تتعاون كوريا والمملكة بشكل وثيق في مختلف المجالات، بما في ذلك السياسة والاقتصاد والثقافة ويتوسع نطاق وعمق التعاون بشكل مطرد، وفي حوار السفير الكوري لدى المملكة بارك جون يونغ مع «الرياض» فالسعودية تعد أكبر مورد للنفط الخام لكوريا منذ فترة طويلة، وتعتبر كوريا دولة ذات تكنولوجيا صناعية متقدمة، وهي إحدى الأهداف التي تسعى رؤية 2030 إلى تحقيقها، وتشهد العلاقات السعودية الكورية تطوراً ملحوظاً وتعاوناً في شتى المجالات وعلى كافة الأصعدة وذلك تتويجاً لزيارة سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان إلى جمهورية كوريا في نوفمبر 2022 وكذلك زيارة فخامة الرئيس الكوري يون سوك يول مؤخراً إلى المملكة في أكتوبر الماضي وما نتج عنهما من اتفاقيات وشراكات ضخمة..إلى الحوار: 1/ في السادس عشر من أكتوبر عام 1962م تأسست العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية كوريا واليوم بعد مرور أكثر من ستة عقود كيف يرى سعادتكم مسيرة العلاقات بين البلدين؟ تتعاون كوريا والمملكة العربية السعودية بشكل وثيق في مختلف المجالات، بما في ذلك السياسة والاقتصاد والثقافة ويتوسع نطاق وعمق التعاون بشكل مطرد، وتعد السعودية أكبر مورد للنفط الخام لكوريا منذ فترة طويلة، وتعتبر كوريا دولة ذات تكنولوجيا صناعية متقدمة، وهي إحدى الأهداف التي تسعى رؤية 2030 إلى تحقيقها، وبالتالي يعتبر البلدان متكاملان إلى حد ٍ كبير. وعلى وجه الخصوص، قام البلدان مؤخراً بتطوير علاقات الصداقة والتعاون بينهما بشكل ملحوظ من خلال الزيارات المتبادلة رفيعة المستوى، مثل زيارة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى كوريا في نوفمبر من العام الماضي وزيارة الدولة التي قام بها الرئيس يون سوك يول إلى المملكة العربية السعودية مؤخراً، ولقد اقتصرت الأعمال التجارية لكوريا مع المملكة العربية السعودية على البتروكيماويات والبناء والبنية التحتية، ولكنها تتوسع مؤخراً لتشمل التصنيع وتكنولوجيا المعلومات والتعليم والصحة والثقافة والسياحة. الكوريون منفتحون لقبول الثقافة السعودية تتمتع كوريا بنقاط قوة في قطاع التصنيع، كما أنها تنمي قوتها الثقافية أيضًا أعتقد أن كوريا هي إحدى أفضل الشركاء للمملكة العربية السعودية وفق الرؤية الطموحة 2030. 2/ زار صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله ورعاه في نوفمبر العام الماضي 2022 جمهورية كوريا والتقى في العاصمة سول فخامة الرئيس يون سوك يول وتكللت تلك الزيارة بتوقيع 26 اتفاقية استثمار ومذكرة تفاهم بقيمة إجمالية بلغت 112.7 مليار ريال، هلّا تحدثتم سعادتكم عن هذه الشراكة الاستراتيجية؟ في منتدى الاستثمار الكوري السعودي الذي عقد بمناسبة زيارة ولي العهد لكوريا في نوفمبر الماضي، تم التوقيع على 26 اتفاقية (4 عقود، 22 مذكرة تفاهم) في مجالات الصناعة والطاقة والبناء والصناعة الحيوية والشركات الصغيرة والمتوسطة. ومنذ ذلك الحين، نحقق نتائج متتالية مثل إنشاء مشروع مشترك أو صندوق مشترك و يعد هذا توسيعًا لمجالات التعاون الحالية، والتي كانت تركز على الطاقة والبناء، ليمتد التعاون عبر الصناعات بما في ذلك التصنيع والتكنولوجيا الحيوية والشركات الصغيرة والمتوسطة. وهذا يدل على أن كوريا التي تمتلك استراتيجية اقتصادية تعتمد على التكنولوجيا المتطورة والخبرة الوفيرة والمملكة العربية السعودية التي تنتهج سياسة التنويع الصناعي القائمة على الطاقة يمكن أن تصبحا الشريك الأفضل. 