بارك الجميع في الوسط الرياضي إعلان وزارة الرياضة للمشروع الرياضي السعودي وما تبعه من خطوات مرحلية تجاه اعتماد خصخصة الأندية المحلية، واستقبلنا جميعاً بفرحة غامرة انطلاقة موسم رياضي استثنائي على جميع الصعد متوجاً بدعم لامحدود من قيادتنا الرشيدة -حفظها الله- للنهوض بالقطاع الرياضي في إطار عمل دؤوب لا يتوقف وخطى متسارعة من وزارة الرياضة لتطوير رياضتنا الوطنية لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 ضمن مسارات عمل تصاعدية ترقى بالقوة الناعمة وبمخرجاتها نحو العالمية. وفي خضم هذا التوجه الوطني ورتم الأداء الرياضي العالي تسعى العديد من إدارات الأندية بكل طاقاتها وكوادرها الإدارية والفنية لتأكيد حضورها وتسجيل وجودها في ميادين التنافس والإدارة من أجل تحقيق المزيد من الإنجازات المحلية والقارية والعالمية. في الوقت الذي مازالت تراوح فيه أندية أخرى في المكان بطموح لا يتجاوز البقاء في منطقة الراحة، وعلى النقيض من ذلك نجد أندية لا تقبل بالبقاء بعيداً عن منصات التتويج مستفيدة من كل الإمكانات والفرص التي وضعتها ضمن أندية المستوى الأول. وخلال الفترة الماضية تابع الشارع الرياضي الأحداث المتعاقبة التي عصفت بنادي الشباب، هذا الكيان العريق والذي سيبقى واجهة مشرقة لرياضتنا السعودية، والتاريخ شاهد على ما قدمه لرياضتنا المحلية على مستوى العمل الإداري الرياضي عبر العديد من القيادات، وكذلك على مستوى الأجهزة الفنية واللاعبين من أبرزهم كابتن المنتخب السعودي إبراهيم تحسين ومحمد المغنم (الصاروخ) ونايف مرزوق وخالد المعجل وسعود السمار وعبدالرحمن الرومي وعبدالعزيز الرزقان وفهد المهلل وسعيد العويران، والقائمة تطول ولا يسعها مقال، ولا شك أن رجالات الشباب وأعضاء النادي الذهبيين وبتكاتف جماهيره ومحبيه قادرون على تجاوز هذه الأحداث وإعادة الليث لعرينه ومكانه الطبيعي وتشكيل هوية البطل. وبعيداً عن الخوض في تفاصيل ما حدث والتي أشبعت طرحاً داخل النادي وأروقته وخارج أسواره، ومن خلال الإعلام بجميع قنواته وعبر مواقع التواصل، الأمر الذي ساهم في تشعبها وتمددها، وجدير بنا أن نشيد بالتدخل العاجل والمنصف من وزارة الرياضة التي أقرت بحل المجلس وتعيين رئيس مكلف لحين عقد جمعية النادي وإعادة ترتيب مجلس البيت الشبابي. وهنا لا بد من التسليم بتأثير تبعات ما حدث للشباب والتي طالت حتى أداء ونتائج فريق القدم في دوري روشن السعودي للمحترفين، وقد تستمر لأبعد من ذلك الأمر الذي لا يرضي جماهير النادي ومحبيه وكل من ينشد عدالة المنافسة. والمطلوب من قيادات هذا الكيان الكبير شيئاً من الهدوء والتفكير بروية لوضع الحلول المناسبة، الموسم أمامكم طويل وفرص التعويض متاحة وخطى التصحيح لوضع الحلول للمناسبة للعودة القوية ممكنة، والجماهير الشبابية على ثقة بتجاوز رجالات الشباب لهذه الأزمة، ولا يخفى على المتابع للعمل في المجال الرياضي وفي الأندية تحديداً من وجود عقبات وصعاب