من يعش على أرض المملكة يدرك كم هي ممتعة تجربة التخييم في الصحراء في هذه الفترة الباردة من كل عام بكل ما تحمله من إثارة وتغيير، فمع بداية موسم «التخييم» في مطلع نوفمبر وحتى مارس وهي الفترة الأشهر التي تشهد فيها المملكة انخفاضاً في درجة الحرارة تنطلق الأسر لتجربة الحياة في الهواء الطلق، وقضاء وقت استثنائي حول شبة النار ورصد لمعان النجوم في السماء الليلية، كما توفر الجبال الشاهقة الموجودة مساحات واسعة لاستكشاف الطبيعة والمشي عبر ممراتها الجبلية والاستمتاع بالمناظر الخلابة من فوق القمة. بالإضافة إلى ذلك تحتضن المملكة شواطئ ساحرة تقع على سواحل البحر الأحمر والخليج العربي، وفيها يُمكنك التخييم على الرمال البيضاء الناعمة واستكشاف الشعاب المرجانية والغوص في الأعماق الزرقاء. ويعد التخييم جزءاً من تاريخ المملكة وتراثها وموروثها الشعبي المرتبط بالصحاري، فقد كانت تتجسّد قديماً في حمل الأجداد خيامهم على ظهور الإبل، ونصبها في أماكن الرزق والمعيشة، ولكن مع مرور العقود تحوّلت إلى عادة يتبعها السعوديون شتاءً، وهذه العادة طالها الكثير من المظهر العصري كجزء من التحول الذي يقوده الجيل الحالي الأكثر عصرية وشبابية في البلاد، حيث تحولت فنون التخييم وتراثها إلى رحلة فاخرة وجزءا من أسلوب حياة يعتمد على الراحة والرفاهية، وتتسابق الشركات الكبرى في الاستثمار في هذا القطاع، وتوفير كافة وسائل الراحة والتسلية، لضمان أفضل تجربة للزوار والاستمتاع بلحظات استثنائية. تجربة ممتعة أكد عاملون في مجال السياحة المحلية أن المخيمات الصحراوية تمثل منتجًا سياحيًا يجذب زوار المملكة، ومن المتوقع زيادة أهميتها بفعل الانفتاح السياحي الكبير الذي تشهده المملكة حاليًا. وهو الأمر الذي تنبه إليه رجال الأعمال في سعيهم لتعزيز وتطوير تلك المخيمات وتوسيع نطاق الأنشطة بها، ويتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة تركيزًا متزايدًا على هذا المنتج السياحي، نظرًا لارتفاع الطلب عليه من قبل الزوار الأجانب، خاصة السياح الأوروبيين الذين يفتقدون إلى تجربة الصحراء الطبيعية في بلدانهم. كما أشاروا إلى أن الصحراء كانت دائمًا محط اهتمام رئيسي للعاملين في السياحة المحلية في البلاد، حيث تُعتبر المخيمات والأنشطة الصحراوية ورحلات السفاري وتناول العشاء في قلب الصحراء من بين أبرز الفعاليات التي يُركز عليها السياح الذين يتوقع زيادة أعدادهم بعد إجراءات السماح أمام 60 جنسية بتأشيرة سياحة إلكترونية والانفتاح السياحي الذي تنهجه المملكة، فقد زادت مسؤولية الشركات السياحية المحلية، مع تشديد المنافسة لتقديم أفضل وأكثر تميزًا في مجال السياحة الصحراوية، حيث تتوفر كل العناصر اللازمة لتقديم تجربة فريدة للسائح الباحث عن مغامرة يفتقدها في بلاده. إقبال متزايد عبدالله المبارك، المدير الإداري لأحد المنتجعات الصحراوية في العلا، يُشير إلى أن التركيز الحالي يتجه نحو المخيمات الصحراوية بشكل أكبر ويتوقع ارتفاع الاقبال في الفترة القادمة، مُؤكداً على استعداد الشركة لاستقبال أعداد كبيرة من السياح القادمين من الخارج، حيث تبلغ سعة المنتجع الصحراوي أكثر من 300 شخص، مع توفير جميع الاحتياجات وإطلالات جميلة على الجبال. يُؤكد أيضًا تطوير المخيم بشكل مستمر وتوفير أنشطة إضافية لتنويع وتحسين تجربة السياحة في المملكة. وأوضح المبارك، أن المنتجع الصحراوي يحتفل بخمس سنوات من النجاح، مُبينًا أن المخيمات في السعودية تُعَدُّ منتجًا مرغوبًا للغاية مع وفرة مزايا