ذللت المملكة الصعاب أمام الحجاج، ولم تتوانَ يوماً من الأيام عن تسخير إمكاناتها وطاقاتها البشرية والمادية من أجل تسيير أعمال الحج وخدمة الوافدين إليها سواء للحج أو العمرة أو الزيارة، ومن شواهد ذلك استمرار مشاريع التطوير والتوسعة للحرمين الشريفين التي لم تتوقف طيلة العقود الماضية رغبة في تيسير أعمال الحج، ولم تقتصر جهود المملكة بقيادتها الرشيدة على رعاية الحجاج داخل الحرمين الشريفين أو حتى داخل المملكة فقط، بل تبدأ هذه الجهود من سفارات وقنصليات المملكة في الخارج التي تستقبل طلبات الحج الضخمة كل عام وتوفر لمقدمي الطلبات ما يساعدهم في إكمال الإجراءات في زمن قياسي، ثم يسهل رجال الأمن دخول الحجاج إلى المملكة عبر مختلف المنافذ، كما تعمل المملكة على توعية مواطنيها في ما يجب عليهم تجاه إخوانهم المسلمين الوافدين للأراضي المقدسة في كل عام لأداء مناسك الحج والعمرة، وفي كل عام تسعى أجهزة الدولة المختلفة لتلافي السلبيات وتعزيز الإيجابيات، وتحاول دائماً أن ترتقي بخدمتها المقدمة للحجاج والمعتمرين. مشروعات جديدة وكل عام وموسم حج وكأنه استثنائي بتميزه عن الذي قبله بخدماته وخططه العالية الجودة ميدانياً التي تحظي بمتابعة وسائل الإعلام المختلفة وتعايش الحج من أرض الواقع تسلط الضوء على كافة الخدمات التي تقدمها حكومتنا الرشيدة لحجيج بيت الله الحرام الذين يأتون من كل بقاع العالم الإسلامي لينعموا بالخدمات وليكونوا شهداء على كل الإنجازات المتتالية والمتطورة في مختلف المرافق التي يتزود بها الحجيج من أجل العبادة والعيش فيها لوقت معين ولعل من أبرزها البدء في تنفيذ مشروع تبريد الأسطح الإسفلتية للطرق في مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة لخفض درجة الحرارة وخدمة و راحة الحجاج وذلك ضمن مناسك الركن الخامس وتعمل منظومة الحج والعمرة بتشاركية فاعلة بين جميع الجهات الأمنية والصحية واللوجستية، وقد سخرت الحكومة الرشيدة - حفظها الله - إمكانيات مادية وبشرية لخدمة ضيوف الرحمن وإتاحة الفرصة لأكبر عدد من المسلمين للقدوم لأداء الفريضة والعمرة والزيارة، ولهذا الهدف دشن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - برنامج خدمة ضيوف الرحمن كأحد برامج تحقيق رؤية السعودية، بهدف رفع مستوى الخدمات المقدمة لهم، وإثراء تجربتهم الدينية والثقافية. مبادرات وتطبيقات وخلال الأعوام القليلة الماضية تم إطلاق العديد من المبادرات لتنظيم القطاع والارتقاء بجودة الخدمات فيه، كان آخرها إتاحة التأشيرات الإلكترونية للحجاج والمعتمرين من جميع الدول، وتمديد فترة موسم العمرة، وإطلاق مشروع حافلات مكة وتطوير المواقع التاريخية الإسلامية، وتسهيل قدوم المعتمرين من خارج المملكة عبر عدد من التأشيرات، مثل التأشيرة السياحية عند القدوم إلى منافذ المملكة، والتأشيرة السياحية الإلكترونية، وتأشيرات الزيارة وغيرها، وأسهمت مبادرات مثل تطبيق "اعتمرنا" لحجز مواعيد أداء المناسك والصلاة بالروضة الشريفة - في رفع جودة الخدمات وتسهيلها، إضافة إلى "بطاقات الحج الذكية"، ومبادرة حج بلا حقيبة، و العديد من الإنجازات التقنية مثل إطلاق عدة مبادرات منها "إياب"، و"الحج الذكي"، لإثراء التجربة الدينية وزيادة تفرغ الحجاج للعبادة والدعاء، وكذلك "مبادرة طريق مكة" بالشراكة مع عدة جهات لتسهيل إجراءات دخول ضيوف الرحمن عبر المنافذ دون انتظار وإتاحة الحجز الإلكتروني المباشر للخدمات ضمن منصات رقمية مرتبطة بمزودي الخدمات من داخل وخارج المملكة، وإصدار التأشيرات اللازمة فوريًا بالربط مع الجهات الحكومية لتسهيل القدوم إلى المملكة ضمن وسائل الدفع والمسارات الإلكترونية الميسرة، و أسهمت الرعاية والدعم المتواصلين من القيادة الحكيمة في إيجاد العديد