مكانة المملكة اليوم مختلفة وبشكل كبير عما كانت عليه قبل سنوات، اليوم السياسة السعودية أصبحت عملة حيوية إقليمياً ودولياً؛ لتساهم في تحديد وصناعة الاتجاهات السياسية، وهذه حقيقة يجب أن يتقبلها الجميع، فالصعود السعودي حقيقي ونافذ ومؤثر في المسار الدولي.. خلال الثماني سنوات الماضية حققت السياسة السعودية خطوات كبيرة في تعزيز قدراتها وأصبحت قوة سياسية بنفوذ استراتيجي فاعل، وهذا التحول انعكاس طبيعي للسياسات الداخلية والخارجية التي اتخذتها القيادة السعودية، هذه الأيام تحتفل السعودية باليوم الوطني الثالث والتسعين وقد حققت خلال التسعة عقود الماضية الكثير من الإنجازات، ولكن الثماني سنوات الماضية وبعد ولادة رؤية السعودية "2030" التي يقودها سمو ولي العهد، تحقق الكثير من التحولات الداخلية والخارجية وهي تحولات لفتت أنظار العالم إليها وغيّرت الرؤية الإقليمية والدولية للسعودية الصاعدة من جديد في الاتجاه الدولي. في هذا المقال قراءة لتحولات المشهد السياسي عبر عرض جوهر القوة الإقليمية والدولية التي حققتها السياسة السعودية والكيفية التي صنعتها السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين، والفاعلية السياسية الدؤوبة لسمو ولي العهد في إدارة الملفات السياسية وصناعة المستقبل والتنبؤ الدقيق بمعطيات عالم إقليمي ودولي متغير. التحول في المشهد السياسي السعودي عكس التغييرات التي طرأت على هذا المشهد، فالحالة السياسية الإقليمية والدولية دفعت السعودية نحو اتجاهات أكثر انطلاقا، فكان من المهم للمرحلة السياسية التي تعيشها السعودية بناء الاتجاهات وتحفيز القيم السياسية الداعمة للمشروع التحولي السعودي والذي مثلته رؤية السعودية "2030" ورؤية مهندسها الأول سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. لقد فرضت الاحتياجات القائمة للمشهد السياسي السعودي صناعة تحولات وبناء التحالفات وتصفير للمشكلات وإعادة تعريف النفوذ الإقليمي الذي تحركه القوى، وتبرز فيه السياسية السعودية كقائد استحق القيادة، فعندما وقف العالم أمام مشهد التغيرات الكبرى ومنها الحرب الروسية - الأوكرانية وغيرها من الأزمات الاقتصادية والسياسية الإقليمية والدولية وبروز مفاهيم تتحدث عن تحولات النظام العالمي واتجاهاته المستقبلية: كانت السياسات السعودية جاهزة للنظر بوعيها السياسي المتطور لدورها الإقليمي والدولي حيث عززت قدراتها على جميع الصّعُد وذهبت بكل انسيابية نحو موقعها كلاعب دولي يتخذ موقعه على الخارطة. اليوم السعودية تبرز كقوة متوسطة المدي على المستوي الدولي، بينما أصبحت القوة الأكثر تأثيراً على المستوى الإقليمي، وقد لعبت السعودية أدواراً عبر تواجدها كطرف مهم ووسيط سلام في الأزمات الدولية لحل هذه الأزمات عبر دفع المتنافسين إلى طاولة المفاوضات، ولعل الأزمة الروسية - الأوكرانية تعكس قدرة المملكة كقوة صاعدة على استثمار علاقاتها الاستراتيجية مع الأطراف كافة، وهذا يعكس سياسة سعودية خارجية تتميز بالنشاط والحيوية. لقد سخّرت السعودية إمكاناتها السياسية والاقتصادية والجيوستراتيجية، حيث فتحت المجال للمؤسسات الإقليمية والعربية للمساهمة وتفعيل الدور الإقليمي، ويظهر ذلك من خلال قدرة السعودية السياسية على مشاركة العرب والخليجيين في القمم الدولية التي يحضرها رؤساء الدول الكبار في العالم مثل أميركا والصين، وقد شهدت مدن سعودية خلال السنوات الماضية الكثير من هذه الأنشطة السياسية. السياسة السعودية أثبتت أنها قادرة على استخدام الأدوات الاقتصادية الناتجة من مشروعات وبرامج رؤية "2030"، من أجل تعزيز الأهداف الجيوسياسية، فما تشهده السعودية في الداخل انعكس بشكل كبير على مكانة المملكة وتأثيراتها الدولية، ما عزز أهدافها الجيوسياسية في مجالات متعددة كالتجارة والاستثمار والطاقة والثقافة والرياضة والتقنية والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والبرامج الفضائية وإدارة المعلومات والتطبيقات القانونية للحقوق والواجبات وبناء معايير صارمة ضد انتهاكات حقوق الإنسان واستقلالية القضاء ومكافحة الفساد وتعزيز جودة الحياة للمواطنين والكثير من التحولات التي حملتها برامج ومشروعات الرؤية السعودية. السنوات القليلة الماضية تمكن العالم من حولنا من ملاحظة التغيرات الجذرية في التوجهات السياسية السعودية وأصبح من السهل ملاحظة تلك التغيرات، وقد أثار هذا التحديث في التوجهات السعودية الكثير من الأسئلة، وخاصة أنه عرف عن منطقة الشرق الأوسط أنها غالبا ما حافظت بشكل تقليدي على سياسيات خارجية مرتبطة بحلفاء تقليدين لها، اليوم ساهمت الاتفاقات الثنائية بين دول في المنطقة إلى الإيمان بأن السياسة السعودية تذهب بلا تردد إلى إعادة تعريف منطقة الشرق الأوسط عبر منظومة التحالفات السلمية وتخفيف التوترات وتسييل المشكلات الثنائية إلى مسارات تعاون مشترك يمكن لكل دول العالم المشاركة فيه. احتفالنا بيومنا الوطني الثالث والتسعين يرتبط وبشكل كبير بتك الإنجازات السياسية الرائدة التي حولت مشروع رؤية المملكة "2030" إلى مشروع إقليمي فاجأ العالم من حيث حيوية القيادة السياسية الشابة في السعودية حيث عمل سمو ولي العهد - حفظه الله - على جعل التحولات فعلية ومنها بالتأكيد المجال السياسي، فمكانة السعودية اليوم مختلفة وبشكل كبير عما كانت عليه قبل سنوات، اليوم السياسة السعودية أصبحت عملة حيوية إقليما ودوليا لتساهم في تحديد وصناعة الاتجاهات السياسية وهذه حقيقة يجب أن يتقبلها الجميع، فالصعود السعودي حقيقي ونافذ ومؤثر في المسار الدولي.