عندما يستعرض المواطن مسيرة المرأة السعودية منذ بداية تأسيس بلادنا العظيمة، سيجد علامات فارقة كثيرة وهي علامات ركزتها نساء أنجبتهن هذه الأرض الصلبة المعطاءة، وأكسبتهن من مواصفاتها فعرفن على مر تاريخ هذه البلاد سيدات تحدين المستحيلات، وآمن بما وهبهن الله من قدرات، وبرزن في مجالات كثيرة كان أحدها الفكر العسكري، بل وحمل السلاح ومواجهة الأعداء، ومع أن لكل مرحلة معطياتها وسماتها إلا أن القاسم المشترك بينها هو تللك الرغبة القوية من المرأة نفسها للمشاركة في بناء وحماية هذه الأرض، ولكن هذا وحده لا يكفي فلا بد من دعم ومساندة وتسهيل وثقة تمكنها من احتمال عظائم الأمور، ومما لا شك فيه أن هذا كله تحقق لها اليوم في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله -، وولي عهده الفذ محمد بن سلمان زاده الله من فضله، فقد ازداد هذا الدعم بهدف التمكين القوي القائم على أسس متينة من العلم والتدريب والثقة الممنوحة لها. عندما قررت أن يكون مقال الأسبوع عن تمكين المرأة في القطاع العسكري وصناعاته برز لي فيديو مصور تتحدث فيه شابة في مقتبل العمر عن عملها في الهيئة العامة للصناعات العسكرية فقد درست شهلاء العزاز هندسة الطيران وكان دافعها الأول في إكمال دراستها في هذا التخصص وكزة تحد جاءتها من زميل الدراسة في يومها الجامعي الأول حين قال لها ساخراً بعد أن سمعها تقول إنها تنوي التخصص في هندسة الطيران: لن تتجاوزي السنة الأولى في هذا التخصص، فما كان منها إلا أن تملأ صدرها بهواء التحدي الخلاق وتبدأ رحلتها الدراسية وتنتهي منها وتتفوق مثلها كمثل كل مواطنة سعودية قدرت ما يقدمه لها الوطن وقادته من تعليم في الداخل والخارج وما منحت من ثقة لكي تعود وتسهم مساهمة فاعلة في البناء والتطوير وتحقيق جانباً من تطلعات رؤية 2030 لهذه الأرض المباركة. نجحت شهلاء وعادت بكل ما فيها من طاقة وما تملكه من علم لتمارس عملها في هيئة الصناعات العسكرية التي عرفت فيها حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها وزميلاتها في هذا القطاع لتفتح صفحة جديدة مع تحد جديد وتقول: بحجم تلك المسؤولية ستكون إنجازاتنا. ومما لا شك فيه أن مشاركة المرأة في قطاع الدفاع العسكري يشكل مصدر إلهام وتكاملية وقوة مجتمعية لما تحققه من رفع الفعالية الكلية وكفاءة أنظمة الدفاع فضلاً عن الإسهام في صنع القرار وتحقيق استراتيجيات أكثر شمولاً ونتائج أكثر إيجابية، ومن أجل هذا كله عملت الهيئة العامة للصناعات العسكرية على تمكين المرأة في هذا القطاع وتسليحها أولاً بالعلم والتدريب لتكون مشاركتها هدفاً متحققاً بكفاءة عالية حيث تتطلع الهيئة إلى توطين 50 % من الإنفاق على المعدات والخدمات العسكرية والكفاءات الوطنية التي تدير وتفكر وتخطط وتسعى لتحقيق الأهداف الاستراتيجية والتي منها توفر القوى البشرية وتعزيز مهاراتهم بمستوى عال من الاحترافية في كل المجالات العسكرية. وعلى الرغم من قصر العمر الزمني لإنشاء الهيئة التي ولدت عام 1428ه / 2017م إلا أنها لم تدخر وسعاً في العمل على جعل المرأة عضواً فاعلاً ومنتجاً سواء في مجال البحث والتطوير في التكنولوجيا العسكرية، وذلك بتمويل ودعم المشاريع البحثية التي تقدمها المرأة أو تشارك فيها، أو في مجال إعدادها لتولي مناصب إدارية قيادية في المؤسسات العسكرية وذلك بالعمل على تدريبها وتطوير مهاراتها في القيادة الإدارية. لم يبق كثير من الوقت على معرض الدفاع العالمي الذي تنظمة الهيئة العامة للصناعات العسكرية والذي سيفتتح في الرابع من شهر فبراير القادم. وأحسب أننا سنرى فيه الكثير من الكفاءات النسوية السعودية التي نفخر بها وبما تملكه من علم وفكر وعقل مبتكر ومبدع يمكنها من الوقوف جنباً إلى جنب مع الرجل في كل ميدان تشارك فيه خاصة في مجال الدفاع البري والجوي والبحرية. فشكراً لقادتنا هذه الثقة، وشكراً ذاك العطاء الذي لا ينقطع في كل ما من شأنه أن يعمل للوطن رجل وإمرأة يكملان بعضهما بعضاً من أجل رفعته.