اطلعت على مقال نشرته وكالة الأنباء الفرنسية، يطالب شركات النفط والغاز بدفع تكاليف أضرار تغير المناخ، ويذكرون بالتحديد شركتي أرامكو السعودية وإكسون موبيل بالقيام بذلك. ونسوا أن الالتزامات على الدول النامية طوعية حسب ما نصت عليه الاتفاقية الإطارية لتغير المناخ، وهي محاولة لتمرير التزامات الدول المدرجة في الملحق الأول من الاتفاقية وهي الدول التي تسببت عبر العقود العديدة الماضية في زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. وانطلاقاً من مبدأ ال Poluter Pay Principle والمنصوص عليه في الاتفاقية إلى أن الدول النامية لم تساهم خلال العقود العديدة الماضية في هذه المشكلة. وواضح أن توقيت طرح هذا المقترح ونشره قبل أسبوع من انعقاد مؤتمر اطراف الاتفاقية COP28 في دبي، قد يؤذن، إذا تم طرحه ومقترحات أخرى هدفها خلط الالتزامات، إلى فشل هذا المؤتمر. والغريب في المقترح، أنه يخص النفط والغاز فقط، وتناسوا -متعمدين- إدراج شركات الفحم وهو الأكثر بعثاً لغازات الاحتباس الحراري، ولكن ونظرًا لامتلاكهم احتياطيات كبيرة منه، فتم استثناؤه، وهذا هو النفاق وازدواج المعايير للغرب، والذي كشفته كل من أزمة أوكرانيا، وحرب غزة، وتحدثت عنه بإسهاب في كتابي: "The Blame Game" الصادر عن "العبيكان". وهذا التصرف قد أدى ويؤدي إلى مزيد من فقدان الثقة بين الغرب وبقية دول العالم. والذي يحاول تمرير كل ما هو في مصلحته دون الأخذ في الاعتبار أي التزامات دولية هو وافق عليها وأقرها على نفسه. ونسوا أهم مبدأ تنص عليه الاتفاقية وهو "تشابه المسؤولية بينما تختلف بين الدول المتقدمة والنامية". بمعنى آخر ليست هنالك التزامات اجبارية على الدول النامية، وانما هي طوعية إن شاءت قامت بها، والا فهي التزامات على الدول المتقدمة Common but Differentiated Responsibilities بالطبع فهي محاولات مستميتة وعمياء من قبل الغرب لتمرير التزاماتها الى الدول النامية، وهذا عنصر رئيسي نحو الفشل الكامل لمؤتمر أطراف اتفاقية تغير المناخ القادم في دبي، وما يتبعه من مؤتمرات لاحقة وقد سبق هذا المؤتمر حملة شعواء على الرئيس القادم له وهو زميلنا معالي الدكتور سلطان الجابر وزير الصناعة الإماراتي، واتهامه بمختلف الأوصاف، بل وصل بعضها الى مطالبة دول الغرب، بمقاطعة هذا المؤتمر فقط لأن رئيسه هو الوزير الجابر. ونسوا المؤتمرات السابقة، حينما كنت أرأس الوفد السعودي إلى هذه المؤتمرات، وهي قد رأسها وزراء غربيون متحيزون ولم نعارض نحن، بحجة أن الرئيس ما هو إلا منسق للمؤتمر وليس بمتخذ القرار. وسوف نرى خلال المؤتمر القادم هجومًا شديدًا على الوزير من قبل الغرب -مسؤولين حكوميين وغير حكوميين- وهو الوزير النزيه الذي نعرفه جميعاً، وهو الذي لا يخضع لأي ابتزاز من أي جهة كانت. ويعرفون انهم لم يستطيعوا خلال الأشهر الماضية قبل انعقاد المؤتمر من استمالته نحو آراء الغرب غير القانونية. وكانو ينزعجون حينما يفشلون في مقترحات غير واقعية يطرحونها، ويتهمون الوفد السعودي وغيرنا من الوفود الخليجية بإسقاطها - "وكان هذا شرف لنا لم ندعيه، وتهمة لا ننفيها"-. للعوامل السابقة، وللظروف العالمية وفقدان الثقة بين العالمين الغربي وبقيته، فقد تضاءلت فرص نجاح المؤتمر، حتى وإن خرج ببعض القرارات الشكلية، غبر المقنعة، حفظًا لماء الوجه فقط. وسنرى من سيتهم الوزير الحبيب الدكتور الجابر، بأنه سبب هذا الفشل، وهذا بطبيعة الحال غير صحيح إطلاقاً. حيث لم يتمكن الغرب من تمرير مقترحاتهم وعلى رأسها هذا المقترح الغريب الذي يحمل أرامكو السعودية وغيرها من شركات نفط الدول النامية بأن تقوم بتعويض بعضها البعض عن خسائر وأضرار تغير المناخ.