تعطل مسيرة العمل عند المرور بدوامة من الأزمات وطالما وجدت أزمة يعني ذلك حتماً وجود خلل أثر بشكل مباشر وغير مباشر على كافة مستويات العمل والإنجاز ولتخطي هذه الفترة الحرجة وحالة عدم الاستقرار التي انعكست على هذا الكيان، الأمر الذي يتطلب التدخل الفوري للحد من نزيف تأثيرها بالسلب على المدى القريب والبعيد، كما أن التعامل التقليدي لمعالجتها عبر اتخاذ قرارات عشوائية عاجلة يزيد من تفاقمها وتصبح الشغل الشاغل لمنسوبي النادي وجماهيره وتبعدهم عن استحقاقاتهم القادمة وأهدافهم المنشودة خلال للموسم الرياضي. الإدارة الحالية أمام تحدٍ كبير يتطلب التكيف مع واقع الأزمة والسيطرة عليها والتعامل معها باحترافية. ومع تعدد الأزمات التي تواجه الأندية الرياضية وتنوعها من حيث طبيعتها ومصدرها وقوة تأثيرها والتي يأتي في مقدمتها الأزمات المالية إضافة إلى الإدارية والفنية وغيرها، ولن نتعمق في تفاصيل كل أزمة وأسبابها، وبين الحين والآخر تتعرض الأندية الرياضية إلى أزمات، ويتصدر المشهد هنا دور الإدارة الاحترافية في الأندية الرياضية في معالجة ما تواجهه من أزمات، ومن المعيب في الأعراف الرياضية استغلال رئيس أو بعض أعضاء مجالس الإدارة في نادي سين أو عين مناصبهم لتحقيق أغراض شخصية أو اتخاذ قرارات تعطل مسيرة العمل أو تعترض تحقيق أهداف وطموحات تنتظرها الجماهير. المشكلة تبدأ صغيرة وبسبب الإهمال واللامبالاة في حلها تكبر وتصبح أشبه بكرة الثلج، إن من يتولى رئاسة نادي لا بد أن يضع أمام عينيه مسؤولية المحافظة على مكتسبات النادي واستشعار مسؤولية إدارة الكيان، ويسعى لتحقيق أهدافه الاستراتيجية، كما أن الحوكمة وتفعيل دور الرقابة على رؤساء الأندية والإداريين مطلب يحد من الكثير من هذه التجاوزات ومع مرور الوقت سيقضي عليها تماماً كما أن المركزية في اتخاذ القرار وتعارض المصالح بين صناع القرار ومنفذيه قد تكون بمثابة القشة التي تقسم ظهر البعير، وذلك لعدم وجود آليات واضحة للتفويض، وجميع ما سبق ينعكس على الأداء الإداري في الأندية والعبرة بالنتائج. كما نأمل من مجالس إدارات أنديتنا وضع ضوابط ومعايير يتم على ضوئها اتخاذ قرارات تجديد العقود على أن يشمل ذلك أيضاً موضوع الإعارة وانتقالات اللاعبين فيما بين الأندية. وضرورة التنسيق بين الإدارة والأجهزة الفنية والبعد عن العشوائية في اتخاذ القرارات، ولعله من الواجب التأكيد على أن أكبر عقبة تواجه النادي خلال فترة الأزمة هو ظهور الشائعات المغرضة وانتشارها كانتشار النار في الهشيم، وهذا ما يحدث مع الشباب حاليًا، كذلك وجود الانقسامات في بعض الأندية والصراع المستمر على المناصب داخل النادي ينعكس سلباً على الأداء الإداري وصولاً لتأثيره على الأجهزة الفنية واللاعبين والجماهير. ولا بد من السرية التامة في التعاطي مع الأزمة والعمل بمنأى عن الإعلام والاستفادة من رموز وقيادات النادي والخبرات والمختصين لتحليل جوانب الأزمة والعمل على معالجتها. فريق