قبل ما يزيد عن عشرة أعوام تفضل الله علي بتغيير جذري في حياتي واتجهت بفضل الله إلى القطاع الثالث "الخيري" ودخلت بكل شرف وحب إلى حيث نفع المحتاج من الناس وبدأت تتكون عندي الرغبة والسعي إلى مرتبة "أحب الخلق إلى الله أنفعهم للناس" ووفقني الله وأنعم علي بعد تقاعدي المبكر لأكون "الأمين العام للجنة أصدقاء المرضى بالرياض" وهو مكان لم أسع إليه ولكنه فضل الله الذي خصني به، وكانت مهمة ليست سهلة إلا من سهلها الله عليه ولا يسيرة إلا من يسرها الله له، وبدأت ألتمس بعد العون من الله على من يعينني على أداء تلك المهة والبدء في تشكيل مجلس الإدارة، وكنت في حاجة ماسة لتنوع في الكفاءات والخبرات، وكانت الأولوية لداعم مالي يعين على خدمة المريض المحتاج، واستقر الرأي أن يكون الاستهداف الأول في عضوية مجلس الإدارة للداعم الشيخ عبدالله العقيل - رحمه الله - لتوافر كل المتطلبات في شخصه الكريم من حبه للخير واندفاعه له وللقدرة المالية وعدم استقرار المال في قلبه وإنما في يده وكذلك الخبرة في ثقافة الحاجة وسُبل تغطيتها وتنميتها ورغبته الصادقة في التنوع الخيري ومحاولة تغطية أكبر شريحة ممكنه من المرضى المحتاجين.. وبدئنا المشوار الأجمل في الحياة.. القدوة.. عبدالله العقيل كانت الزيارة الأولى وفاتحة الخير لعقد ونصف من العمل في خدمة المريض المحتاج، وعرضت على الصديق القدوة "أبو محمد" عبدالله العقيل عضوية مجلس الإدارة وأجزم قبل اللقاء به أنه قيمة مضافة لمجلس الإدارة ولفرحة المريض وعلاج ألمه وقضاء حاجته، وكان يقول في لقاءات سابقة أن العمل في خدمة المريض المحتاج هي شغف وطموح حقيقي أسعى له، واستقر هذا الحديث في ذهني، وبعد موافقته على العضوية إكراماً للهدف والمنفعة قال: أحتاج الوقوف على حقيقة أهداف اللجنة وآلية عملها ودقة استهدافها للمريض المحتاج وكيفية خدمته والوقت الذي تستغرقونه لوصول الخدمة للمريض وغير ذلك من طموحاته التي كانت درساً لنا ونبراس يقودنا لنكون "صوت المحتاج ويد الغني"، وحضر -رحمه الله- الجلسة الأولى لمجلس الإدارة بتواضعه المعتاد وكان آخر المتحدثين بطلب منه ليقف على الطرح من جميع الأعضاء وأدوارهم المطلوبة ويستمع لآلية التنفيذ من الإدارة ، وبعد ذلك تحدث بخير مايكون الحديث مسانداً ومحفزاً ومعززا وداعماً ودون لنا في الاجتماع خارطة الطريق التي لا زالت تنفذ مثلما كان رأيه، وفي جلسة أخرى لبسط استراتيجية خدمة المريض وضوابط البرامج كان العطاء الأول منه دون تردد وبمبلغ 500 ألف ريال مع الالتزام أن تكون اتفاقية سنوية وبالفعل تم ذلك وتجددت الاتفاقية لعشر سنوات "جعلها الله في ميزان حسناته ووالديه ووالديهم وإخوانه وأخواته وذرياتهم"، وكان ذلك الدعم من شركة جرير للاستثمارات لأبناء والدنا الشيخ عبدالرحمن الناصر العقيل -رحمه الله-، وتجاوزنا معه الاتفاقية لنصل لدعم برامج أخرى دعماً شخصياً، وهو