اليوم قد يكون الوعي بالصحة النفسية أحد أكثر القضايا إلحاحًا التي نواجهها حاليًا في قطاع الرعاية الصحية ككل لأنها تؤثر بشكل عميق على كل جانب من جوانب حياتنا وتؤثر على أفكارنا وأفعالنا وتفاعلاتنا.. وبالإضافة إلى تأثير الصحة النفسية أو العقلية على حياتنا اليومية، يمكن أن تؤثر على علاقاتنا وحياتنا المهنية والتعليمية وتحقيق أهدافنا.. ومع زيادة معدلات الأمراض العقلية والنفسية في جميع أنحاء العالم، فإن مواجهة تحديات الصحة النفسية عند ظهورها يمكن أن تغير حياتنا وحتى تنقذها. اليوم تعد اضطرابات القلق مشكلة صحية نفسية شائعة على مستوى العالم، وتشير بعض الدراسات إلى أن ما يقرب من 1 من كل 3 أشخاص سيواجهون اضطراب القلق في حياتهم حيث تتراوح أعراض القلق من التوتر أو العصبية إلى نوبات الهلع والأمراض الجسدية إلى اضطراب القلق العام، والقلق الاجتماعي، وقلق الانفصال، والرهاب المحدد، وغيرها من الاضطرابات القائمة على القلق. اليوم الاكتئاب هو اضطراب شائع آخر له القدرة على التأثير بشدة على حياة الشخص، وتشمل الأعراض عادة الحزن المستمر، أو الفراغ، أو التهيج، أو ضعف الحافز، أو الشعور بالذنب، أو الشعور بتدني قيمة الذات. قد يواجه الأشخاص المصابون بالاكتئاب أيضًا صعوبات في التركيز، أو آلامًا، أو مشاكل في الجهاز الهضمي، أو تغيرات في عادات نومهم وتناولهم للطعام.. كما يؤدي التأثير النفسي لحدث أو تجربة مؤلمة إلى اضطراب ما بعد الصدمة.. وتشمل أعراضه ذكريات الماضي والذكريات غير المرغوب فيها والكوابيس ونوبات الذعر. اليوم يعد الإدمان مصدر قلق آخر للصحة النفسية والعقلية والذي تزايد في السنوات الأخيرة، مع زيادة سريعة في الوفيات الناجمة عن تعاطي جرعات زائدة من المخدرات؛ الكحول هو المادة الأكثر تعاطيا، لذلك يعتبر الإدمان مرضا معقدا لا يستطيع الكثيرون التغلب عليه إلا بمساعدة المتخصصين. اليوم السعي لجودة الحياة يتطلب السعي بجدية إلى الاهتمام بالصحة النفسية باعتبارها "الرفاهية العاطفية والنفسية والاجتماعية للشخص".. فقد أفادت منظمة الصحة العالمية عن ارتفاع حاد في عدد الأشخاص الذين يعانون من أمراض عقلية في السنوات الأخيرة، حيث أدى وباء كوفيد -19 إلى تفاقم مشاكل الصحة العقلية والنفسية بصفة عامة في جميع أنحاء العالم.. في حين يتم فقدان تقريبا 12 مليار يوم إنتاجي بسبب الاكتئاب والقلق، مما يكلف الاقتصاد العالمي تريليون دولار من الإنتاجية المفقودة. ومع ذلك، يتم إنفاق أقل من 2% من ميزانية الصحة العالمية على الصحة العقلية. وفي دول مجلس التعاون الخليجي لا تزال أنظمة رعاية الصحة النفسية تعاني من تحديات هيكلية بما في ذلك النقص في المتخصصين في مجال الصحة النفسية المؤهلين في جميع العلاجات النفسية. اليوم وبالإضافة إلى ذلك، وجدت الدراسات أنه مقابل كل دولار يتم استثماره في علاج موسع للاكتئاب والقلق، هناك عائد قدره 4 دولارات في تحسين الصحة والإنتاجية.. فعادةً ما يظهر الأشخاص الذين يعانون منها انخفاضًا في الإنتاجية ويحتاجون إلى مستويات أعلى من الرعاية الصحية وهذا يزيد من العبء الاقتصادي المجتمعي.. لذلك أصبح من الواضح وبشكل ملح للحكومات والشركات على حد سواء الاستثمار أكثر في زيادة فرص الحصول على رعاية الصحة النفسية.