تعهّد لاي تشينغ-تي الفائز بانتخابات تايوان الرئاسية الدفاع عن الجزيرة المتمتّعة بحكم ذاتي في مواجهة تهديدات الصين التي تصرّ على أنها جزء لا يتجزأ من أراضيها. وقال لاي تشينغ-تي، مرشّح الحزب الديموقراطي التقدمي في كلمة أمام أنصاره "إننا مصممون على حماية تايوان من تهديدات الصين المستمرة وترهيبها"، مهنّئا الشعب ب"نجاحه في مقاومة جهود قوى خارجية للتأثير على هذه الانتخابات". وفي ختام حملة طغت عليها ضغوط كبرى دبلوماسية وعسكرية مارستها الصين، فاز لاي بالانتخابات الرئاسية بحصده 40,1 بالمئة من الأصوات. وهو سيتولى منصبه في 20 مايو. وتعتبر بكين أن لاي تشينغ-تي، وهو نائب الرئيسة المنتهية ولايتها تساي تساي إنغ وين، "خطر جسيم" بسبب مواقفه المؤيدة لاستقلال تايوان. والسبت شدّدت الصين على أن "إعادة التوحيد" مع تايوان "حتمية". وقال المتحدث باسم المكتب الصيني المسؤول عن العلاقات مع تايوان تشين بينهوا إن التصويت "لن يعوق التوجّه الحتمي لإعادة التوحيد مع الصين"، وفق ما نقلت عنه وكالة أنباء الصين الجديدة. كذلك أكد المتحدث التزام بلاده ب"توافق العام 1992 الذي يكرّس مبدأ الصين الواحدة ومعارضتها بشدة الأنشطة الانفصالية الرامية إلى 'استقلال تايوان' وكذلك التدخل الأجنبي". وتعتبر الصينتايوان جزءا من أراضيها وتعهدت إعادتها الى كنفها، بالقوة إن لزم الأمر. ودعت بكين الناخبين في تايوان إلى اتّخاذ "الخيار الصائب"، في حين يتوعّد جيشها ب"سحق" أي نية ب"الاستقلال". من جهته شدّد الرئيس الأميركي جو بايدن على أن الولاياتالمتحدة لا تدعم استقلال تايوان تعليقا على فوز لاي الذي هنّأه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن وأشاد ب"صلابة النظام الديموقراطي" في الجزيرة. و"رحّب" الاتحاد الأوروبي بإجراء الانتخابات في تايوان و"هنّأ"، في بيان "كل الناخبين الذين شاركوا في هذا الاستحقاق الديموقراطي". وأشادت وزيرة الخارجية اليابانية يوكو كاميكاوا ب"التنظيم السلس للانتخابات الديموقراطية والسيد لاي على فوزه"، متعهّدة العمل على تعزيز العلاقات بين البلدين. بدوره، هنّأ وزير الخارجية البريطاني ديفيد كامرون لاي على فوزه، داعيا "الطرفين في مضيق تايوان" الى "حل الخلافات بشكل سلمي". وهنأ سانتياغو بينيا رئيس باراغواي، إحدى الدول القليلة التي تقيم علاقات دبلوماسية مع تايوان، لاي بفوزه بالرئاسة وذلك في اتصال عبر الفيديو. وقد أعرب بينيا في الاتصال عن "سعادته برؤية تايوان ترسّخ مرة جديدة قيمها عبر انتخابات ديموقراطية"، وفق بيان للحزب الديموقراطي التقدمي. وقال الرئيس المنتخب "أريد أن أشكر الشعب التايواني على كتابة فصل جديد في ديموقراطيتنا، لأننا نقول للمجتمع الدولي أنه بين الديموقراطية والاستبداد، سنكون إلى جانب الديموقراطية". وتابع "نحن على قناعة بأنه يعود للشعب التايواني وحده الحق في اختيار رئيسه"، متعهّدا في الوقت نفسه "مواصلة المبادلات والتعاون مع الصين". وحصل خصمه الرئيسي هو يو-إيه (66 عاما) مرشح الحزب القومي (الكومينتانغ) الذي