«كاتدرائية» عبارة عن مجموعة من القصص القصيرة، لرائد الواقعية الأمريكي ريموند كارفر، التي يقول عنها «إن القصص التي تحتوي عليها هذه المجموعة مختلفة إلى حد ما، لقد تعاملت معها بشكل جيد ولدي اقتناع كافٍ بأنها مختلفة من حيث فكرتها ومن حيث العمل عليها». لغة كارفر بسيطة، ويعتمد في وصف شخصياته على ما يعكس جوهرها، لذلك تفتقر شخوصه إلى الوصف العادي إلا أنه يقول كل شيء عنها من خلال البوح بمكنوناتها، كما ينجح في حملك على اصطيادها من خلال إيحاءاتها التي قد لا يعبر عنها بالكلام أو يكتفي بالتعبير عنها بأشياء بسيطة تشتمل على عمق في المعنى وقدرة على خلق صداها المدوي حتى بعد الفراغ من قراءتها، والواقع أن الكثير من الانتقادات كانت قد وجهت إلى كارفر بسبب ما يسميه عدد من النقاد التقليل من شأن شخوصه وبشكل آخر التعامل معها على نحو تلعب المفارقة دوراً أساسياً فيه ومع ذلك نجده يدافع عن موقفه تجاه هذه الشخصيات بقوله: «أنا لا أهبط بشخوصي إلى مستوى أدنى مما تستحق أو أضعها في مواقف سخيفة تجلب لها السخرية أو أغدر بها خلسة بإرسالها إلى مصيرها المحتوم. فأنا أحب هذه الشخصيات لكن سخريتي هذه ليست من النوع الرخيص من النوع الذي يسبب الألم لها» لكن كل ما يرمز إليه كارفر في شخصياته موجود في حياته الشخصية «أعرف أشياء كثيرة عن حياة أفراد الطبقة الكادحة الفقيرة بفضل معايشتي لها». اثنتا عشرة قصة قصيرة ممتعة وواقعية ومثيرة للفكر، تسرد لقطات سريعة للمواقف التي تعترض حياة الأشخاص العاديين، وينتهي معظم تلك القصص بنهاية مفتوحة، ليترك القارئ يفكر في القضية والموقف. يقول كارفر في إحدى حواراته: إنه يفضل قصة (كاتدرائية وشيء صغير جيد) على بقية القصص. والقصص هي: «ريشات»: شاب وزوجته مدعوون لتناول العشاء في منزل زميله في العمل، لديهما طاووس وطفل قبيح. «منزل شيف»: رجل في منتصف العمر يعيش بجوار المحيط، بينما يحاول التعافي من إدمانه على الكحول، يستأجر منزلًا من مدمن اخر متعافي من الكحول، ويدعى شيف، وقام بدعوة زوجته التي لم يكن معها منذ أكثر من عامين للحضور والعيش معه. «حماية»: رجل يفقد وظيفته وتتفكك حياته، «المقصورة»: رجل يسافر عبر فرنسا في عربة قطار ليزور ابنه الذي يدرس في ستراسبورغ، ولم يكن قد شاهده منذ ثمانية أعوام. «شيء صغير جيد»: قصة تصف معاناة والدي طفل صدمته سيارة، ثم مات لاحقًا، وخلال وجود الطفل في المستشفى يتلقى الوالدان عدة مكالمات من صاحب المخبز الذي أعد كعكة عيد الميلاد الخاصة بالطفل. «فيتامينات»: مجموعة فتيات يعملن في تجارة الفيتامينات. «محترس»: رجل أذنه مسدودة بالشمع، ويطلب المساعدة من زوجته السابقة. «حمى»: مدرس جامعي لديه مشكلة في العثور على شخص يعتني بطفليه أثناء وجوده في العمل. «كاتدرائية»: زوجة راوي القصة تقول إن صديقها الكفيف والكبير بالسن قادم لزيارتهم بعد أن فقد زوجته بسبب مرض السرطان، وكان بينه وبين زوجة الراوي مراسلات منتظمة على مدار سنوات عديدة وتبادل العديد من التفاصيل الحميمة حول حياتهما الداخلية وزيجاتهما. بالإضافة إلى قصة «اللجام»، و»المكان الذي أتصل منه»، و»القطار».