في عالم يشهد تنافساً متزايداً لجذب الاستثمارات الأجنبية، تبرز قصة الصين كمثال لافت لكيفية استغلال هذه الاستثمارات لتحقيق نمو اقتصادي ملحوظ. في أواخر السبعينيات، تحت قيادة دنغ شياو بينغ، اتخذت الصين خطوات جريئة نحو الانفتاح الاقتصادي، متبنية سياسات الإصلاح والانفتاح التي مهدت الطريق لعصر جديد من النمو والتطور. الخطوة الأولى في هذه الرحلة كانت إنشاء مناطق اقتصادية خاصة (SEZs) على طول الساحل الصيني، حيث قدمت حوافز ضريبية وتنظيمية للمستثمرين الأجانب. هذه المناطق لعبت دوراً محورياً في جذب الشركات العالمية، مستفيدة من تكاليف الإنتاج المنخفضة وسوق العمل الضخم في الصين. لا يمكن إغفال دور البنية التحتية والتعليم في هذا النمو؛ فقد ركزت الصين بشكل كبير على تطوير هذين الجانبين، مما أتاح الفرصة لتحويل البلاد إلى قوة اقتصادية عالمية. الاستثمارات في الطرق والجسور والمطارات والموانئ، إلى جانب تحسين التعليم العالي والتدريب المهني، ساهمت بشكل كبير في تعزيز القدرات الصناعية والتنافسية للصين. ومن الجدير بالذكر أيضاً أن الحكومة الصينية لم تغفل عن تحسين بيئة الأعمال، حيث عملت على تبسيط الإجراءات الإدارية وتوفير بيئة قانونية وتنظيمية مستقرة، مما جعلها وجهة مفضلة للاستثمارات الأجنبية في مختلف القطاعات. في الختام، تعد الصين قصة نجاح ملهمة في مجال الاستثمار الأجنبي المباشر، ومثالاً يحتذى به في كيفية استغلال الفرص الاقتصادية وتحقيق تحول سريع ومستدام. تظهر تجربتها أهمية السياسات الرشيدة والتخطيط الاستراتيجي في جذب واستقطاب الاستثمارات الأجنبية، مما يجعلها نموذجاً يحتذى به للدول الأخرى الساعية لتحقيق نمو اقتصادي مماثل.