تظل العلاقات الإنسانية محفوفة بالمشاعر الصادقة النبيلة؛ أما تلك التي تجنح للعنف والقسوة والوحشية والظلم والكذب واحتقار الآخرين، فهي خانقة للعلاقات، وتفتقد لأبسط قواعد التعامل الحسن والخلق القويم. الاحترام الكبير الممزوج بالحُب الصادق الذي يكون بين الكبير والصغير يحقق التوازن ويبث الخير والسعادة، ويشيع البهجة في التعامل بين الناس؛ لكن كل هذا يبدأ من حيث احترام الذات؛ فإن لم يحترم أحدنا ذاته لن يتمكن من احترام الآخر، وبالتالي لن يتمكن من اكتساب مفهوم العطاء المتبادل. والاحترام مقرون بالحُب وإذ لم نحب عملنا لن ننجح فيه ونتميز، وإن لم نحب أمومتنا وأبوتنا لن نستطيع أن نكون مربين ناجحين، ولن نحصل على النتائج المرجوة من أبنائنا، وإن لم نحب وطننا فلن نستطيع منحه فيمنحنا بالمقابل، وهذا أحد أهم ما أوصلنا إلى ما نحن عليه منذ سنواتٍ، فقد سكنت الكراهية والحقد والعداء في قلوب البعض من الناس وخاصة الأسر بدلاً من المودة والرحمة والحُب فيما بينهم، فصارت نظرات الخوف والرعب باديةً على محيّاهم جميعاً من ذاك الآخر الذي يبادلنا الشعور ذاته، وبالتالي صار ابتعادهم كل عن الآخر أعمق وأقسى. وكما لكل سببٍ نتيجة منطقية فإن الحقد والكراهية لن تولد إلا التفرقة والعنف والعنف المضاد، بينما لو حافظوا على بعضٍ من طفولتهم وبعض الحُب بدواخلهم، لكان اليوم قد خرجوا من هذا النفق المظلم الذي لا نهاية له إلا بالحُب الذي سيفضي حتماً إلى نمو براعم الإنسانية فينا، ومن ثم نتمكن من رؤية الآخر كما نرى أنفسنا، فنعطيه ما نعطي لأنفسنا من حقوق، ونطالب أنفسنا بما نطالبه به من واجبات. لننظر نظرةً واحدةً إلى أرواحنا حينما نعيش حالة حُب مع شخصٍ نرغبه ونلتقي وإياه بطموحاتنا وأحلامنا وأفكارنا، سنجد أن نظرتنا إلى الحياة تغيّرت وباتت الألوان الزاهية عنوانها، وأننا بتنا نحب كل ما يحيط بنا، سواء كأشخاص أو أماكن، وسنلاقي الحلول لجلّ مشاكلنا، وبالتالي فإن كل شيء يتغير من حولنا، والعكس صحيح في حال فقدنا الحُب الذي نصبو إليه، حيث يحيط بنا السواد الأعظم والتشاؤم واليأس، فلو عممنا الحال، وتوسعنا بتفكيرنا بمفهومنا للحُب، وعكسنا الحالة الشخصية على الحالة العامة لوجدنا أننا حينما نحب حُباً عاماً ستكون الحياة أجمل وأبهى، وسيصبح العالم لا يتسع لأجنحتنا، فنسعى للعطاء أكثر ونصبح أقرب إلى الإنسانية التي خصّتنا بها الطبيعة عن كل مخلوقاتها الأخرى. فلنحلّق معاً في فضاءات الحب والعطاء والإنسانية البعيدة كل البعد عن الوحشية والظلم والكذب واحتقار الآخرين لما أعطاك الله من المال والجاه فكلها فانية وزائلة ويبقى العمل الصالح الذي يرافقك في قبرك.