وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأربعاء إلى المكسيك في محاولة للتوصل إلى حلول مع تدفق اللاجئين مجددا إلى الحدود بين البلدين، وهي قضية تثير نقاشا سياسيا حادا في الولاياتالمتحدة. هذه الزيارة التي تأتي خلال عطلة أعياد نهاية السنة وهو أمر نادر، تجرى فيما يطالِب أعضاء الكونغرس الأميركي الجمهوريون باتفاق حول الهجرة مع حكومة الرئيس جو بايدن في مقابل دعمهم حزمة جديدة من المساعدات لأوكرانيا. في الأسابيع الأخيرة، حاول نحو عشرة آلاف شخص يوميا عبور الحدود بطريقة غير نظامية في جنوبالولاياتالمتحدة أي نحو ضعف عددهم مقارنة بفترة ما قبل جائحة كوفيد-19. كذلك غادرت قافلة تضم آلاف المهاجرين جنوبالمكسيك الأحد في محاولة للوصول إلى الولاياتالمتحدة. واضطرت السلطات الأميركية العاجزة عن التعامل مع هذا العدد الكبير، إلى إغلاق مراكز حدودية للتصدي للمهاجرين الذين يحاولون الدخول بطريقة غير نظامية. ويلتقي بلينكن في مكسيكو الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور. ويرافق المسؤول الأميركي وزير الأمن القومي المكلف خصوصا شرطة الحدود أليخندرو مايوركاس ومستشارة الأمن الداخلي ليز شيروود-راندال. وتعهد الرئيس المكسيكي الذي تحادث هاتفيا مع بايدن في 21 كانون الأول/ديسمبر تعزيز إجراءات احتواء المهاجرين في جنوب البلاد عند الحدود مع غواتيمالا. وقال لوبيز أوبرادور الأربعاء للصحافيين قبل استقباله بلينكن "نحن نساعد كثيرا. وسنواصل القيام بذلك ونريد التوصل إلى اتفاق لأنه نظرا لوجود انتخابات أيضا في الولاياتالمتحدة، فإن هذا الموضوع يحظى باهتمام الناس". وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر إن الوفد سيبحث مع الرئيس المكسيكي في "الضرورة الملحة لتوفير طرق (هجرة) نظامية وتعزيز الإجراءات العقابية". * مفاوضات صعبة - وتستضيف المكسيك بعد إبرامها اتفاقات مع إدارتي بايدن وسلفه دونالد ترامب على أراضيها مهاجرين يسعون لدخول الولاياتالمتحدة. وكثّف الرئيس الجمهوري السابق الذي يستعد لمواجهة بايدن في الاقتراع الرئاسي في 2024، في الفترة الأخيرة حملته على المهاجرين متهما إياهم "بتسميم دم" الولاياتالمتحدة في تصريحات اعتبر منتقدوه أنها مستعارة من الخطاب النازي. في ظل هذه الأجواء السياسة المتوترة، يحاول الديموقراطيون إيجاد اتفاق حول الهجرة مع الجمهوريين في الكونغرس من أجل الموافقة على نفقات بقيمة 61 مليار دولار لمساعدة كييف في حربها مع موسكو. وحذر البيت الأبيض أنه "سيفتقر للموارد" المخصصة لأوكرانيا "بحلول نهاية السنة". في إطار هذه المفاوضات، اقترحت إدارة بايدن خصوصا استحداث 1300 وظيفة جديدة في شرطة الحدود. * "قرار منطقي" - وستطلب واشنطن على الأرجح من المكسيك الاحتفاظ بعدد أكبر من المهاجرين على أراضيها من خلال تقديم تصاريح عمل لهم، على ما يرى أندرو رودمان الباحث المتخصص في شؤون المكسيك في مركز الدراسات والأبحاث "ويلسون سنتر" في واشنطن. ويوضح "تسعى إدارة بايدن إلى أن تظهر لأسباب تتعلق بالسياسة الداخلية أنها تبذل قصارى جهدها" على صعيد هذا الملف. لكن يكمن أحد التحديات في أن الجميع يريد حلا فوريا لمشكلة عالمية موجودة منذ فترة طويلة" مشددا على عدم وجود "عصا سحرية". ويضيف "غالبية الأفراد يهاجرون لأنهم اتخذوا قرارا منطقيا يتمثل في أن حياتهم ستكون أفضل في الولاياتالمتحدة". ويأتي الجزء الأكبر منهم من دول أميركا الوسطى التي ينهشها الفقر والعنف والكوارث الطبيعية. في الأشهر الأخيرة سجل ارتفاع في عدد المهاجرين الآتين من هايتي التي يجتاحها عنف العصابات ومن فنزويلا التي فر منها أكثر من سبعة ملايين شخص بحسب الأممالمتحدة بسبب انهيار اقتصادها. والتقت وكالة فرانس برس الثلاثاء في كوالتيتلان ضمن قافلة انطلقت من جنوبالمكسيك، بماريا أليسيا ايوا التي أتت من هندوراس على ما قالت ل"توفير حياة أفضل لأطفالي". وفي حال منعت من بلوغ الولاياتالمتحدة، تؤكد أنها ستعود أدراجها إلى بلادها "حيث الجريمة منتشرة ولا عمل".