الذي كان يدفعنا إلى التوسع في خدمة المريض وسد حاجته المادية وكذلك نقله وتأمين مايحتاج من معدات وأجهزت طبية ويكرر علينا مالم نسمعه من غيره ويقول (إنني أستمتع بالعطاء كلما زاد) وهي درجة من فضل الله وتوفيقه لا يصل لها إلا القليل من أهل القدرة في العطاء، وكان ذلك الدعم من مطلع عام 2012م، وحتى ختام عام 2021م، وتجاوز ذلك مبلغ 9 ملايين ريال، ثم حدثت الانطلاقة والرعاية والعناية الأكبر في تاريخ جمعية أصدقاء المرضى، وتلقيت اتصالاً كريماً منه يسأل عن حال المرضى واحتياجاته القادمة ورغبته بتغطية ذلك في المستقبل، وتم ذلك لستة أعوام بعد دراسته للبرامج الجمعية، وعرض ذلك على الكرام أخوانه وأصبحت شركة جرير للاستثمار هي الراعي الاستراتيجي لجميع برامج جمعية أصدقاء المرضى وحتى نهاية عام 2027م وبدعم إجمالي لعقد ونصف تجاوز 25 مليون ريال كلها في خدمة المريض المحتاج، وفيما مضى وما سيأتي كنا نتوصل باستمرار بتقارير للأداء ومستهدفات للخدمة وقوائم بالمرضى وبشكل دوري وهذا مارفع الموثوقية في الخدمة للمريض المحتاج وهو مايسعى له الداعم الرمز والشركة الفاعلة والثقافة الصادقة في خدمة المجتمع والفئات المحتاجة فيه.. وطيلة فترة العلاقة الخيرية مع الصديق الفقيد "أبو محمد" -رحمه الله- كنت أراه يبني مكانه ومنزلته في الآخرة طوبة طوبه دون كلل ولا ملل ولا تشبع وإنما رحلة إلى الآخرة بنهم وبشغف ويقين أن الدنيا إلى زوال وأن الآخرة هي المستقر والمآل وهذا مجال الاستعداد لدار الخلود، والمشاهد هو تفرده بالتنوع حتى أنني لا أعرف مجالاً فيه ثمرة خير للمجتمع إلا ويبادر له، والله سبحانه وتعالى إذا أحب عبداً من عباده استعمله في مرضاته ونفع به خلقه وهكذا كنا نراه، وهو رحمه الله لا يفرق في نفع الناس وخدمتهم بين مواطن ووافد، وقدم الملايين لخدمة المرضى الوافدين في جمعية عناية الصحية بشراء أراض وقفية لتوسعة المركز الطبي الخيري وكذلك تشغيل عيادات مختلفة وتأمين أدوية، وساهم في فك أسر الموقوفين وإخراجهم من السجون وتفريج كرباتهم وإعانة أسرهم بمئات الآلاف مع جمعية إكرام عابري السبيل، وهذا غيض من فيض ولكنه بعض ماوقفت عليه معه رحمة الله عليه.. وأخيراً وليس آخراً.. بودي من أسرته الكريمة رصد كل ماكتب فيه وما سجل له وما قيل عنه، وتبويب جميع محتوى وسائل التواصل وتفريغها في كتاب مطبوع أو إلكتروني لنخلق به القدوة الحسنة والأثر المتواتر والنفع العام وأثر محبة الله وخلقه للإنسان وأجزم أن ذلك لن يفوت على أسرته التي تعاهدت الفضائل وسعت لترسيخها. رحمه الله رحمة الأبرار وأسكنه الفردوس مع الأخيار وجمعه مع النبين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا ووالديه ووالديهم وإخوانه وذرياتهم وأسرهم وأحبابهم ومعهم المسلمين والمسلمات أجمعين. * الأمين العام لجمعية أصدقاء المرضى بالرياض الشيخ عبدالله العقيل - رحمه الله -