أعتقد أن هذه واحدة من الجمل المحبطة التي يمكن أن يسمعها الموظف في حياته المهنية وتقتل ما بقي من الحماس والدافعية والأمل في محاولة النهوض ببيئة العمل، لتصبح هذه البيئة منفرة وغير جاذبة البتة، متجاهلاً هذا المدير كل الأنظمة التي تحكم كل الأطراف، ويفتقد إلى أخلاقيات المهنة وأدبيات الإدارة في التعامل مع الموظفين، ومن هنا يبدأ الموظف في كتابة الحلقة الأولى من مسلسل "البحث عن الأمل" في إيجاد بيئة عمل أخرى بديلة تكون محفزة ومشجعة وتؤمن بالحوافز والتشجيع وتقدير الموظف، وفي المقابل تبدأ الإدارات الأخرى "الحلقة الثانية" من المسلسل في الاستغلال الأمثل لهذه الفرصة في استقطاب المميزين من الموظفين من الإدارة السابقة من خلال تقديم كل الحوافز المشجعة لهم وبيئة عمل جاذبة ومرنة مقابل الانضمام لها وتحقيق معدلات إنتاجية أعلى وأهدافها المنشودة، لتتضح القصة بمفهومها البسيط والطبيعي انتقال الموظف من بيئة العمل الجرداء التي لا زرع فيها ولا ماء، إلى أخرى فيها الخير والعطاء ليس على المستوى المادي فقط بل كذلك على المستوى الإنساني والوجداني وهو مصداق ليقين هاجر زوجة إبراهيم عليه السلام بالله عز وجل في علاه "إذاً لن يضيّعنا الله". ومن المفارقات الغريبة أن هذه الحوافز حاضرة بقوة للمديرين والمسؤولين والقيادات، وقد تكون جزءاً أساسيًا لقبول المميزين منهم لهذه المناصب الإدارية، لكن في المقابل تستهجن وتستغرب إذا طالب الموظف المميز بحوافز مادية أو إدارية أو تطويرية وأن هذا لا يحق له، وقد يذكر بأنه يتقاضى راتبًا، وأن عمله لا يستحق ذلك، وأن لا يعود لمثل هذا مرة أخرى وأن لا يلتفت إلى أقرانه من الموظفين في الأماكن الأخرى، ليدخل الموظف في حالة نفسية، الله وحده يعلم متى يخرج منها بالإضافة إلى معاناته من كثرة الالتزامات المادية، وزيادة معدلات التضخم. لا شك أن عدم تقدير العمل الجيد والاهتمام به بالشكل الكافي يؤثر سلبيًا على الإنتاجية وعلى تدني الجو العام في بيئة العمل؛ فالكثير من الرؤساء تصعب عليه كلمة "شكراً" أو لا يعرفها من الأساس - وهم لا يعلمون ما مقدار الشحنة المعنوية الإيجابية لها - مما يزيد من الواقع السلبي الذي يشعر الموظف بالضياع وفقدان العمل الجاد وتشتت البوصلة في البحث عن الاتجاه المرضي لهذا المدير. أثبتت الدراسات مؤخراً أن الحوافز فعالة في تحفيز الموظفين على الإنتاجية وقد تكون مادية أو معنوية أو إدارية ومع ذلك، فإن نوع الحوافز الأكثر فعالية يختلف من شخص لآخر ومن وظيفة إلى أخرى، وأن الحوافز المالية يمكن أن تؤدي إلى زيادة الإنتاجية قد تصل إلى معدلات كبيرة، وأن الحوافز غير المادية، مثل التقدير والشكر والثناء على الزملاء والتطوير المهني، يمكن أن تكون فعالة بقدر جيد على الإنتاجية إذا حسن استخدامها لكنها ليست طويلة الأمد. عمر العمري