يدعو إلى التقارب مع بكين، على 33,5 بالمئة من الأصوات، حسب الأرقام التي أعلنتها اللجنة الانتخابية المركزية. وقد أقر بهزيمته أمام أنصاره. وقال "أحترم القرار النهائي للشعب التايواني (...) وأهنئ لاي تشينغ تي وسياو بي خيم لمنصب نائب الرئيس على انتخابهما وآمل ألا يخيبا توقعات الشعب التايواني". وجاء المرشح الثالث، كو وين جي (64 عاما)، من حزب الشعب التايواني الصغير والذي يقدم نفسه على أنه مناهض للنظام القائم في المركز الثالث بحصوله على 26,4 بالمئة من الأصوات. وقد اعترف بهزيمته أيضا. وصوّت التايوانيون أيضا على تجديد مقاعد البرلمان البالغ عددها 113، وقد خسر الحزب الديموقراطي التقدمي الحاكم غالبيته إذ حصد 51 مقعدا مقابل 52 لخصمه الكومينتانغ، فيما حصد حزب الشعب التايواني ثمانية مقاعد كما فاز مرشّحان مستقلان بمقعدين. وتشكلت صفوف طويلة أمام مراكز الاقتراع البالغ عددها 18 ألفا. وعاد عدد كبير من التايوانيين إلى البلاد للتصويت لأن الاقتراع في الخارج غير متاح. ويبلغ عدد سكان تايوان 23 مليون نسمة وهي تبعد 180 كيلومترا عن الساحل الصيني وتعتبر نموذجا للديموقراطية في آسيا. وطوال الأسبوع، زادت بكين ضغوطها الدبلوماسية والعسكرية. وعبرت خمسة مناطيد صينية الخميس مجددا الخط الأوسط الذي يفصل الجزيرة ذات الحكم الذاتي عن الصين، حسب وزارة الدفاع التايوانية، التي رصدت أيضا عشر طائرات وست سفن حربية. وبينما كان الناخبون التايوانيون يتوجهون إلى مراكز الاقتراع، شاهد صحافيون من وكالة فرانس برس طائرة مقاتلة صينية فوق مدينة بينغتان، الأقرب إلى تايوان. وتعتبر وضعية تايوان من أكبر القضايا الخلافية في المنافسة بين الصينوالولاياتالمتحدة الداعم العسكري الرئيسي للجزيرة. وتنوي واشنطن إرسال "وفد غير رسمي" إلى تايوان بعد التصويت. من جهتها قدمت الحكومة الصينية احتجاجا رسميا للولايات المتحدة على بيان واشنطن بشأن الانتخابات في تايوان. وأعلنت وزارة الخارجية في بكين الأحد أن أميركا انتهكت وعدها بالحفاظ على علاقات ثقافية وتجارية فقط أو أي تبادلات غير رسمية مع تايوان. وقالت الوزارة " كما أنها ترسل رسالة خاطئة للغاية للقوى الانفصالية المطالبة باستقلال تايوان". وأضافت " نحن نأسف بشدة ونعارض بقوة هذا الأمر، لقد قدمنا احتجاجات حقيقية للجانب الأميركي". وأوضحت الوزارة "قضية تايوان في صلب المصالح الأساسية للصين والخط الأحمر الأول الذي لا يجب تخطيه في العلاقات بين الصينوالولاياتالمتحدة". وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد أرسلت السبت تهانيها لرئيس تايوان المنتخب، الذي ينتمى للحزب الديمقراطي التقدمي، وذلك بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية. وقالت وزارة الخارجية إنها تتطلع للعمل مع لاي وقادة جميع الأحزاب في تايوان للعمل على تطوير المصالح والقيم المشتركة وتعزيز العلاقات غير الرسمية القائمة منذ فترة طويلة. وتعد أميركا حليفا مقربا لتايوان، وتعهدت بتقديم المساعدات الدفاعية في حال اندلاع صراع مع الصين.