تشكل الصورة الذهنية في العصر الحالي مسار المؤسسات العامة والخاصة بشكل أو آخر، وتنعكس على أصحاب المصلحة من الجمهور العام إلى موظفي الكيان، ويمكن أن تؤثر بشكل كبير في نجاحه. حيث وبحسب دراسة أعدها معهد السمعة في عام 2018 أن سمعة الشركة تؤثر بنسبة 63 ٪ على دعم الرأي العام وهو ما يسلط الضوء على أهمية الصورة الذهنية. يعد بناء وصيانة الصورة الذهنية للكيان أمراً إستراتيجياً وفي عالمنا الرقمي المترابط تكون الكيانات العامة والخاصة معرضة لأزمات قد تؤثر بشكل كبير على سمعته، حيث تخضع المنظمات بشكل مستمر لبعض التحديات ويمكن أن تتحول في خطوة واحدة خاطئة بسرعة إلى أزمة تضر بسمعة الكيان، كما رأينا في العديد من المنظمات التي تأثرت صورتها الذهنية نتيجة لأخطاء تحولت لأزمات اتصالية وأثرت على سمعة الجهات نتيجة للتأخر في معالجتها. وعلى الرغم من وجود تحديات مستمرة، فإن رحلة بناء صورة الكيان مليئة بالفرص العالية ويمكن للشركات التي تنجح في صناعة صورة ذهنية قوية أن تميز نفسها عن منافسيها، فعلى سبيل المثال نجحت شركة تيسلا في نحت مكان فريد لنفسها في صناعة السيارات الكهربائية من خلال صورتها كشركة مُبتكرة ويعود السبب جزئياً إلى الصورة الذهنية لمالك الشركة إيلون ماسك التي بناها لنفسه كقائد رائد في مجالات الابتكار والتي انعكست على الشركة. وإن للصورة الذهنية الإيجابية تأثيراً كبيراً على جذب والاحتفاظ بالموظفين؛ فوفقًا لتقرير منصة لينكد إن لاتجاهات المواهب لعام 2020 أن 75 ٪ من الباحثين عن عمل يأخذون بعين الاعتبار العلامة التجارية للمنظمة قبل التقدم للوظيفة، مما يظهر أهمية الصورة الذهنية في جذب والاحتفاظ بالمواهب، والتي هي انعكاس لحملات التواصل التي ينفذها فريق العلاقات العامة والإعلام في المنظمة والتي تنعكس قطعاً على سمعة الشركة وصورتها الذهنية. تحمل الصورة الذهنية تأثيرات اقتصادية واجتماعية وسياسية كبيرة وقد تساهم في تعزيز موقف الدول الدبلوماسي، وإذا ما أخذنا على سبيل المثال المبادرات السعودية الأخيرة مثل إجلاء رعايا 110 دول من السودان ومبادرات تخفيف التوتر في المنطقة، وتبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا نجد أن تأثيرها ينعكس على حجم النفوذ السعودي الدولي وجاذبية الاستثمار في المملكة وتساهم بشكل غير مباشر في العديد من القطاعات كقطاع السياحة وغيره. رحلة بناء الصورة الذهنية في العصر الحديث هي رحلة معقدة، مليئة بالتحديات، ومليئة أيضًا بالفرص وتأثير العوائد المحتملة سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية عالية، وتجعل هذا الجهد أمراً وجودياً لاستمرار المنظمات في تحقيق رسالتها ومستهدفاتها.