مذهب المتعة هو مصطلح يشير إلى نظرية فلسفية ترتكز على الاعتقاد بأن السعادة والرفاهية هما الهدف الأساسي في الحياة، وأن البحث عن المتعة وتحقيق اللذة هما المعيار الأساسي لتقييم الأعمال والقرارات، ويُعزَى تأسيسه إلى الفلاسفة القدامى مثل إبيكورس وأبي العلاء المعري وجيريمي بنثام؛ ويعتقد أتباعه أن السعادة تتحقق عن طريق تحقيق اللذة وتجنب الألم. وتُفهم المتعة عادةً على أنها الشعور بالسرور والانبهار والرضا الذي ينشأ من تلبية الرغبات والاستمتاع بالتجارب الإيجابية، ويعتبر الألم والمعاناة عوامل تعوق تحقيق السعادة. ترتكز فلسفة المتعة على مبادئ مثل المبدأ الحسابي، الذي ينص على أنه يجب أن يتم قياس قيمة الأعمال والقرارات بناءً على النتائج المتوقعة منها من حيث السعادة والألم، وبناءً على هذا المبدأ يتم اتخاذ القرارات التي تزيد من المتعة وتقلل من الألم، وتجنب القرارات التي تؤدي إلى العكس، ومع ذلك هناك العديد من الأسئلة والتحديات؛ فمثلاً يمكن أن يتعارض التركيز الوحيد على المتعة مع القيم والمبادئ الأخلاقية الأخرى، وقد يؤدي إلى استهلاك مفرط وتجاهل آثار طويلة الأجل، كما أن تحقيق السعادة ليس أمرًا سهلاً ويعتمد على عوامل متعددة مثل العوامل البيئية والاجتماعية والنفسية. يتضمن مذهب المتعة عدة نظريات ومدارس فلسفية مختلفة، فتعتبر الهيباتية (Hedonism) إحدى النظريات الأساسية في مذهب المتعة، تقوم على الاعتقاد بأن اللذة هي القيمة العليا والهدف الأساسي في الحياة، وأن الألم يجب تجنبه، وتنقسم إلى نوعين رئيسين: الهيباتية الحسية والهيباتية العقلية. وهناك فلسفة الإبيكورية (Epicureanism) تأسست بواسطة الفيلسوف اليوناني إبيكورس، حيث يؤمنون بأن مصدر السعادة هو تجنب الألم والتطلع إلى اللذة الهادئة والمتوازنة. نظرية البنثامية (Utilitarianism) يعود تأسيسها إلى جيريمي بنثام وجون ستيوارت ميل، حيث تركز على تحقيق أقصى قدر من السعادة لأكبر عدد ممكن من الناس، وتقوم على مفهوم "أعظم فائدة لأعظم عدد"، حيث يتعين تقييم الأعمال والقرارات بناءً على مدى قدرتها على زيادة السعادة العامة وتقليل الألم. نظرية النيتونية (Nietzschean Hedonism) يتمثل هذا المفهوم في الفلسفة النيتشية للفيلسوف الألماني فريدريش نيتشه، حيث يعتبر أن المتعة واللذة هي أساس الحياة والإرادة الأساسية للإنسان، ويرى أن تحقيق السعادة يكمن في التغلب على العقبات والتحديات وتحقيق النجاح الذاتي والتفوق. نظرية البوديسم (Buddhism) وعلى الرغم من أنها ليس بالضرورة مذهبًا للمتعة، إلا أن بعض التيارات في البوديسم يركز على توجه "تدريب الذهن" فيعتبر المتعة والسعادة هدفًا أساسيًا، ويعتقدون أن السعادة الحقيقية تتجاوز المتع الجسدية وتتأسس على السلام الداخلي والقدرة على التحرر من الرغبات والمحن. مذهب المتعة يستحوذ على اهتمام العديد من الفلاسفة والعلماء الاجتماعيين والنفسيين، وقد أثارت هذه النظرية العديد من النقاشات والانتقادات، ويعتقد البعض أن التركيز الحصري على المتعة يمكن أن يؤدي إلى تجاهل القيم الأخرى في الحياة مثل العدل والمسؤولية، في حين يرى آخرون أن تحقيق السعادة والمتعة هو الهدف الأساسي للحياة وينبغي أن يتم ذلك بشكل حر، والسعادة الحقيقية تكمن في القدرة على الاستمتاع باللحظة الحالية والتقدير للأشياء البسيطة في الحياة، ولابد أن نعيش الحياة بشكل يعكس قيمتنا الأعلى وهي اللذة والسعادة، فالمتعة هي جوهر الحياة؛ فمن لا يستطيع الاستمتاع بالقليل لن يستطيع الاستمتاع بالكثير، والمتعة هي الوقود الذي يحفزنا للسعي والتطلع وتحقيق أهدافنا.. يقول (زيجموند فرويد): اللذة لا تقاس بالوقت الذي تستمر فيه، بل بكمية الفرح والسعادة التي تجلبها. ويقول (ألبرت أينشتاين): المتعة ليست هدفًا للحياة فحسب، بل هي أيضًا طريقة للتعبير عن الذات والتواصل مع العالم.