انشأت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية «سي.اي.ايه» ضمن جهودها لالقاء القبض على زعيم القاعدة اسامة بن لادن سلسلة قواعد صغيرة خفية في المنطقة الحدودية الجبلية الوعرة في شمال غرب باكستان في اواخر عام 2003 حيث يعتقدون جازمين تقريباً بأن ضالتهم المنشودة يختبئ هناك محميا من قبل رجال قبائل ومقاتلين أجانب. غير أنه ومنذ بداية عمل تلك القواعد فإن عناصر وكالة المخابرات المركزية خضعوا لمراقبة دقيقة من مسؤولين باكستانيين أدت الى تقييد مقدرتهم في العمل كما أن أولئك المسؤولين كانوا مرافقين لهم الى أي مكان يتوجهون اليه في باكستان ونتيجة لذلك فقد أصبح من المستحيل على الأمريكيين جمع معلومات استخباراتية يرغبون فيها بطريقة فاعلة حسبما يقول مسؤولون قريبو الصلة بتلك العمليات طلبوا عدم الإفصاح عن هوياتهم. والآن وبعد أكثر من ثلاث سنوات منذ اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر على مبنى البنتاغون وفي نيويورك فقد اضحى اسامة بن لادن اكثر المطلوبين للعدالة في العالم غير ان عمليات البحث عنه بقيت متعثرة بسبب وعورة المنطقة وبسبب التنظيم المالي المحكم لشبكة القاعدة الإرهابية فضلا عن تبعات الحرب ضد العراق وتحويلها الانتباه عن إلقاء القبض على ابن لادن ولربما الأهم من كل ذلك الريبة والشكوك الكبيرة بين الباكستانيين تجاه الولاياتالمتحدة. وقد ألحقت الحرب في أفغانستان اضرارا فادحة على شبكة القاعدة جعلتها تناضل فقط من أجل البقاء كما يعتقد خبراء مخابرات وجعلتها شبكة مهلهلة غير أن أسامة بن لادن بقي رئيساً صورياً للمتشددين واستمر من مخبئه في الحدود الأفغانية الباكستانية يدير ويشرف على خلية إرهابية مختارة تركز اهتمامها على تنفيذ اعتداءات في الولاياتالمتحدة، ويجادل هؤلاء الخبراء بأن ابن لادن يشرف شخصياً على اختيار مجموعة العمل الإرهابية المنتقاة في الخارج والتي يأمل أن تقوم بعمل مماثل لاعتداءات الحادي عشر من سبتمبر في الولاياتالمتحدة. ويقول محللو المخابرات ان هذه المجموعة الإرهابية الصفوة ربما تكون قد تفرقت في اماكن عديدة ولكنهم لا يعرفون أين حدث ذلك. وقال مسؤول كبير في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ان مجموعة التخطيط الخارجي هذه يمكنها الاتصال مع عناصر اقليميين لها في كافة ارجاء المعمورة عندما تكون هناك حاجة اليهم وقال المسؤول بأن أسامة بن لادن لديه رغبة قوية للاعتداء على الولاياتالمتحدة وانه يرغب في استخدام هذه المجموعة لتنفيذ ذلك. واعترف مسؤولون بأن الولاياتالمتحدة أخفقت في اختراق تلك المجموعة كما أنه ليس لديها فكرة عن موعد أو المكان والذي ستحاول فيه تنفيذ اعتداءاتها ولم يكشف المسؤولون النقاب عن تفاصيل الكيفية التي مكنتهم من الوصول الى هذه الاستنتاجات بشأن دور ابن لادن الحالي والذي لم يسبق من قبل الافصاح عنه. ولدى كثير من المحللين قناعة بأن أسامة بن لادن يحظى بحماية شبكة رجال قبائل محكمة التمويل وبمقاتلين أجانب يعملون في المنطقة الحدودية الفقيرة ويساعدونه في الاتصال بأعضاء مهمين في شبكته الإرهابية وقال مسؤول مخابرات ان ابن لادن لا يزال يحصل على دعم لوجيستي من القبائل وانه لا يزال ايضا لديه اتصالات عملياتية مع الخارج. ويقول خبراء مخابرات ان المكان الذي يعتقد بأن زعيم القاعدة مختبئ فيه يقع في منطقة جبلية تعتبر أصعب المناطق في العالم وعورة وأن سكانها من قبيلة البشتون يعملون مزارعين ومهربين ومعظمهم فقراء وغير متعلمين ومتعاطفين مع طالبان كما أن الشباب منهم ينظرون الى الأمريكيين على انهم محتلون لأفغانستان والعراق بل ويعتبرون ابن لادن بطلا. ويقول الخبراء انه وكنتيجة للقيود على نشاط عناصر وكالة المخابرات المركزية الأمريكية فإن هذه العناصر ومعها القوات الأمريكية العاملة في افغانستان لم تعد في واقع الأمر منهمكة في البحث عن زعيم القاعدة وانما في محاولة توفير الأمن والاستقرار للحكومة الأفغانية الجديدة وتعقب فلول طالبان وتشتيت مقاتلي القاعدة وقد بدأت بالفعل هذه القوات مؤخراً حملة في افغانستان لتعقب أولئك المقاتلين. ومن جانبهم يعلل المسؤولون الباكستانيون مرافقتهم لعناصر وكالة المخابرات المركزية بالقول إن عناصر هذه المخابرات لا يمكنهم العمل بفاعلية بدون مساعدتهم كما انهم يرافقونهم من أجل حمايتهم من تعرضهم للاختطاف أو القتل أو حتى اكتشاف هوياتهم من قبل السكان المحليين مما يعرضهم لمخاطر جمة. ويرى بعض المحللين انه بالرغم من جهود الحكومة الباكستانية لكسب تأييد السكان المحليين في تلك المناطق الوعرة من خلال بنائها لهم مدارس وحفر آبار لهم وتشييد طرق الا ان تعاون السكان المحليين مع المحققين الباكستانيين والأمريكيين لا يزال معدوما تقريبا حيث ان كثيرا من رجال القبائل يعتبرون مثل هذا التعاون عملاً بغيضاً. ويقول محللون ان الشكوك والريبة تجاه الولاياتالمتحدة يمنع من تحقيق تواجد كبير للأمريكيين في المنطقة وانه منذ غزو افغانستان والعراق فإن كثيرا من الباكستانيين يخشون من ان الولاياتالمتحدة ستقوم بقصف ايران لمنعها من تطوير اسلحة نووية وان بلادهم ستكون الهدف القادم. وحذر محلل امني باكستان من أن المعارضة للقوات الأمريكية في باكستان ستنتشر اذا ما عبرت هذه القوات الى داخل الاراضي الباكستانية وانه سيكون وقتها من الصعب كبح جماح غضب الشعب الباكستاني ضد الولاياتالمتحدة. «نيويورك تايمز - خاص ب «الرياض»»