كانت الدراما السعودية، تفتقر إلى العنصر النسائي السعودي، سنوات طويلة اعتمدت على البديل الذي يأتي من الخارج ويشوه اللهجة المحلية التي اعتاد عليها المشاهد داخل مجتمعه، شيئاً فشيئاً تكونت فكرة دخول العنصر المحلي بالمنتج التلفزيوني وبرزت أسماء، لكنها في نفس الوقت لا تسد حاجة الإنتاج. اليوم تغير الحال في إطار «رؤية 2030» وفتح المجال للكثير من الفتيات السعوديات لإظهار موهبتهن، من بينهن الفنانة أبرار فيصل. التي تؤكد أن الممثلة السعودية واجهت صعوبات مجتمعية وتحديات عرقلت مسيرتها.. أبرار فيصل تحدثت عن شواهد هذه النقلة وما كان يحبط طموحاتها المستقبلية.. فإلى الحوار: مسرحية «هُما» لغازي القصيبي حققت نجاحات على المستوى العربي * القطاع الصحي على مايبدو ذو علاقة متينة مع الفن، كيف جاءت فكرة دخولك للتمثيل بما أنك صيدلانية؟ * بالضبط، هناك ارتباط بين القطاعين، فالكادر الصحي مبدع في جانب التمثيل، العلاقة متينة بينهما، وطوال مسيرة الفن ستجد دكاترة كثر وممرضين وأخصائيي مختبرات، كلهم أصبحوا فنانين مبهرين على مستوى العالم، وأتوقع أن القطاعين لهما علاقة مع بعض وإن كانت الطريقة والأداء العملي مختلف، أما عن نفسي فعندما أحضر للدواء أو أعمل على تركيبة معينة من العلاج فهي أيضاً تحتاج إلى فن ودقة وجرأة وحسابات وتواقيت، وربما أن الارتباط يكمن في شطارة التخصصين، ولو عدنا للساحة العربية سنجد هناك نماذج كثيرة وأساطير، يأتي في مقدمتهم الدكتور يحيى الفخراني. * عندما نفتح ملفات أبرار، نجدها اقتحمت الفن من خلال مسرحية "هاي حافز" قبل تسع سنوات، حدثيني عن تلك البداية؟ * صحيح، من حسن الحظ كانت بدايتي مع المخرج خالد الباز عام "2014"، رئيس جمعية الثقافة والفنون بالرياض، كانت الانطلاقة في هذه المسرحية، إن لم تخني الذاكرة في التاريخ، كانت الفترة صعبة على الفنانة السعودية، قبل هذا الانتشار والانفتاح الحالي والذي سهل علينا الدخول في الفن، كانت المسرحية هزلية بسيطة تتحدث عن حافز، عندما كان يأتي بوظائف غريبة للفتيات، والقصة تدور حول مستشفى المجانين، وشاءت الأقدار أن تتوظف فتاة في هذا المستشفى، وتجري الأحدث وتكتشف أن هذا المستشفى مهجور والذي يدير العمل مجنون، المسرحية هزلية اجتماعية ورائعة، كونت لدي فكرة في محاولة اقتحام الفن مرّة أخرى. * لكنك توقفتِ ولم تحاولي كما قلت اقتحام الفن؟ * صحيح، توقفت فترة، لم يكن لدينا في تلك المرحلة، شيئاً يساعد ويحفز على المواصلة والإبداع، حتى وسائل التواصل الاجتماعي كانت غير منتشرة بشكل تقريبي، ولم تحظ هذه الألفة والتفاعل، كل الأشياء كانت مختلفة عن وقتنا الحالي الذي نتعاطى معه بهذا الانفتاح الثقافي ووسائل التكنلوجيا. * من المؤكد حدثت فوارق كثيرة بين المرحلتين "2014-2020"، حدثيني عن الحياة الاجتماعية؟ * "تضحك".. الفوارق كبيرة جداً، كنا محبطين، ولك أن تتخيل عندما بدأت الدخول في مسرحية "هاي حافز"، جاءتني الموافقة من النساء، هذا ما كان يحدث في إطار الأسر والمجتمع الصغير، قبل الحدث الكبير والانفتاح الثقافي وتغير الفكر الحياتي، حتى أنني في تلك الفترة، لا أستطيع أن أصور، هذه الأمور كانت محبطة لأ تساعد على الانتشار، ولو تجاوزت بعضها لكنت من الأوائل في الساحة لأننا قلة، الآن تغيرت الاشياء كلها وتواجدت الفرص وتغيرت الأفكار وأصبح الدعم اللا محدود موجود، لكن اصبحت المنافسة أعلى، ظهور الممثلات السعوديات والمواهب بشكل واضح، أصبحنا نتنافس على هذا الدعم. انعكست الأشياء الإيجابية علينا لنكون أفضل عن كل الأوقات السابقة، وما قبل رؤية سمو سيدي ولي العهد "حفظه الله". * أكثر من نصف عقد، ماذا كنت تفعلين في هذه الفترة؟ * بلاشك كانت فترة متقلبة، حاولت ان أغير توجهاتي، ان أكون إعلامية مذيعة، وهذه حقيقة فقد عملت تجربة مع القناة السعودية، لأن لدي موهبة في تقديم البرامج، حاولت تطويرها، لكن هذه المحاولة لم يحالفها الحظ، ومن تلك الفترة اندمجت في عملي الرئيسي كصيدلانية والحياة بشكل عام. * إذن، كيف عُدتِ مرة أخرى على خشبة المسرح؟ * لدي همّ، أريد ترقية موهبتي، ففي مسرحية "سطح البيت" عام 2020 مع الأستاذ جلواح الجلواح، كان العمل مختلفاً، قدمت دور الساحرة غير التقليدي، هذا الدور تصدر علامات المسرحية البارزة، كأنها ساحرة خارجة من عالم ديزني، ومن تلك اللحظات على مسرح الريان، تبين لي أن الوضع بدا مختلفاً، لاسيما الحضور والتفاعل مع شخصية الساحرة، كانت الفكرة للأطفال تدور حول التنمر والاقتناع وأن يرضى الإنسان بما كتبه الله له، كانت المسرحية أسرية هادفة. لكن بعد هذا الانتشار في دور الساحرة، بدأت الطرق تتفتح أمامي من جديد، جاءت الفكرة مرّة أخرى لأدخل التلفزيون من جديد، جلست أبحث بشكل جاد، حتى وصلت لأول اختبارات "الكاستينج" في مجموعة "MBC"، ومن حسن الحظ تم اختياري لأول مسلسل "سوب أوبرا "الميراث". * "الميراث" جاء بعد كورونا، مؤكد تغيرت أشياء كثيرة؟ * بكل تأكيد، بعد كورونا و"الكاستنج" تغيرت أشياء عندي، وافقت على تجسيد شخصية منى في الميراث، شخصية مستقلة قوية، صاحبة صالون نسائي غنية قادرة أن تفتتح مشاريع اخرى، دخلت هذه الشخصية لتغير الأجواء السائدة في الميراث، ربطتها علاقات سريعة لتدخل بين الأسر وشبابهم وأمهاتهم، من هنا بدأت اشعر ان الانتشار بدأ يتزايد بشكل لافت، وبالفعل في منتصف مسلسل "الميراث"، دخلت ايضا في مسلسل "بنات الثانوي"، شخصية موجهة تربوية قوية، أم لبنت متنمرة "مدلعة" لأنها تحت يد أم موجهة في نفس المدرسة، كانت تخاف عليها، شخصية الموجهة القوية على كل الناس، تضعف أمام ابنتها بشكل ملحوظ، تحاول ان تداريها، استمتعت جدا في "بنات الثانوي"، حقق المسلسل نجاحات وأرقاماً قياسية في عداد المشاهدة. * كيف تخلصتِ من العوامل النفسية، بعد هذا العدد الهائل من حلقات الميراث؟ o أولاً أنا وصلت للميراث في "الجزء الأخير"، وقدمت حلقات أقل من هذا العدد الكبير، لكن شخصية منى كانت الأقرب لشخصية أبرار، صاحبة صالون نسائي، وكنت في فترة أيضاً أملك صالوناً خاصاً، وساعد في نفس الموضوع تلبس الشخصية في "بنات الثانوي" دخول شخصية تشبه أبرار وهي الأم، خلاصة الموضوع ان خروجي من هذين العملين ان الشخصية تلبستني بشكل واضح، احترت كيف أخرج منها لمدة شهرين، لكن التدريبات في مسرحية "الفيلسوف" كانت تساعدني. كان المدرب حينها، يقول أبرار اطلعي من شخصية منى، حتى نظراتك وأسلوبك لا ينطبق مع أم يوسف الثنيان، في نهاية الأمر ساعدني وجود المسرحية، واتوقع لو لم تكن المسرحية لاحتجت وقتا أكثر اختلي بنفسي لأفصل الكيانين عن بعض، لأننا كممثلين نتقمص الشخصيات بشكل مرعب، وأحيانا أشك في نفسي أنني مازلت منى في أسلوب الكلام والتوجيه. * لكن عدتِ مرة أخرى للمسرح، في فعاليات معرض الرياض للكتاب؟ * بالأصل مسرحية "هما" في جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، تدفع كل ممثل أو ممثلة أن تشارك، خاصة وهي رواية للدكتور غازي القصيبي -رحمه الله - إضافة إلى أنها ضمن فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب. من بطولة عبدالهادي الشاطري ونيرمين محسن، والتي جسدتُ فيها شخصية "ممتاز محل"، وحققت نجاحات رائعة أثناء عروضها لأربعة أيام متتالية، نجاح المسرحية كان له أثر كبير على المسرح العربي، حيث تم طلب عرض المسرحية في المغرب، لكنها تزامن مع عروض مسرحية "الفيلسوف"، وبالتالي اعتذرت لارتباطي ب"موسم الرياض" وعرضت بالمغرب دون مشاركتي، في كل الأحوال المسرحية رائعة جدا وأصداؤها مذهلة من إخراج الكويتي يوسف البغلي. * ألا تعتقدين أن بروفات "الفيلسوف"عطلت تقدمك بشكل أفضل؟ * أبداً، كنا نحتاج مثل هذا التوقيت الزمني في البروفات، مسرحية "الفيلسوف" في موسم الرياض 2022، تتحدث عن حياة يوسف الثنيان، ولأنها ضخمة وتقنيات عالمية، وأعتقد أنها أول مسرحية تعمل بهذا الشكل في المملكة، اضافة إلى التركيب في الشخصيات. تخيل أنني قدمت فيها دور والِدة يوسف الثنيان وهو في عمر العشر سنوات، وأيضا خيال والدته وهو كبير، مسرحية "الفيلسوف" حققت أصداء ومتابعة اعلامية رائعة، تعرفت من خلالها على الكثير من الأشخاص الرائعين والممثلين المميزين، كنت الفتاة الوحيدة بين "18" من الممثلين والفرق الاستعراضية. o بعد النجاحات في المسرح والدراما التلفزيونية، توجهتِ للإعلانات، ألم يكن قراراً غريباً؟ * بالفعل، الإعلانات منطقة تجارب لكن -ليس أي إعلان- واعتقد أنها أمور لاتعيب الفنان، لانها في نهاية الأمر انتقاء المحتوى الإعلاني بشكل دقيق، وهو ما يحدث معي في هذه التجربة، لانها محسوبة على مسيرتي ولابد ان تضيف، فتواجدي معهم كممثلة وليس فتاة "موديل"، ثم أن من عملت معهم شركات كبيرة ومعروفة، وتواجدي لفرض موهبتي قبل كل شيء. لان الإعلان يحتاج ممثلين ممارسين، إضافة إلى أن من المصادفات أن عملت فيديو كليب، لكن هذا العمل كان يحتاج إلى ممثلة تجسد شخصية امرأة "ملبوسة بجني"، للفنان ماجد عيسى تحت اسم "عيدو" وحقق أصداء عالية، بمعنى أن لي تجارب في جميع الاتجاهات، لكن هذا لا يعني أن أتواجد في أي شيء لأجل التواجد، فأنا بالأخير ممثلة. * هل لدينا قدرة أن نظهر إمكانياتنا الثقافية ونشرها خارجياً عن طريق الدراما؟ * طبعاً، هذا الشيء الذي سنثبته خلال الفترة المقبلة، لتمثيل المملكة في وجهها الحضاري بخصوص الدراما، لأن دعم سمو سيدي ولي العهد، جاء في كل مناحي الحياة وتقديم الفرص بشكلها الكبير، وهي التي ستعطينا قوة وقدرة لإثبات أنفسنا ونقل ثقافتنا للخارج، ولدينا القدرة أن نثبت أن الممثلة السعودية باستطاعتها أن تكون عالمية تتخطى المنافسة العربية، لدينا ثقافة متنوعة، ولهجات ومجتمعات لها سلوك مختلف ومناخات، ولدينا قدرة في التشّكل، والآن الدورات والابتعاث الخارجي ستدعم هذه النظرية. وللتأكيد، ما يلاحظ في الوقت الحالي تواجد بعض النجوم العالميين للتمثيل مع السعوديين، الذي أثبتوا قدراتهم بشكل مذهل، كفيلم "قندهار" ممثلين سعوديين يجسدون شخصيات أفغانية مع نجوم عالميين، والتي تعطينا مجالاً لتنفيذ الرؤية بشكل جلي، وبالأصح، أصبحنا الآن عالميين في مجال الدراما. * بماذا تفكرين، الآن؟ * حقيقة أفكر في تحقيق أهدافي وأن أكرم في مهرجان "كان السينمائي"، كأفضل ممثلة سعودي على المستوى العالمي، وأتوقع أن يكون هذا المهرجان الكبير في الرياض، لدي حلم وآمل في ذلك أن نكون بشكل أفضل. * لدينا مهرجان "البحر الأحمر" ويحقق نجاحات على المستوى الدولي؟ * بلا شك، وسبق وحضرته، ولدي مشاركة خلال الدورة المقبلة بعمل تم تأجيله، لكن لا أستطيع كشف تفاصيله، لكنه سيكون في المهرجان. لدي شغف في المجال السينمائي، لأن الأهداف سينمائية، ولدينا أفكار سعودية وإنتاج محلي مذهل. * هل وصلنا إلى هذا الوعي، لنقنع الجمهور بالفيلم السعودي وتسويقه بشكل أفضل؟ * بالضبط، نحتاج وعياً أكثر في كل الجوانب التسويقية، لأننا كمجتمع سعودي، لم يتعود على هذا المنتج السينمائي، ودخول السينما علينا جديد، وطريقتنا في إنتاج الأفلام جديدة، لدينا مواهب جبارة أثبتت قدرتها وأفكار رائعة، لكن نحتاج إلى الوقت وثقة الجمهور، ولا يلام الممثل في هذا الجانب، بينما تلام شركات الإنتاج وتسويق الفيلم، وفي العام الماضي أنتجت المملكة أفلاماً تم تسويقها بشكل جيد حققت الصدارة في شباك التذاكر. الفكرة فقط في عملية التسويق ليس إلا، إضافة إلى اختيار ساعات العرض المتناسبة مع جدول الأسرة. أثناء عرض مسرحية «الفيلسوف» في موسم الرياض أبرار فيصل مع الزميل عبدالرحمن الناصر