المناطق الطبيعية والصحراوية، خاصةً منطقة العلا، والتي تُيسِّر إقامة مختلف الأنشطة. ويواصل «يركِّز المنتجع الصحراوي على أهمية الحفاظ على السمات التراثية مثل المجالس الشعبية وجلسات شبة النار وتقديم القهوة السعودية، وفي الوقت نفسه يوفر أفضل الخدمات للضيوف، مع الحرص على الراحة التامة، ويبين المبارك» من خلال تجربتي الطويلة في مجال السياحة المحلية، اكتشفت أن المخيمات الصحراوية تُقدم تجربة ممتعة للسائح، وذلك يتضح مما يبديه السياح أنفسهم من خلال إعجابهم بالإقامة في الصحراء وتناول العشاء في الهواء الطلق بالقرب من الجبال والرمال، مُؤكدًا أنها تعتبر أفضل تجربة خلال إقامتهم في العلا. وللترويج للوجهة الجديدة، نظمت الهيئة الملكية لمحافظة العلا مهرجانات ثقافية وفنية ومسابقات رياضية رفيعة المستوى بالقرب من المواقع الأثرية والمحميات. فعاليات تراثية محمد القحطاني -يعمل بنشاط سياحة المخيمات الصحراوية منذ 7 سنوات- يقول «إن السائح المعاصر يتطلع إلى تجارب فريدة، وتُعَدُّ المخيمات الصحراوية من بين المنتجات النادرة التي تُقَدِّم تجربة سياحية فريدة حيث تبرز خبرتنا الطويلة في هذا المجال أهمية هذا المنتج في خلق ذكريات جميلة، حيث يتمثل الفرق في التواجد في قلب الصحراء مع الحصول على خدمات عالية المستوى والمشاركة في أنشطة فريدة، مثل ركوب الجمال والخيول أو في سيارات الدفع الرباعي على الكثبان الرملية، كما يعتبر تناول الطعام الشعبي وتجربة القهوة والشاي بطريقة تقليدية جزءًا من هذه الفعاليات النادرة والتراثية التي تسهم في جذب المزيد من الزوار إلى المملكة. وأكد أن اغلب السياح وخصوصاً الخليجيين الذين يختبرون هذا النوع من الاقامة يصفون تجربتهم بالمدهشة لأنهم يعيشون لحظات مشوقة في كل لحظة حيث تزخر التجربة بالمغامرات والمفاجآت التي ينظمها المخيم، وكل ذلك يعتبر عاملاً جاذباً للمزيد من السياح، مشدداً على أن المسؤولية اليوم اصبحت اكبر من أي وقت مضى مع انفتاح المملكة على اسواق جديدة وسعيها لجذب سياح من وجهات متنوعة عبر مميزات من التأشيرات لدول عدة، مضيفاً أن هذه القرارات يجب أن تتبعها آلية تطوير داخلية للسياحة والتركيز على الصحراء يعتبر أولوية لأن المملكة تتميز بهذه المظاهر الطبيعية التي حباها بها الله وبالتالي لا بد من استغلالها إلى اقصى حد لتحقيق نتائج سياحية أفضل. خيام خمس نجوم وترى عهود المشعل -تسويق إلكتروني- أن التخييم تطوّر بصورة كبيرة في الآونة الأخيرة، ففيما كان نوعًا من المعاناة في السابق، تغيّر الوضع الآن وأصبح نوعًا من الرفاهية وأسلوب حياة. تقول المشعل، إن تطوّر التخييم انعكس بصورة رئيسة على الخيام التي تحولت من خيام الشعر المفتوحة إلى خيام مغلقة على أحدث الطرز وتضاهي غرف فنادق 5 نجوم، فضلاً عن البيوت المتنقلة (الكرفانات) التي تتوافر فيها إمكانات وتكنولوجيات هائلة تمنع برد الشتاء وحرارة الصيف. وتشير إلى أن مساحات التخييم باتت تحيط بها أنواع من الأبنية وأماكن مختلفة من الخدمات، كما أن منطقة التخييم لم تعد رملية في ظل وضع أنواع من التغطية على الرمال، ما أدى إلى نقل الحياة المدنية بصورة كاملة إلى أماكن التخييم. كما لم يعد التخييم مكانًا يذهب إليه الشباب أو العائلات، ليوم أو اثنين أو في نهاية الأسبوع، وإنما تحوّل إلى أسلوب حياة بعدما أصبحت تتوافر فيه كل وسائل الترفيه، فضلاً عن أنه يضم أحيانًا بعض المواد غير المتوافرة في البيوت المدنية. «التخييم» غرف نوم خمس نجوم توفر جميع الخدمات الترفيهية