تحتفي مملكة البحرين الشقيقة غدًا السبت الثالث من شهر جمادى الآخرة 1445ه، الموافق السادس عشر من شهر ديسمبر 2023 م بالذكرى ال 52 ليومها الوطني. ويشاطر السعوديون حكومة وشعبًا إخوانهم في مملكة البحرين مشاعر الاعتزاز بما تحقق، مما يعكس عمق العلاقات التي تمتد لعقود طويلة بين البلدين على مستوى القيادتين والشعبين الشقيقين. وتشهد العلاقات الثنائية المتميزة بين المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين على الصعيد السياسي قدرًا كبيرًا من التنسيق يصل إلى حدّ التطابق في المواقف من القضايا الإقليمية والدولية التي يتم تداولها في مؤتمرات قمم مجلس التعاون الخليجي، وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، والأمم المتحدة وغيرها من المحافل الدولية، إذ تترجم هذه العلاقات معنى الشراكة الحقيقية وتعميق التعاون في المجالات كافة، بما ينعكس إيجابًا على وحدة وتماسك الصف الخليجي والعربي، لاسيّما مع ما تمر به المنطقة العربية حاليًا من تحديات بالغة الأهمية، نظرًا لما تمثله من أهمية "جيو - إستراتيجية" تتقاطع عندها الكثير من مصالح العالم الاقتصادية والأمنية والسياسية في ظل موقعها الإستراتيجي المهم. واجتمعت رؤيتا البلدين في عام 2030، ومن هذا المنطلق كان التنسيق والعمل الثنائي بين البلدين سهلًا لا يشوبه أي تعقيد، وتجلى ذلك برفع مستوى التمثيل في مجلس التنسيق المشترك السعودي البحريني في أكتوبر من العام 2021م؛ ليصبح برئاسة صاحبي السمو الملكي وليي العهد للبلدين الشقيقين، يليق بحجم الطموحات والأهداف المرجوة والمشتركة بين المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين. وشهدت مملكة البحرين منذ استقلالها عام 1971م، نهضة شاملة في جميع المجالات الاقتصادية والتعليمية والصحية وغيرها من المجالات التنموية الأخرى، وأسست بنية اقتصادية حديثة ومتنوعة عززت مكانتها كونها مركزًا تجاريًا وماليًا وسياحيًا رئيسًا في المنطقة. وتمتع مملكة البحرين إلى جانب التكلفة والتنافسية وسهولة الوصول إلى باقي منطقة الشرق الأوسط ومتانة البنية التحتية التجارية، بخبرة كبيرة في فهم احتياجات الشركات الأجنبية والاستجابة لها. وتعد البحرين الاستثمار الأجنبي عنصرًا أساسيًا في الرؤية الاقتصادية 2030؛ لكونها خطة طويلة المدى لتحسين القدرة التنافسية لاقتصادها، وإيجاد فرص عمل لعمالتها المهرة وتحسين مستوى معيشة الفرد وهو ما يفسر التزام البحرين بالبناء على المزايا المتوافرة لتجعل من الشرق الأوسط مركزًا أكثر جاذبية للأعمال التجارية. وخلال العام الماضي 2022م واصل الاقتصاد الوطني البحريني تسجيله معدلات نمو ملحوظة، فقد نما الناتج المحلي الإجمالي للبحرين بالأسعار الثابتة (الناتج المحلي الحقيقي) بنسبة 4.9% خلال عام 2022 على أساس سنوي، وهذا هو أعلى معدل نمو تسجله البحرين منذ عام 2013م. كما نما القطاع غير النفطي بنسبة 6.2% على أساس سنوي في 2022، وهي أعلى نسبة نمو منذ عام 2012، ليتجاوز بذلك نسبة النمو المستهدفة البالغة 5.0%. وارتفعت مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 83.1 % وهي الأعلى في تاريخ البحرين. كما أولت مملكة البحرين اهتمامًا كبيرًا بالقطاع المالي والمصرفي والتكنولوجيا المالية بصفته أحد القطاعات النابضة، وأكبر مساهم في الاقتصادي الوطني، ما انعكس على تحسن التصنيف الائتماني للبحرين من قبل معظم وكالات التصنيف العالمية الكبرى، وجاء تعديل وكالة ستاندرد أند بورز نظرتها المستقبلية للبحرين من مستقرة إلى إيجابية في أحدث تقاريرها للتصنيف الائتماني الصادرة في نوفمبر من العام 2022م. وعلى صعيد مؤشرات التنافسية العالمية، تصدّرت