إدارة الأزمة يتم التصويت على اختيارهم بعناية ويمكن أن يضم في عضويته رئيس مجلس إدارة النادي أو المكلف عدداً من أعضاء مجلس الإدارة، ولا بد من التعامل بهدوء تام واحترافية في إدارة الأزمة من خلال استعراض جميع حيثياتها ووضع الحلول المناسبة لمعالجتها من خلال اللجنة المشكلة لإدارة الأزمة مع عدم تسريب أو إعلان الإجراءات التي سيتم اتخاذها والتأكيد على عدم التعاطي مع تبعات الأزمة بالطرق التقليدية من خلال الظهور غير المقنن لقيادات النادي وأعضائه الذهبيين والتفاعل مع جماهير النادي وغيرهم في منصات التواصل الاجتماعي وفتح باب الأخذ والرد أو التبرير غير المجدي، وبعد ظهور مؤشرات تجاوز الأزمة يمكن وعبر بيان صحفي يصدره النادي يتم عرض جميع الإجراءات المتخذة واستعراض النتائج، مع التنويه بعدم استخدام لغة التحدي والانتقام والكيل بمكيالين في إدارة الأزمة والاختيار الأمثل لأعضاء لجنة إدارة الأزمة والاتفاق على توحيد الرأي والهدف، رصد جميع المعلومات وتحديد سبب الأزمة بشكل دقيق ومناقشة الحلول المقترحة مع الحذر من تكرارها مستقبلاً ولا يمنع من طلب دعم ومساندة الجهات المعينة، والإحاطة إلى أن الروية والتأني لا تعني التسويف والتأجيل تحت مسمى "أزمة وعدت"، بل لا بد من مراعاة عامل الوقت في إيجاد الحل المناسب لها والإعلان عن الأزمة وما تم اتخاذه من خطوات لحلها. مع ضرورة إظهار الحقائق كاملة لجماهير النادي ومحبيه والمصداقية في الطرح للبيان المصاحب بعد تجاوز الأزمة. ختاماً، الشباب كيان كبير ولديه كم من المكتسبات على صعيد تحقيق أعلى معايير الحوكمة، ومخرجات شركة الشباب وتعدد الرعايات نقاط القوة لدى هذا الكيان تتفوق على نقاط الضعف، وهي بحد ذاتها وبوجود رجالاته الذهبيين كفيلة بأن تعود به للقمة في مصاف الكبار، وكذلك على جماهير الشباب تجديد ثقتكم في رجالات النادي، والتي يجب أن تبقى ولا تهتز، فهم يعملون من أجلكم ورفعة هذا الكيان، ولا بد أن لا تتأثر برحيل لاعب والتاريخ شاهد، جماهير النادي ومحبوه يتطلعون من قيادات النادي وأعضائه الذهبيين السير بالنادي إلى بر الأمان، ويجب ألا يعتري قياداته شيء من الإحباط، وإن استمرت النتائج غير الجيدة في مشوار الفريق بدوري روشن للمحترفين المطلوب التكاتف والصبر وعدم الاستعجال. والرسالة لقيادات الشباب أوقفوا الحديث عن الأزمة، وحولوا حديثكم إلى الاستراتيجية، ولعلي أجدها فرصة للاستشهاد بما يقوم به الشاب الطموح المدير التنفيذي لشركة الشباب م. عامر الغفيلي في استقطاب المزيد من الرعايات بعد أن طوى صفحة التوقف عند تأثير الدوامة التي عصفت بالنادي. يا إدارة الشباب اعملوا بصمت واتركوا الجماهير تحكم على تعاملكم الاحترافي في إدارة هذه الأزمة حتى تجاوزها من خلال النتائج. والرسالة الموجهة للمعنيين بمقام وزارة الرياضة استكمالاً لجهودكم في الوصول برياضتنا الوطنية للعالمية ضرورة استحداث إدارة للأزمات في أنديتنا. *دكتوراة في الإدارة الرياضية