعلنت هايلي عزمها على البقاء في السباق للفوز بترشيح الحزب الجمهوري لخوض انتخابات الرئاسة الأميركيّة، رغم هزيمتها أمام ترمب. وقالت هايلي لمؤيّديها خلال تجمّع في تشارلستون "لن أتخلّى عن هذه المعركة". ويواجه الرئيس الجمهوري السابق أربع لوائح اتّهام جنائيّة. وأوضح الخبير السياسي جوليان زيليزر لوكالة فرانس برس أنّ "هايلي تبقى في السباق بسبب احتمال إدانة" ترمب. وقال إنّ "أملها الوحيد هو أن تصمد فترة كافية" ريثما تأخذ الإجراءات القانونيّة مجراها. والجمعة، قال الرئيس السابق لأنصاره خلال تجمّع انتخابي " غدا ستُشاركون في واحدة من أهمّ الانتخابات في حياتكم". وتوعّد ترمب بأن يُبرهن لبايدن والديموقراطيّين "أنّنا آتون بسرعة قطار شحن في نوفمبر"، في الانتخابات الرئاسيّة. وفتحت مراكز الاقتراع عند السابعة صباحا بالتوقيت المحلّي (1200 ت غ). ولم يتعيّن على سكّان كارولاينا الجنوبيّة الإشارة إلى ميولهم الحزبيّة عند تسجيلهم للتصويت. واعتمدت هايلي على أصوات المعتدلين. وهي تُعدّ محافظة تقليديّة تدافع عن تشكيل حكومة محدودة وتبنّي سياسة خارجيّة قويّة. وحضّت المرشّحة الخمسينيّة المحافظين على اختيار "جيل جديد من القادة المحافظين" بدلا من "سنواتٍ أربع أُخَر من فوضى ترمب". لكنّها سبق أن خسرت الانتخابات التمهيديّة أمام ترمب في أيوا ونيو هامبشر ونيفادا. وأثنى ناخبون أجرت معهم وكالة فرانس برس مقابلات الخميس في كولومبيا على كلا المرشّحَين، رغم أنّ أحد الناخبين شعر بأنّ هايلي غير مستعدّة لتولّي المنصب بينما وجّه آخر انتقادات لترمب لأنّه "مثير للانقسام". ورأى ديفيد غيليام (55 عاما)، وهو مستشار مالي قال إنّه سيُصوّت لهايلي، أنّ ترمب "سيُلاحق جميع من لا يتّفقون معه. ولأنّني مسيحي، فأنا لا أشعر بالرضى تجاه ذلك". وجرت هذه الانتخابات وسط مؤشّرات إلى أنّ ترمب يُشدّد قبضته على الحزب الجمهوري بينما يدفع لإجراء تعديل لتثبيت أفراد من عائلته وحلفائه على رأس اللجنة الوطنيّة للحزب الجمهوري. وتعهّدت زوجة ابنه، لارا ترمب، إنفاق "كلّ قرش" من أموال الحزب على حملته الرئاسيّة إذا أصبحت رئيسة مشاركة للّجنة. وقالت إنّ تسديد أتعاب محاميه يحظى باهتمام الناخبين الجمهوريّين. وسعت هايلي إلى التركيز على "الفوضى" التي تقول إنّها تنبع من ترمب، مشيرة إلى 8 ملايين دولار من التبرّعات الانتخابيّة التي أنفقها على الرسوم القانونيّة في يناير. وتوقّعت أن يصل إجمالي إنفاقه على القضايا المعروضة على المحاكم هذا العام إلى 100 مليون دولار. واتّهمت المتحدّثة باسم حملة هايلي، أوليفيا بيريز-كوباس، ترمب بأنّه حوّل حملته الرئاسيّة إلى صندوق تبرّعات لقضاياه أمام المحاكم و"لن تتبقّى لديه موارد أو يكون قادرا على التركيز لمواجهة جو بايدن والديموقراطيّين". وعلى غرار الديموقراطيّين، وجّهت هايلي انتقادات حادّة لترمب بسبب مواقفه الدوليّة وإعجابه بقادة الأنظمة الأكثر استبدادا في العالم. وانتقدت ردّ فعل ترمب على وفاة المعارض الروسي أليكسي نافالني وتجنّبه انتقاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وأحدث ترمب مؤخرا صدمة أيضا في صفوف حلفاء واشنطن الغربيّين بعدما قال إنّه "سيشجّع" روسيا على مهاجمة أعضاء في حلف شمال الأطلسي لا يفون بالتزاماتهم الماليّة. وكانت هايلي متأخّرة عن ترمب بأكثر من 50 نقطة مئويّة في الانتخابات التمهيديّة الجمهوريّة، لكنّها شدّدت على أنّ فرصها أكبر في التغلّب على بايدن في الانتخابات الوطنيّة. ويُرجَّح أن تُطرح قضيّة الحقوق الإنجابيّة في الانتخابات بشكل بارز، مع تجنّب ترمب اتّخاذ موقف واضح من المقترحات بشأن منع الإجهاض على المستوى الوطني بعد تعيينه ثلاثة قضاة تمكّنوا من إلغاء الحماية الفدراليّة لحقّ الإجهاض. وأضيفت مشكلة أخرى بعد قرار أصدرته المحكمة العليا في ولاية ألاباما الجنوبيّة قضى بأنّ الأجنّة المحفوظة بالتجميد يمكن اعتبارها "أطفالا". ومن شأن ذلك أن يفتح جبهة جديدة ويطرح أسئلة حول عيادات الإخصاب في المختبر.