مملكة البحرين الدول العربية ودول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المؤشرات التنافسية مسجلة أداءً متقدمًا حيث جاءت في المرتبة 32 عالميًا في تصنيف التنافسية الرقمية العالمية 2022م الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية (IMD)، كما صُنفت البحرين دولة ذات مستوى تنمية عالٍ في مجال الحكومة الإلكترونية ضمن تقرير الحكومة الإلكترونية 2022م الصادر عن إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة، كما حافظت على مركزها الأول عربيًا في مؤشر بازل لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب 2022م الصادر عن معهد بازل للحوكمة، وتحسن تصنيف مملكة البحرين بواقع عشر مراتب في مؤشر "تريليما" العالمي للطاقة 2022م الصادر عن مجلس الطاقة العالمي و"أوليفير وأيمن" لتحتل المركز 32 عالميًا، الذي يقيس ثلاثة أبعاد متصلة بالطاقة وهي أمن الطاقة، والتوفير العادل للطاقة، والاستدامة البيئية، إضافة إلى تحسن أدائها في مؤشرات الأداء الحكومي واستقرار السوق المالي وجذب الاستثمارات والعيش المشترك الآمن، وتطور البنية التحتية للاتصالات والأمن السيبراني، وهي جميعها عوامل مهمة تساعد في تعزيز ثقة المستثمرين والمؤسسات الدولية في استدامة النمو وقوة الاقتصاد الوطني وثباته. وترتكز السياسة الخارجية لمملكة البحرين على أسس قويمة منها، تأكيد سيادة واستقلال ووحدة أراضيها على المستوى الإقليمي والعربي والدولي، وكذلك صيانة وحماية مصالحها الإستراتيجية والسياسية والاقتصادية في الخارج والدفاع عنها، وتنمية وتعزيز وتقوية الروابط والعلاقات مع جميع الدول والهيئات العربية والدولية، وتمثيلها في المحافل العربية والدولية، ودعم القضايا العادلة للأمتين العربية والإسلامية وفي مقدمتها قضية فلسطين والقدس الشريف. وواصلت مملكة البحرين سياستها الخارجية؛ لتوطيد العلاقات مع مختلف دول العالم، ومد جسور الصداقة والتعاون مع مختلف الشعوب بما يعود بالنفع والخير على الوطن والمواطن البحريني. وتعزيزًا للمسيرة التنموية اختطت مملكة البحرين نهجها الإصلاحي المنبثق من روح القانون والدستور، وعملت على تحديث التشريعات والقوانين بما يواكب المسيرة الديمقراطية الحديثة، وحققت تطورًا سريعًا وتنمية مستدامة على مدار العقود الخمسة الماضية، حيث تحولت إلى مركز تجاري ومالي كبير وجاذب لرؤوس الأموال الأجنبية، وقامت خططها الاقتصادية على رؤية محددة. وفي المجال السياحي تسعى مملكة البحرين ممثلة بهيئة البحرين للسياحة والمعارض جاهدة لتطوير القطاع السياحي والارتقاء به لرفع إسهامه في الاقتصاد الوطني، ويعد تطوير القطاع السياحي في المملكة من أولويات برنامج عمل الحكومة التي تعمل على تحفيز المستثمرين بتوفير البيئة الحاضنة للمشاريع السياحية، وتحفيز القطاع الخاص الذي يدعم جهودها في الترويج للبلاد كونها وجهة سياحية, وتعمل مملكة البحرين في إطار منظومة متكاملة من الخطط والبرامج لزيادة الاستفادة من مقومات الجذب السياحي التي تملكها سواء التاريخية منها أو الحديثة، وذلك إيمانًا منها بأهمية التنمية السياحية كونها من أهم أركان عملية التنمية الحضارية بمفهومها الشامل، ومدى قدرة هذا القطاع الحيوي على زيادة الناتج الوطني ودخل الأفراد وتنويع النشاط الاقتصادي. وأطلقت الهوية السياحية الجديدة للبحرين بناءً على أربعة أسس ترتكز عليها إستراتيجية تطوير قطاع السياحة، الأول: تطوير المنافذ مثل جسر الملك فهد، ومطار البحرين الدولي، وميناء خليفة بن سلمان، إضافة إلى تطوير المرافق البحرية من أجل استقطاب اليخوت الخاصة من الدول المجاورة، والثاني: الجذب السياحي من خلال