3/ كيف ترون زيارة فخامة الرئيس يون سوك يول التاريخية التي قام بها فخامته مؤخراً للرياض ودورها في ترسيخ التعاون بين البلدين؟ هذه الزيارة هي أول زيارة دولة يقوم بها زعيم كوري إلى المملكة العربية السعودية، وبما أن زيارة الرد تمت خلال أقل من عام من زيارة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لكوريا في نوفمبر من العام الماضي، فإن هذا يؤشر على أن العلاقة بين البلدين في أفضل حالاتها منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية. في الاجتماع بين الرئيس يون سوك يول وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تم التعبير عن إرادة قوية لتعميق وتطوير الشراكة الاستراتيجية الموجهة نحو المستقبل بين البلدين، وأعتقد أن حضور الرئيس يون مبادرة مستقبل الاستثمار السابعة مع سمو ولي العهد بصفته ضيف شرف مما يظهر العلاقات المتميزة بين البلدين بشكل ملحوظ. بالإضافة إلى ذلك، تم اعتماد بيان مشترك بين جمهورية كوريا والمملكة العربية السعودية بمناسبة هذه الزيارة لأول مرة منذ 43 عامًا، والذي نص على تعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات. وقد حضر منتدى الاستثمار الكوري السعودي في الثاني والعشرين من أكتوبر الذي أقيم بمناسبة هذه الزيارة حوالي 300 رجل أعمال من البلدين، كما تم إبرام 46 اتفاقية (6 عقود، 40 مذكرة تفاهم) بين شركات من البلدين في المجالات المختلفة مثل الطاقة والبناء والتصنيع المتقدم، بما في ذلك توقيع اتفاقية إنشاء مصنع للسيارات بين شركة هيونداي للسيارات وصندوق الاستثمارات العامة. بالإضافة إلى ذلك، تم التوقيع على عقدَيْن ومذكرتَيْ تفاهم في احتفال الذكرى الخمسين للتعاون في مجال البناء بين كوريا والمملكة والذي أقيم بمناسبة الذكرى الخمسين للتعاون في مجال البناء بين البلدين. 4/ لدى السعودية وكوريا خططاً متماثلة لمكافحة تغيّر المناخ والاحتباس الحراري، ما تقييم سعادتكم للتعاون بين الجانبين في هذا الصدد؟ منذ دخول اتفاق باريس حيز التنفيذ في نوفمبر 2016، ساهمت حكومتنا في تحقيق المساهمة المحددة وطنيا، بما في ذلك الهدف الوطني لخفض غازات الاحتباس الحراري لعام 2030 (خفض بنسبة 40٪ مقارنة بانبعاثات غازات الاحتباس الحراري لعام 2018)، كما تقوم بإبرام اتفاق ثنائي للتعاون في مجال التغير المناخي لدعم جهود الدول الأخرى لمواجهة التغير المناخي. في عام 2022، اختارت حكومتنا المملكة العربية السعودية كدولة ذات أولوية لإبرام اتفاقية معها، وتجري حالياً مناقشات مرتبطة بهذا الموضوع مع الحكومة السعودية. قدرات المملكة التنظيمية متقدمة لكأس العالم بالإضافة إلى ذلك، نرحب باستجابة المملكة العربية السعودية لتغير المناخ من خلال إطلاق مبادرة الشرق الأوسط الأخضر ومبادرة السعودية الخضراء. وإذا تم تقديم طلب لنا من المملكة للانضمام إلى هذه المبادرة، فسوف تقوم حكومتنا بمراجعة طلب المشاركة مع الوزارات ذات الصلة. بالإضافة إلى ذلك، خلال زيارة الدولة لرئيسنا، شاركت السيدة الأولى في «مشروع الرياض الخضراء»، وهو أحد أنشطة مبادرة السعودية الخضراء، حيث قامت بغرس شجرة في الحديقة العلمية. 