أجمل ما في الرياضة أنها بعيدة عن السياسة، بل إنها أحياناً تحقق التقارب السياسي، فالرياضة وتحديداً كرة القدم بحكم شعبيتها الطاغية ليست مجرد فوز وخسارة، بل هي وسيلة حوار ثقافي وتقارب بين الشعوب، ولذا يمنع الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» إقحام السياسة في الرياضة، وفي قارة آسيا رغم مساحتها الشاسعة والقارة الأكبر بين قارات العالم، إلا أننا لا نرى الضجيج السياسي رياضياً إلا في إيران، وللأندية الإيرانية سجل مخز في ملاعبها في تسييس الرياضة، وبكل أسف الأندية الإيرانية أفسدت متعة كرة القدم بإقحام الجمهور في مناكفات سياسية في حين تحضر جماهير تلك الأندية بعشرات الآلآف لمشاهدة كرة القدم، في حين تتحول تلك التظاهرة الكروية الجميلة إلى شعارات سياسية تشمئز منها جميع الأندية الآسيوية التي تلعب في إيران، ورغم استمرار هذه الشعارات السياسية لعشرات السنوات إلا أن الاتحاد الآسيوي ظل مكتوف الأيدي وفشل فشلاً ذريعاً في حل هذه المعضلة ولم يستطيع تطبيق العقوبات اللازمة للأندية الإيرانية بإقحام السياسة في الرياضة. ذهب الاتحاد لملاقاة سابهان الإيراني في ثاني جولات دوري أبطال آسيا على ملعب نقش جهان في مدينة أصفهان، وتفاجأت إدارة ولاعبو الاتحاد بوجود ثلاثة تماثيل تم وضعها داخل الملعب وتحديداً مكان مرور اللاعبين لأرض الملعب، فلم يكن أمام إدارة نادي الاتحاد إلا أن تتقدم باعتراض رسمي لمراقب المباراة الذي قرر في وقت لاحق منع إقامة المباراة بسبب استخدام الشعارات السياسية في الشأن الرياضي، وكان قرار إدارة نادي الاتحاد جازماً وقوياً بعدم إقامة المباراة والانصياع لرغبات الإيرانيين بل إجبار النادي الإيراني على لعب المباراة بعيداً عن السياسة وعدم لعب مباراة في ملعب بداخله مثل تلك المجسمات الخارجة عن الرياضة، وكانت ردة الفعل الإعلامية والشعبية داخل وخارج المملكة العربية السعودية مؤيدة لقرار إدارة نادي الاتحاد برئاسة أنمار الحائلي وأشادت بموقفه القوي ضد النادي الإيراني. ومن سوء الصدف أن يلعب الهلال في اليوم التالي من قرار منع إقامة مباراة الاتحاد وسابهان في استاد أزادي، وانتشرت الشعارات السياسية بشكل أكبر خارج الملعب وفي جميع شوارع العاصمة الإيرانيةطهران في تصرفات «صبيانية» ومحاولة يائسة لاثارة إدارة ولاعبي الهلال، إلا أن الرد الهلالي كان ملجماً داخل الملعب بالفوز بثلاثة أهداف دون مقابل أمام فريق نساجي مازندران الإيراني الذي اتبعت إدارته كل الطرق لإثارة إدارة الهلال ولاعبيه، ولكن دون جدوى، حتى النجم العالمي نيمار لم يسلم ومحبوه في إيران من الحركات الصبيانية من قبل بعض ضعاف النفوس في إيران. كل ما أتمناه ويتمناه كل محبي كرة القدم لعب مباريات في إيران بعيداً عن السياسة وتطبيق كل القرارات والأنظمة التي تحُث على عدم استخدام الشعارات السياسية في الشأن الرياضي، وتكون رياضتنا بعيدة عن السياسة خصوصاً بعد عودة العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية. طلال بن محفوظ