من الخدمات، منها مراكز الارشاد في مكةالمكرمة والمدينة المنورة والمشاعر ومراكز "عناية" لخدمة حجاج بيت الله حول الحرم وفي عدد من المواقع التي تشهد كثافة لحركة الحجاج، علاوة على مبادرة الضيف الخفي للتأكد من جودة الخدمات المقدمة للحجاج، والجولات الرقابية المستمرة وإيجاد التأمين الصحي الشامل لتوفير تغطية شاملة في حال التعرض للأمراض والحوادث العرضية ومخاطر السفر. تقنيات إدارة الحشود وسجلت المملكة تميزاً جديداً بالإدارة الذكية وتنظيم الحشود من خلال تسخير تقنيات الذكاء الاصطناعي لتنظيم حركة الحجاج بدقة عالية وتسهيل جدولة حركة الحافلات التي تستطيع استيعاب أعداد الحجاج بأعدادهم المتزايدة بواسطة حافلة مجهزة بجميع معايير السلامة، وقطار الحرمين السريع الذي يقدم رحلات يوميًا بين مكةالمكرمة والمدينة المنورة، وقطار المشاعر الذي يشهد جدولة تتناسب مع أعداد ضيوف بيت الله الحرام لنقل الأعداد المتزايدة وتنظيم الحشود وإدارة تفويج وفود الحجاج بين المشاعر المقدسة وفق جداول زمنية مدروسة بحسب الطاقة الاستيعابية بما يضمن انسيابية الحركة عند أداء المناسك من طواف وسعي ورمي الجمرات وغيرها، من خلال متابعتهم بشكل دقيق من خلال غرف المتابعة والتحكم، وعلى مستوى البنية التحتية، سطّرت وزارة الحج والعمرة قصة نجاح من خلال التطوير المستمر في المشاعر المقدسة وفي الحرمين الشريفين لتعزيز جودة الخدمات وزيادة الطاقة الاستيعابية باستحداث المشاريع النوعية الجديدة ، وذلك بالتنسيق والتعاون المستمر مع شركاء النجاح من الجهات الحكومية والقطاعات الأخرى دون توقف. الحج في زمن الكورونا وخلال جائحة فيروس كورونا والتي صنفت بالظروف الاستثنائية الحرجة إلا أن المملكة استطاعت إدارة حج بموسم سيخلده التاريخ وهو ما تناقلته مختلف وسائل الإعلام العالمية والعربية، وبفضل الله تجاوزت المملكة الامتحان الصعب الذي خيم على معظم دول العالم وحققت نجاحاً لموسمي الحج مع الأخذ في الاعتبار سلامة ضيوف الرحمن و تحقيق أعلى معايير الجودة بأعداد قليلة فرضتها ظروف الجائحة و وسط إجراءات صحية واحترازية مشددة لضمان سلامة ضيوف الرحمن، وعدم انتشار عدوى الفيروس بالرغم من قله عدد الحجيج عن كل عام، و تضمنت البروتكولات الصحية التي تم اتباعها في ذلك الوقت العديد من الجوانب أهمها طواف الحجيج ببيت الله الحرام ثم بدء المناسك بالوقوف بمشعر عرفات ثم رمى الجمرات وما يليها من طواف الافاضة وهى جميعها تتطلب إجراءات مشددة لمنع الزحام والالتزام بالتباعد الجسدي على قدر المستطاع، ولعل الحج خلال جائحة كورونا كان اختباراً حقيقياً مهماً للمملكة لناحية اتخاذ القرار والترتيبات والاستعدادات في وقت كانت الجائحة فيه في ذروة شراستها وكانت التساؤلات تتكاثر وقتها مع اقتراب موعد الحج، ورغم كل التحديات الكبيرة لم تسمح مملكة التوحيد والخير بتعطيل الحج رغم قسوة الظرف، ونجحت في ترتيب حج آمن وميسر، كما قدمت المملكة حزمة من التسهيلات والإعفاءات للقطاع لتسهيل خدمة ضيوف بيت الله الحرام على النحو المطلوب وإثراء تجربتهم الدينية والثقافية، ضمن شراكة ناضجة بين القطاعات الحكومية والخاصة كافة، وبسواعد أبناء هذا الوطن المعطاء والمقيمين على أرضه، تحقيقًا لمستهدفات برامج رؤية المملكة العربية السعودية، وتلبية لشرف خدمة ضيوف الرحمن لا زالت المملكة تُرسخ تلك الرسالة الخالدة وأن الحج ليست مسألة للمساومة ولا قضية للمزايدة ولا مكان للعبث، عقود من الزمان وجهود متواصلة ومتتالية لترسيخ هذا المفهوم والمبدأ الشامل لأمن الحج، ودائما ما يؤكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان - يحفظه الله - ومنذ توليه الحكم بتوجيهاته للمسؤولين على رعاية ضيوف الرحمن وخدمتهم بأعلى معايير الجودة والعطاء.