منحت أمواج البحر الأبيض المتوسط العاتية جزيرة لامبيدوسا الإيطالية مؤخرا فترة من الهدوء لكن عمال الإنقاذ يستعدون لتوافد قوارب مهاجرين جديدة يتوقع وصولها بمجرد أن يتغير الطقس. وباتت هذه الوجهة السياحية الصغيرة قبالة سواحل شمال إفريقيا والمعروفة بخلجانها ومياهها الصافية، مقصدا لقوارب المهاجرين بينما تتشاحن الدول الأوروبية بشأن تحمل مسؤولية طالبي اللجوء. ووصل 8500 شخص في غضون ثلاثة أيام فقط في وقت سابق هذا الشهر على وقع ارتفاع كبير في وتيرة عبور قوارب المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط، وهو ما اعتبره اليمين المتطرف في أوروبا "غزوا". وبينما كان السياح والمصطافون يستمتعون بالشواطئ تحت أشعة الشمس، كان آلاف المهاجرين ينامون على أسرة معدنية داخل وحول مركز استقبال هو عبارة عن مبنى مسبق الصنع تحيط به أسوار عالية ويتسع ل400 شخص. وأدت أحوال الطقس السيئة قبالة تونس وليبيا إلى توقف حركة المراكب التي تقل في غالبيتها أفارقة من منطقة جنوب الصحراء إلى أوروبا. غير أن سكان الجزيرة البالغ عددهم نحو 6500 شخص يدركون أن المزيد سيصلون قريبا. ومثلهم عمال الإغاثة. وتقول المتحدثة باسم الصليب الأحمر الإيطالي سيرينا كورنيليا التي تشرف على المركز، إن الفرق حريصة على ضمان أن يكون لديها ما يكفي من المخزون كي لا ينفد كما حصل في السابق. وقالت لوكالة فرانس برس إن العمال "يتزودون بمزيد من أدوات الاسعافات الأولية والمواد الغذائية كي لا تنفد فجأة". وبينما نُقل معظم المهاجرين الذين وصلوا مؤخرا إلى البر الرئيسي، يتلقى قرابة مئة قاصر عبروا من دون أولياء أمر، دعما خاصا. وأوضحت كورنيليا أن "لدينا متخصصون ومتطوعون ... نقوم معهم بأعمال محددة، ونتأكد بشكل خاص من أنهم لا يحتاجون إلى مزيد من الدعم الصحي أو النفسي". وأقرت رئيسة الحكومة اليمينية المتطرفة جورجيا ميلوني، التي فازت في الانتخابات التشريعية العام الماضي بناء على برنامج معادٍ للهجرة، في وقت سابق هذا الأسبوع بأنها كانت تأمل في تحقيق نتائج "أفضل" في ضبط الهجرة غير الشرعية. وسُجل وصول أكثر من 133,000 شخص حتى الآن هذا العام، مقارنة بنحو 70,000 في نفس الفترة العام الماضي، رغم تدابير ميلوني التي تضمنت فرض قيود على أنشطة سفن الانقاذ التابعة لمنظمات خيرية. وقال فيليكس فيس من المنظمة الخيرية الألمانية سي-واتش (Sea-Watch) إن قانونا أصدرته الحكومة يمنع السفن من القيام بعمليات انقاذ متعددة، يكبّد في الواقع تكلفة بشرية. وصرح لوكالة فرانس برس أن "منذ وصول جورجيا ميلوني إلى السلطة، رصدنا أعلى عدد من الوفيات منذ 2016، مع غرق نحو 2500 شخص هذا العام في وسط البحر المتوسط". أضاف "سفننا عالقة في موانئ، وهذا أمر لا يصدق لدى الاخذ بعين الاعتبار عدد المهاجرين الذين يحتاجون للانقاذ". ورأى أن "سياسة الهجرة العنصرية للحكومة الإيطالية ... تفشل تماما لأن الأعداد ترتفع". وقال سياح يتجولون بين الحانات والمطاعم ومحلات الهدايا التذكارية في السوق المخصص للمشاة في لامبيدوسا، إن كرم سكان الجزيرة تجاه المحتاجين يجب أن يكون درسا لأوروبا. وانتقد ماركو فرانسيوزي، السائح البالغ 57 عاما من تورينو، "الدعاية" التي يروج لها السياسيون، وذلك بينما كان يقف أمام "بوابة أوروبا" المنحوتة التي تخلد ذكرى المهاجرين الذين لقوا حتفهم غرقا في البحر. وقالت شريكته مونيكا إن عدد الوافدين "ضئيل جدا حقا" مقارنة بعدد سكان أوروبا، مضيفة "إذا تعاونت أوروبا بأكملها، ستكون المسألة بسيطة". وتابعت "نحن جميعاً مهاجرون. في تاريخ عائلاتنا، هناك دائماً تاريخ للهجرة ... ليس هناك سبب للخوف، لا أحد يغزونا". 1