إقامة فعاليات دائمة في البحرين وتطوير مركز البحرين للمعارض من أجل استيعاب عدد أكبر من الفعاليات، والثالث: تطوير المرافق السياحية للسكن سواء من فنادق، أو شقق مفروشة، أو شقق سكنية، ودراسة إنشاء معهد خاص للفندقة والضيافة، والرابع: وضع السائح الخليجي في مقدمة اهتماماتها وتنشيط السياحة العائلية ومن ثم توسيع الدائرة لاستقطاب السياح من الدول الأخرى. وعززت مملكة البحرين من نجاحها في توفير السكن الملائم للمواطنين، وتأسيس مجتمعات عمرانية جديدة ومستدامة، عبر 8 مدن سكنية، منها: مدن عيسى، وحمد، وزايد، التي تم تدشينها منذ انطلاق مشروعات السكن الاجتماعي لذوي الدخل المحدود في ستينيات القرن الماضي، وتدشين 5 مدن وهي: مدينة سلمان، ومدينة خليفة، ومدينة شرق الحد، ومدينة شرق سترة، وضاحية الرملي، حيث تم تسكين المواطنين بها في المراحل الأولى في إطار الأمر الملكي السامي ببناء 40 ألف وحدة سكنية. وتشكل هذه المدن الإسكانية نموذجًا في التنمية الحضرية والعمرانية والتنموية المستدامة لما تتسم به من توافر مقومات جودة الحياة العصرية، من بنية تحتية، وشبكة اتصالات ومواصلات، ومرافق وخدمات، مع الحفاظ على الجوانب البيئية والتراثية. وفي مجال المرأة تولي مملكة البحرين اهتمامًا خاصًا بأن يكون للمرأة المتعلمة دور في التنمية الحضرية التي تشكل التمثيل الأكثر جلاءً للترابط والتكامل بين الأبعاد المختلفة للتنمية المستدامة، حيث يعمل المجلس الأعلى للمرأة من خلال خططه التي تركز على إدماج احتياجات المرأة وضمان التوازن بين الجنسين، بالتأكد من تطبيق ذلك واقعيًا ومن خلال قياسات كمية ونوعية يتم الإعلان عنها بشكل دوري في تقارير مخصصة لهذا الشأن. وتأكيدًا على الاهتمام بقطاع الشباب عملت مملكة البحرين على دعمهم وتمكينهم وتنمية قدراتهم المعرفية والمهنية، وتعزيز مشاركتهم الإيجابية في شتى مناحي الحياة، إيمانًا بكونهم الثروة الحقيقية للوطن وركيزة البناء والأمن والاستقرار والتقدم الحضاري والتنمية المستدامة. وحرصت مملكة البحرين على الاهتمام بمصادر الطاقة المتجددة والبديلة، إلى جانب ضمان تحقيق الاستغلال الأمثل لظروفها المناخية، والاستفادة من الميزة النسبية التي تتيحها الطاقة الشمسية، ومن ثم الإسهام مع أجهزة الدولة الأخرى في جهود حماية البيئة، ومن ثم تأكيد التزام البلاد بتحقيق أهداف التنمية المستدامة. وبدأ الاهتمام بمشروعات الطاقة النظيفة مع انضمام البحرين بصفتها عضوًا دائمًا للوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA) منذ تأسيسها عام 2009، حيث شاركت في مؤتمرها العاشر الذي انعقد في أبوظبي، إضافة إلى إنشاء وحدة للطاقة المستدامة عام 2013، التي أسهمت في زيادة الوعي بمصادر الطاقة المتجددة التي تتميز بكونها أقل تكلفة وأكثر قدرة على التعاطي مع تغيرات المناخ، كما تسهم في تلبية متطلبات التنمية، ومواكبة التحول العالمي للاستثمار في مجالات الطاقة البديلة. وعلى صعيد قطاع العمل بمملكة البحرين فقد حظيت قضية البطالة باهتمام بالغ من الحكومة التي تقدمت خطوات نحو تنفيذ إستراتيجيتها الهادفة إلى استيعاب تدفق الخريجين على المديين المتوسط والبعيد بعد أن نجحت خلال الأعوام الماضية في الحفاظ على معدلات البطالة في حدودها الآمنة، وذلك من خلال تأمين احتياجات سوق العمل من الكفاءات المؤهلة، ودعم سياسات تحسين الإنتاجية في منشآت القطاع الخاص. واحتل القطاع الصحي اهتمامًا خاصًا، حيث تم إنشاء وتطوير مراكز صحية ومستشفيات عديدة وإدخال خدمات صحية تصب في تحسين الرعاية الصحية، وتوفير الأدوية والأطباء المتخصصين المهرة في جميع التخصصات، بما يضمن حياة آمنة وصحية لكل مواطن ومقيم.