5/ في عام 2018 بدأ 48 مهندساً سعودياً مشروعاً مشتركاً مع المعهد الكوري لأبحاث الطاقة الذرية في دايجون بكوريا وذلك لإعداد التصاميم الهندسية لمفاعل (سمارت) النووي في المملكة ، كيف تسير خطوات التعاون بين البلدين في الأبحاث الذرية والنووية؟ * لقد قام البلدان بتنفيذ خطط أساسية لبناء مفاعل طاقة نووية صغيرة سمارت منذ العام 2015، وتم تطبيقه للحصول على التصميم القياسي المحلي لسمارت مشتركاً منذ العام 2019، والآن تحت إجراء المراجعة من قبل لجنة السلامة والأمن النووية. وفي سبتمبر 2019، تم توقيع اتفاقية بين المعهد الكوري لأبحاث الطاقة الذرية ومدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة لإنشاء مركز أبحاث مشترك، وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، تم تنفيذ ستة مشاريع بحثية مشتركة من خلال دعوة الباحثين السعوديين ومنها إجراء أبحاث أولية حول الجيل القادم من سمارت، ودراسة خطط الطاقة السعودية وآثار المساهمة في الاقتصاد الكلي، ووضع مفاهيم أولية لمحطات تحلية المياه. بالإضافة إلى ذلك، تسعى المملكة العربية السعودية إلى بناء محطة طاقة نووية كبيرة للاستجابة للطلب المتزايد على الكهرباء وتجنب الاعتماد على النفط. 6/ أدت عروض الكي بوب والبث التلفزيوني للأفلام والدراما الكورية في المملكة إلى زيادة الاهتمام بالثقافة الكورية لدى السعوديين بشكل كبير، كيف يمكن أن يساهم هذا التوجه في توسيع التعاون في مجال الثقافة والترفيه بين البلدين؟ أولاً وقبل كل شيء، الاهتمام بثقافة البوب الكورية في المملكة العربية السعودية مرحب به حيث أن العلاقات الودية بين الشعبين قد زادت وتم تعزيز العلاقة الودية بين البلدين من خلال الأفلام الكورية والدراما والبوب الكوري. من المعتقد أن تطوير المحتوى الثقافي الكوري قد ساعده التقليل من اللوائح التنظيمية من الحكومة، والمواد الإبداعية التي تستفيد من الخصائص الكورية، والخبرة والدراية المتراكمة خلال تطور الثقافة الشعبية الكورية على مدى العقود العديدة الماضية، وبناءً على شعبية محتوى الموجة الكورية، تسعى بعض شركات الترفيه الكورية إلى الدخول في سوق المملكة من خلال إنشاء فروع لها، ومن المتوقع أن يتوسع التعاون في مجال الترفيه بين البلدين في المستقبل، ومن المهم أيضًا أن يتوسع التبادل الثقافي في كلا الاتجاهين، حيث يتمتع الكوريون بشكل أساسي بشخصية مغامرة ومنفتحة، وأعتقد أنهم منفتحين على قبول الثقافة السعودية. على سبيل المثال، زاد اهتمام الكوريين بالطعام العربي في الآونة الأخيرة، ويمكن الحصول بسهولة على التمر، وهو أحد الأطعمة التي تمثل الشرق الأوسط، من محلات السوبر ماركت الكبيرة في كوريا.= 7/ فازت المملكة مؤخراً باستضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم عام 2034 ، كيف يرى سعادتكم هذه الحدث؟ تمتلك المملكة العربية السعودية قدرات تنظيمية وإمكانات متقدمة في هذا المجال، بما في ذلك استضافة الأحداث الرياضية العالمية بنجاح مثل ليف غولف (LIV Golf)، الفورمولا ون، ورالي داكار، وكوريا ترحب باستضافة السعودية لكأس العالم 2034 ولا شك أن استضافة بطولات كرة القدم الدولية مثل كأس العالم للأندية في ديسمبر من هذا العام وكأس أمم آسيا في 2027 يمكن أن تكون بمثابة الاستعداد الكبير لاستضافة كأس العالم 2034. السفير الكوري خلال حديثه ل«الرياض» اتفاقيات وشراكات ضخمة بين البلدين