كان من المفترض أن يكون هذا العام فرصة ذهبية للمضاربين على ارتفاع أسعار النفط، لكنه أثبت أن تداوله لمدة عام كانا صعباً مثل أي عام آخر، كان القصد من انتعاش الصين من عمليات الإغلاق التي حدثت في حقبة كوفيد، ونهاية إصدارات مخزونات النفط الاستراتيجية للحكومات الغربية، تمهيد طريق باتجاه واحد لرفع الأسعار. وبدلاً من ذلك، انخفض السوق بأكثر من 10 دولارات للبرميل عند منتصف العام لهذا العام. وبحسب أمريتا سين، مدير الأبحاث والمؤسس المشارك في اينرجي اسبكتس، بأنه غالبًا ما يتم إلقاء اللوم في انخفاض أسعار النفط على ضعف الطلب. لقد أدى الركود الصناعي في العالم الغربي إلى إضعاف المعنويات، كما فعل سوق العقارات الضعيف في الصين. ومع ذلك، لم يكن الطلب على النفط ضعيفًا على الإطلاق. وفي العام حتى الآن، تظهر البيانات الرسمية من الوكالات الحكومية والمحللون، أن الطلب العالمي على النفط قد نما بمقدار 2.5 مليون برميل يوميًا على أساس سنوي، متجاوزًا التوقعات بمقدار 0.3 مليون برميل في اليوم. وعلى الرغم من انخفاض الطلب على بعض منتجات النفط الصناعية، لا تزال مشتريات المستهلكين قوية، ويرجع ذلك جزئيًا إلى السياسة المالية التوسعية مثل قانون خفض التضخم الأميركي. وخيبة الأمل واضحة للغاية بين المضاربين على الارتفاع حيث تدخل منتجو أوبك + لتقليص الإنتاج مرارًا وتكرارًا، مع إعلان التخفيضات الأخيرة يوم الاثنين. وأدت أسعار الفائدة المرتفعة إلى زيادة تكلفة رأس المال تمامًا كما أدت المخاوف من الركود العالمي إلى تقليل الشركات للمخزونات. وبالنسبة لمصافي النفط والشركات التجارية، أصبحت تكلفة الاحتفاظ بالنفط في الخزانات أكثر تكلفة. وتعني زيادة تكاليف التمويل أيضًا أن عقوبة الإمساك بمنتج غير مبيع (إذا تسبب الركود في إبطاء الطلب في النهاية) أعلى من ذي قبل. وهذه الاستجابة من قبل الشركات لأسعار الفائدة المرتفعة، رغم أنها مفهومة، تترك السوق عرضة للصدمة، خاصة وأن الطلب أثبت مرونته حتى الآن. ويخرج العالم من أكثر من عقد من سياسة سعر الفائدة الصفري، والتي ولدت الرضا عن النفس. والشركات التجارية التي نمت بسرعة خلال العقد الماضي ليس لديها ببساطة نفس الخبرة في العمل في بيئة أسعار فائدة غير صفرية. وفي العقدين اللذين سبقا الأزمة المالية، كانت هناك علاقة واضحة بين أسعار الفائدة وهيكل سوق النفط. ومقابل كل زيادة بنسبة نقطة مئوية واحدة في أسعار الفائدة، انخفضت مخزونات النفط الخام في العالم المتقدم بمقدار 10 ملايين برميل في المتوسط على أساس سنوي، وهو ما يعادل طلب يوم كامل على البنزين في الولاياتالمتحدة، في وقت كان الاستهلاك العالمي فيه أقل بكثير. وخلال الفترات التي كانت فيها عقود النفط متخلفة -يشير هيكل السوق إلى ارتفاع الأسعار للتسليم الفوري بسبب الطلب القوي- سوف يتسارع انخفاض المخزونات بشكل ملحوظ عندما ترتفع أسعار الفائدة. ويمكن القول إن الفترة حول مطلع الألفية هي الأقرب إلى اليوم. ومن يناير عام 2000، بدأت الولاياتالمتحدة في رفع أسعار الفائدة بينما بدأت أوبك خفض الإنتاج في وقت لاحق من نفس العام. وحتى أسواق الأسهم كانت في البداية ساخنة، بقيادة عدد قليل من شركات التكنولوجيا قبل ركود عام 2001. وخلال نفس الفترة، انخفضت مخزونات النفط في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية كما أُبلغت بها وكالة الطاقة الدولية بشكل حاد، حيث انخفضت بنسبة 6 في المئة في العالم المتقدم على مدار العام وهو انخفاض كبير في صناعة تفضل الاحتفاظ بمخزون احتياطي كبير للإمداد. وهذه المرة، ارتفعت أسعار الفائدة الأميركية بمقدار 5 نقاط مئوية أكبر منذ مارس من العام الماضي، بعد أن كانت عند الصفر أو قريبة منه لمدة 12 عامًا. وبدأت مخزونات النفط عند مستوى أدنى مما كانت عليه قبل الوباء، وذلك بفضل محاولات أوبك لإدارة الإمدادات. وتظهر الحسابات أن مخزونات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من النفط الخام المتاحة بالفعل للسوق (المعدلة ل 280 مليون برميل من النفط المحتجزة في خطوط الأنابيب الجديدة والبنية التحتية) تساوي حاليًا نحو 22 يومًا فقط من الطلب، وهو أقل من ثلاثة أيام لمتوسط اعوام 2010-19. وفي آسيا، هناك دلائل على أن شركات التكرير تخشى أن تكون عملية إزالة المخزون قد تجاوزت حدودها وتتطلع إلى التجديد - فهي تواصل