التجارة داخلية كانت أم دولية بالمُجمل يصنفها الاقتصاديون إلى قسمين إما تجارة سلع أو خدمات، والتجارة في الخدمات في ارتفاع مُستمر، لعدد من الأسباب منها تزايد الخدمات المرتبطة بالصناعة، وثورة الإنترنت والتكنولوجيا، فقسمتها منظمة التجارة العالمية وفقاً ل (Central Product Classification) الصادر من الأممالمتحدة، إلى 12 قطاعاً رئيساً وأكثر من 150 قطاعاً فرعياً، مثل الخدمات المالية، والاتصالات السلكية واللاسلكية، والنقل، والسياحة، والتعليم، والخدمات الاستشارية، كما أن الاتفاقية العامة للتجارة في الخدمات (GATS) تُعد الاتفاقية الرئيسية مُتعددة الأطراف التي تحكم التجارة في الخدمات، حيث تهدف إلى تحرير التجارة في الخدمات، بخفض الحواجز أمام التجارة، كالقيود المفروضة على الملكية الأجنبية، واللوائح التمييزية، أو القيود المفروضة على حركة الأشخاص عبر الحدود. كما توفر إطارًا للدول للتفاوض. تجارة ذات أهمية عالية جداً لأي اقتصاد وطني، فالخدمات تشكل 30 % من اقتصادات 22 دولة أغلبها مُتقدمة، والتي بدورها تُسيطر على حوالي 70 % من التجارة في الخدمات عالمياً، بينما الدول النامية تستحوذ على 27 %، ففي عام 2021م، وصل حجم التجارة في الخدمات إلى 6.1 تريليونات دولار أمريكي وفقاً لتقرير صادر من منظمة (الأونكتاد)، كما من المتوقع أن يصل حجمها إلى 7 تريليونات في عام 2022م، وتُشكل تقريباً 6.3 % من إجمالي الناتج الإجمالي العالمي، وأكثر من 21 % من حجم التجارة العالمية. جائحة كورونا أثرت على التجارة العالمية، ولكن تعافي الدول النامية في تجارة الخدمات كان كبيراً، فارتفعت بنسبة 22 % في عام 2021م، مقارنة بعام 2020م، بينما كان الانخفاض بأكثر من 17 % انخفاض في عام 2020م. التجارة في الخدمات مُكملة ومُعززة للتجارة السلعية، مثل الخدمات المالية والتمويل للتصنيع، رؤية السعودية 2030، تولّي اهتماماً بالغاً بشمولية التنمية في الإنتاج السلعي والخدمي، فوفقاً للبيانات الصادرة من منظمة (الأونكتاد UNCTAD )، فقد استوردت السعودية من الخدمات ما يُقارب 73 مليار دولار في عام 2021 وهو ما يُمثل 1.3 % من الإجمالي العالمي، وما يجعلها تحتل المرتبة الخامسة بين الدول النامية استيراداً للخدمات بعد الصين وسنغافورة والهند والإمارات، ولكنها الأعلى نمواً بينهم بمعدل يُقدر بحوالي 30 % سنوياً. السعودية لديها القدرة العالية لتصدير العديد من المنتجات الخدمية، فتعليم اللغة العربية من مهد الحرمين الشريفين والتعاليم الشرعية الإسلامية المُعتدلة والسمحة، سواءً بافتتاح معاهد في الخارج في عدد من الدول المستهدفة، أو تعليمها افتراضياً (Virtually)، كما يُمكن تصدير المصرفية الإسلامية والمنتجات المصرفية المرتبطة بها، كذلك الخدمات الإلكترونية المصرفية التي تتميز بها المصارف السعودية وتتفوق على أقارنها في المنطقة وربما العالم، كذلك التجربة التقنية الناجحة محلياً في أتمتة الخدمات الحكومية مثل (أبشر) و(توكلنا)، والترويج للأماكن السياحية غير المستكشفة لغالبية شعوب العالم والتي تتنوع في المناخ والجغرافيا والطبيعة والتاريخ، ومن الخدمات أيضاً، تطوير الخدمات المُقدمة للحجاج والمُعتمرين، هناك الكثير والكثير مما يمكن التنبؤ بأن يكون رافدًا داعماً اقتصادياً مهماً جنباً إلى جنب مع التجارة السلعية النفطية وغير النفطية، مع أهمية تعزيز التجارة في الخدمات وذلك من خلال قياسها في الاقتصاد المحلي وقياس الواردات منها، وتحديد مستهدفات المملكة من تصدير الخدمات.