وردَةُ أَيُّوب عزيزي من مَدْرَسَةٍ شِعْرِيَّةٍ مُعَاصِرَة يَتَبَنَّاهَا جَيْلٌ شَاعِرٌ جِدًّا، وَاثِقٌ جدًّا، مُتَمَرِّدٌ أَبَدًا، وَمُتَحِدٍّ وَمُتَجَدِّدٌ وَمُجَدِّدٌ؛ وَمُخْلِصٌ لِمَدْرَسَتِهِ الشِّعْرِيَّةِ اللَّافِتَةِ، المؤَثِّرَةِ وَالْمُتَأَثِّرةِ، وَالممُعْنَةِ في العِنَادِ المُنْجِزِ حَدَّ الجُمُوحِ وَالجُنُوحِ وَالتَّحْلِيقِ بِأَجْنِحَةِ الخَيَالِ الَّذِي لَا يُحَدُّ، وَلَا يَهْدَأُ..» هكذا قدم للكاتبة الجزائرية وردة عزيزي، وزير الثقافة الليبي الأسبق الدكتور جمعة الفاخري، على أحد دواوينها، فهي من الكاتبات اللواتي قدمن منتجاً إبداعياً متميزاً، كتبه عنه عدد من الكتاب في الوطن العربي، التقينا بها خلال هذه السطور: * رحلة مليئة بالإنتاج الأدبي في رصيدك العديد من الأعمال الدواوين الشعرية والروايات والقصص، كيف كانت البداية؟ * في أول البدء كانت فسيفساء من الخيالات ترسمَ أفكارا لم تنضج تجربتها بعد؛ فكانت خواطر أكتبها في دفتري اليومي لأعبّرَ عما يجول به فكري، ليتحرر الفكر من هواجس خيالية ليأخذ بي أن أزهرَ نثرا في ثنايا الورق تارة بالوجع وتارة أخرى بالحزن وتارة بالحب؛ أن تكتب يعني أن تتحرر من كلّ الضغوطات؛ أن تتغلبَ على الحزن، أن تعيشَ اللحظة الجميلة بكلّ ما أوتيتَ منْ فرح لترسم ملامحه نضجا يزهر في بدايات النظم ومع القوافي. * أديبة كتبت نصا وشعرا ورواية فأيها أقرب إليك؟ * كتبت في كلّ الأجناس الأدبية تقريبا الرواية والقصة القصيرة والومضة والنثر والشعر العمودي والتفعيلة وحتى السيناريو، خضت تجربته ولكن يبقى الشعر العربي الأصيل هو الأقرب إلى وجداني جذع لا أستطيع أن أقطعه من نخيل أفكاري. لحين أنْ رأيتُ أنَّ الانتصار للإبداع يكون بالكتابة؛ وآمنتُ بمقولة تشارلز بوكوفسكي: ما الذي أبقاك حيا؟ أنها: الكتابة. لم تكن البدايات سهلة أبدا؛ دائما تكون هناك عراقيل في مشوار الشاعر؛ لكن انتصارنا على وجعنا كان أكبر انتصار خلّفتهُ جروح الكلمات؛ كلمات أبتْ إلاّ أنْ تكونَ حروفا عسجدية؛ إصرار كبير، وتحدٍّ على مواجهة كلّ الصعاب. * كيف ولدت أول قصيدة لدى الشاعرة وردة أيوب؟ o أول قصيدة نظمتها على بحر المتقارب كان مطلعها: وأرختْ نقابَ العفافِ ومالتْ وقالتْ أنا وردة دونَ ماءِ وسَارتْ تُمشطُ حُزنَ المرايا أنا يا صديقي ككلِّ النساء ونامتْ جفونُ الهوى ثُمَ سالتْ دموعُ الحبيب بدون حياء كانت فرحتي عظيمة وأنا أنسجُ نظمًا خليليا صادق النبضات، أكتبُ في صمتٍ كأيِّ امرأة ترعرعت في بيئة محافظة لا تجهر بكلماتها الشهية البهية حزينة كانتْ أم فرحة. لحين أن تفرغت في نظم الشعر وغصتُ في بحوره العميقة. وجبتُ قوافيه بخيالاتٍ ومجازاتٍ وكناياتٍ، فأدركتُ أنْ الشعرَ دهشة وليس مجازا فقط، فطبعتُ أول ديوان لي " أعوذُ بربّكَ صُنّي" الديوان البِكر؛ قام بالتقديم له الإعلامي والناقد الجزائري الكبير محمد شايطة وبعدها ديوان " صوفية في محراب عشق " الذي شرّفني بتقديمه الدكتور الفلسطيني" لطفي منصور والدكتورة العراقية "كوكب البدري " أول ديوان يفوز بجائزة العلامة عبد الحميد بن باديس للشعر العمودي كأفضل مخطوط شعري. وديوان " ثكلى تحت جذع الصبر" شرفني أيضا بتقديمه وزير الثقافة الأردني الأسبق الدكتور "صلاح جرار" والإعلامي والشاعر السعودي "محمد الجلواح" فكانت فرحتي بمن شرّفوني بتقديم الديوان أكبر من صدور الديوان نفسه، وبعده كتاب " مساكب الضوء" حوارات ورؤى وقصائد مع مبدعين عرب " إلى حين ديواني الرابع " واشتعلَ القلبُ عشقًا" الذي قام بتقديمه وزير الثقافة الليبي الأسبق الدكتور" جمعة الفاخري" والذي قرأهُ وغاص في مكنوناته، حيثُ كانت شهادته وسام أفخر به. * بعد كل هذا كيف تصفين تجربتك الكتابية؟ * كانتْ تجربة مليئة بنشوة الإبداع والتميز، فحين أسافرُ وكلماتي إلى ربُوع الوطن الجزائري والعربي لأصدحَ بقصائدي التي أنجبتها منْ رَحِمِ الاعتزاز وأنا أقرأ منْ كلٌ ديوان مقطوعة أو قصيدة بثوبها الصوفي النزيه الطاهر، أكتب التصوف لأني أعيشهُ في صفاء الكلمات وعفاف الشعر، ودهشة الإلقاء ، ألبسه رداءً طاهرا إلى حين أن استدعاني الشعر في كلّ المناسبات الدينية بحلته الصوفية والرمزية ، ولمْ أنسَ مشاركتي في مسابقة "مداح المصطفى " صلوات ربي عليه الذي أطلقته وزارة الثقافة الجزائرية بالتنسيق مع التلفزيون الجزائري في رمضان الفائت 2023، ليتم اختياري من بين 300 شاعر وشاعرة لأكون ضمن التسعة شعراء لألبس بردة هذا الاختيار والتشريف مرة ثانية من قِبل اللجنة الموقرة فشكرا لكلّ من اهتم بتجربتي وآمن بحرفي وقصائدي. * كيف تنظرين إلى تجربة الشعراء السعوديين، وماذا عن تواصلك معها؟ * أنظر إليها باهتمام شديد، وبحق أنا معجبة بما يقدمه المبدعون السعوديون من منجز شعري متميز، حتى الشاعرات السعوديات وهن كثر، من اللواتي أثبتن حضورهن في المشهد الثقافي العربي، وأنا على تواصل مع شعراء وشاعرات من السعودية، وأسعد دوما بالمشاركة أو التفاعل مع أبناء المملكة العربية السعودية، الأرض الطيبة، التي نتوق دوما إليها فهي مهبط الوحي، ومسكن رسولنا المصطفى صلى الله عليه وسلم.