شراء الخام السعودي حتى بعد ان رفعت المملكة العربية السعودية أسعار البيع الرسمية لهذا الشهر وعلى الرغم من توافر البراميل الإيرانية والروسية المخفضة. صدمات الأسواق ومن المتوقع أنه بحلول نهاية العام، ستنخفض مخزونات النفط التجارية العالمية إلى بعض من أدنى المستويات التي شوهدت خلال العقد الماضي. وفي الوقت نفسه، ستكون الحكومة الأميركية قد بدأت للتو في إعادة شراء 180 مليون برميل من النفط الخام لإعادة ملء احتياطيات النفط الاستراتيجية التي استنفدت العام الماضي. كل هذا سيترك السوق عرضة للصدمات. وتخطط وزارة الطاقة الأميركية لطلب المزيد من مشتريات النفط هذا الأسبوع كجزء من حملة لتجديد احتياطي البترول الاستراتيجي، الذي تم سحبه العام الماضي وسط الاضطرابات التي أعقبت الغزو الروسي لأوكرانيا. وقالت الولاياتالمتحدة في وقت سابق إنها ستشتري 12 مليون برميل للمساعدة في إعادة ملء الاحتياطيات. وأعلن مكتب الاحتياطيات البترولية بوزارة الطاقة الأميركية أنه تم منح العقود لشراء 3 ملايين برميل من النفط الخام الأميركي المنتج للاحتياطي البترولي الاستراتيجي. وتأتي هذه العقود في أعقاب طلب تقديم العروض الذي تم الإعلان عنه في 15 مايو 2023. ولتعزيز خطة التجديد المكونة من ثلاثة أجزاء، أعلنت وزارة الطاقة أيضًا عن إشعار طلب جديد لشراء ما يقرب من 3.1 ملايين برميل إضافي من النفط الخام إلى موقع بيق هيل في سبتمبر. ويعمل هذا الإعلان على تعزيز إستراتيجية الرئيس الأميركي جو بايدن لتجديد الموارد بعد إطلاقه التاريخي من الاحتياطي الاستراتيجي لمعالجة اضطراب الإمداد العالمي الكبير الناجم عن الحرب الروسية الأوكرانية. تشير التحليلات من وزارة الخزانة إلى أن إصدارات احتياطي البترول الاستراتيجي في العام الماضي، جنبًا إلى جنب مع الإصدارات المنسقة من الشركاء الدوليين، خفضت أسعار البنزين بما يصل إلى 40 سنتًا تقريبًا للغالون الواحد مقارنة بما كان سيحدث في غياب عمليات السحب هذه. واستجابت 10 شركات لطلب تقديم العروض وقدمت 30 عرضًا، وتمت عملية الشراء هذه بالكامل، وتم منح العقود لخمس شركات. ويتم شراء هذه الثلاثة ملايين برميل بمتوسط سعر يبلغ نحو 73 دولارًا للبرميل، أي أقل من متوسط نحو 95 دولارًا للبرميل الذي تم بيع خام احتياطي البترول الاستراتيجي في عام 2022، مما يضمن صفقة جيدة لدافعي الضرائب. وسيتم تسليم النفط الخام إلى موقع تخزين بيق هيل من 1 أغسطس 2023 إلى 31 أغسطس 2023. وتتضمن استراتيجية الإدارة المكونة من ثلاثة أجزاء لتجديد الموارد، مشتريات مباشرة بإيرادات من مبيعات الطوارئ، وعوائد الصرف التي تشمل علاوة على الحجم المسلم، وتأمين الحلول التشريعية التي تتجنب المبيعات غير الضرورية التي لا علاقة لها بانقطاع الإمداد. وبذلك ضمنت وزارة الطاقة بالفعل إلغاء 140 مليون برميل من المبيعات التي أقرها الكونغرس والمقررة للسنوات المالية 2024 حتى 2027. وقد أدى هذا الإلغاء إلى تقدم كبير نحو التجديد. ولا يزال احتياطي البترول الاستراتيجي الأميركي يمثل أكبر إمدادات النفط الخام في حالات الطوارئ في العالم، ويتم تخزين مخزونات النفط المملوكة اتحاديًا في كهوف الملح تحت الأرض في أربعة مواقع في تكساس ولويزيانا. ومن خلال فترات الصيانة المجدولة تواصل وزارة الطاقة إعطاء الأولوية للسلامة التشغيلية لضمان استمرار الاحتياطي الاستراتيجي في الوفاء بمهمته كأصل مهم لأمن الطاقة. يتمتع احتياطي البترول الاستراتيجي بتاريخ طويل في حماية الاقتصاد وسبل العيش الأميركية في أوقات نقص النفط الطارئ. وأجرت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن العام الماضي أكبر عملية بيع على الإطلاق من احتياطي البترول الاستراتيجي بلغت 180 مليون برميل، كجزء من استراتيجية لتحقيق الاستقرار في أسواق النفط المتصاعدة ومكافحة ارتفاع أسعار الضخ في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا. وأثارت عملية البيع غضب الجمهوريين الذين اتهموا الإدارة بترك الولاياتالمتحدة بمخزون احتياطي ضعيف للغاية بحيث لا يمكنها الاستجابة بشكل مناسب لأزمة الإمداد في المستقبل. ورفعت المبيعات مخزون احتياطي البترول الاستراتيجي إلى نحو 372 مليون برميل، وهو أدنى مستوى منذ عام 1983، وهو ما يقل قليلاً عن 20 يومًا من التغطية بمعدلات الاستهلاك الحالية في الولاياتالمتحدة.