جعجعة بلا طحن (Much Ado About Nothing) هي مسرحية كوميدية كتبها ويليام شكسبير تقريباً عام 1598م وتعد واحدة من أشهر مسرحياته، وينطبق معناها على ما يحدث حالياً، فمنذ أن بدأ الحزن والألم يعتصران إخوتنا في فلسطين، والقنابل تنهال عليهم، ونقص الأدوية والأغذية يعصف بالباقي منهم ونحن لا نرى على السوشيال ميديا سوى الكلام، والتنظير وتظاهرات تجوب الدول دون فائدة تُذكر، فيما نشهد هجوماً غريب الشكل على المملكة والشعب السعودي، وكأننا السبب في ما يحدث، أو أننا لم نقدم شيئاً لتلك المنطقة العزيزة على قلب كل مسلم. حتى وقت كتابة سطوري هذه بلغت تبرعات الشعب السعودي أكثر من 282 مليون ريال وذلك ضمن الحملة الشعبية لإغاثة الشعب الفلسطيني التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز عبر منصة «ساهم»، وتبرع من خلالها بمبلغ 30 مليون ريال، كما تبرع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ب20 مليون ريال، وهو ما يعكس معدن المملكة وأصالة شعبنا الكريم في المسارعة إلى تجنيب الفلسطينيين ويلات الصراع، والتخفيف من وطأة المعاناة الإنسانية، وتدهور الأوضاع المعيشية والانهيار التام للخدمات. ولا يقتصر دعم السعودية على المال فقط، ولمن نسوا أو يحبون أن يتناسوا أود أن أذكرهم باللقاء الذي عقده الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود -رحمه الله- مع الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت على متن حاملة الطائرات "يو إس إس كوينسي" في قناة السويس، ففيه قال المؤسس ل روزفلت إن العرب سيختارون الموت بدلاً من تسليم أراضيهم لليهود، مؤكداً له حق الشعب الفلسطيني بالعيش على أرضه بسلام. منذ هذا اللقاء الذي جرى في 14 فبراير 1945م، والسعودية تمارس دورها كأكبر داعم تاريخي للقضية الفلسطينية عربياً وعالمياً بإجمالي مساعدات ومعونات مالية بلغت 5 مليارات دولار في العقود الثلاثة الماضية (حسب بيانات مركز الملك سلمان للإغاثة)، كما ساهمت وقفات المملكة التاريخية لنصرة الحق العربي والفلسطيني في رفع المعاناة، وتضميد الجراح، وإعمار الأرض وتعزيز صمود الفلسطينيين في جميع الأزمات والمحن التي مرّوا بها، خلال كامل المُنعطفات والتحديات الماضية، كما تتصدى لكل محاولات القوى المناوئة له. يحدث كل هذا بعيداً عن الشعارات الزائفة والمُزايدات التي تتناول موقف المملكة، فعلى مدى السنوات الماضية هناك ثبات ووضوح لرؤية السعودية وقيادتها الرشيدة بعدم إدخال القضية الفلسطينية في إطار المزايدات السياسية، كما أن موقف المملكة معروف بالفصل بين الخصومة السياسية التي قد تحدث مع فصيل أو حتى السلطة الفلسطينية، وبين القضية الفلسطينية نفسها، وهو موقف واضح، وفصل تام أعطى مصداقية لهذه الرؤية. أما عن التبرع من خلال "ساهم" فإنه مظهر آخر من مصداقية المملكة في التعامل مع تلك الأمور، فالقنوات الرسمية هي الضامن لذهاب المال والمساعدات لمستحقيها، بدلاً من حملات التبرع الوهمية التي تذهب بالمساعدات إلى وجهات أخرى، يتاجر بعضها بآلام الناس ومعاناتهم. إن موقف المملكة وشعبها ثابت، ونحن لا نتأثر أبداً بما يقال، فالكلام الكثير لا فائدة منه، وأما الأفعال فهي المؤثر الوحيد في سير الأحداث، وهو ما سنفعله وسنظل عليه بإذن الله.