نيابة عن أمير الرياض.. أمين المنطقة يحضر حفل سفارة راوندا    أمير الشرقية يعزي أسرة الراجحي    تنفيذ 19 مشروعًا مائيًا وبيئيًا في جازان ب1.5 مليار ريال    القيادة تهنئ رؤساء الجزائر وفنزويلا وكابو فيردي    الشؤون الإسلامية بنجران تغلق 460 بلاغاً    اتفاقية صحية لدعم وتثقيف المصابين بالأمراض المزمنة    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالمحمدية في جدة يُعيد قدرة المشي ل"ثمانيني" بعد ساعتين من استبدال مفصل ركبة    أمين منطقة القصيم يوقع عقد صيانة شوارع بنطاق بلدية الصفراء بمدينة بريدة قرابة ١٧ مليون ريال    محافظ الزلفي يشيد بمستوى التعاون ويكرم القطاعات المساهمة في موسم عيد الأضحى المبارك    جمعية ثقفني وفرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بمنطقة القصيم يوقعان شراكة مجتمعية ضمن فعاليات الملتقى للقطاع غير الربحي في التعليم والتدريب لعام 2025م    كأس العالم للرياضات الإلكترونية يعيد نظام الكؤوس لتعزيز روح المنافسة والتميز في نسخة 2025    تركيا تفتح تحقيقا بحق «سبوتيفاي» بسبب قوائم أغاني مسيئة    الهلال يجني 34 مليون دولار من مشاركته المونديالية    ماسك يصف القانون «الكبير والجميل» لترامب بمشروع «استعباد الديون»    27 قتيلا إثر فيضانات تكساس    فرنسا تأمل في التوصل لاتفاق تجاري مع أميركا خلال نهاية الأسبوع    حرس الحدود يقبض على (6) إثيوبيين بجازان لتهريبهم (138.3) كجم "حشيش"    إنزاغي يمنح لاعبي الهلال إجازة لمدة 21 يوماً    ارتفاع عدد الشهداء جراء العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة إلى 57,338 شهيدًا    المنتخب السعودي ينافس (90) دولة في أولمبياد الكيمياء الدولي (2025)    مبادرة كنوز السعودية بوزارة الإعلام تطلق الفيلم الوثائقي "الوجهة"    رسميًا.. الفرنسي كريستوف جالتييه مدربُا لنيوم    البدء بصيانة جسر خادم الحرمين وتقاطع الملك عبد العزيز بالدمام    بطلب من رونالدو..تحركات في النصر لضم نجم ريال مدريد    المركزي الروسي يرفع سعر صرف الدولار واليوان ويخفض اليورو    ضبط (17863) مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    رياح نشطة وأتربة على عدة مناطق في المملكة    الهلال يودع مونديال الأندية من ربع النهائي    15 دقيقة أولى لحمدالله بقميص الهلال    جمعية الدعوة بصبيا تُطلق الدورة العلمية الأولى لعام 1447ه بمحاضرة عن فضل العلم    محافظ صبيا يُدشّن حملة "لقمتنا ما تنرمي" للتوعية بأهمية حفظ النعمة في المناسبات    السديس في خطبة الجمعة: الهجرة وعاشوراء دروس في اليقين والشكر والتوكل على الله    الهلال الأحمر بنجران يكشف إحصائيات شهر يونيو 2025    جمعية الكشافة تختتم مُشاركتها في ملتقى القطاع غير الربحي في التعليم والتدريب    جامعة أمِّ القُرى تنظِّم مؤتمر: "مسؤوليَّة الجامعات في تعزيز القيم والوعي الفكري    الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام بنجران تطلق فعاليات برنامج أولمبياد أبطالنا 2025    قطاع ومستشفى ظهران الجنوب يُُنفّذ "اليوم العالمي لمكافحة التدخين"    قطاع ومستشفى المضة يُنفّذ فعالية "اليوم العالمي لسلامة الغذاء"    قطاع أحد رفيدة الصحي يُفعّل "اليوم العالمي للبهاق" و "اليوم العالمي لإضطراب مابعد الصدمة"    "ملتقى خريجي الجامعات السعودية يجسّد جسور التواصل العلمي والثقافي مع دول البلقان"    تأشيرة سياحية موحدة لدول مجلس التعاون.. قريباً    دعم النمو وجودة الحياة.. الرياض تستضيف"سيتي سكيب"    غندورة يحتفل بقران «حسام» و«حنين»    جامعة الملك سعود تحذر من خدمات القبول المزيفة    911 يستقبل 2.8 مليون اتصال في يونيو    عقب تصريحات وزير العدل الإسرائيلي بأهمية ضم «الضفة».. تحذيرات أممية من مشروع «استيطاني استعماري»    وسط توترات إقليمية متصاعدة.. إيران تعلق التعاون مع وكالة الطاقة الذرية    استعرض التعاون البرلماني مع كمبوديا.. رئيس الشورى: توجيهات القيادة أسهمت في إنجاز مستهدفات رؤية 2030    49.4 مليار ريال إنفاق الزوار في الربع الأول    أنغام: لست مسؤولة عما يحدث للفنانة شيرين عبد الوهاب    الإنجاز والمشككون فيه    الأمير جلوي بن عبدالعزيز يرعى حفل انطلاق فعاليات صيف نجران    الأمير ناصر بن محمد يستقبل رئيس غرفة جازان    ترامب يهدد بترحيل ماسك إلى جنوب إفريقيا    أمير تبوك يطلع على تقرير فرع وزارة النقل والخدمات اللوجستية بالمنطقة    بلدية المذنب تطلق مهرجان صيف المذنب 1447ه بفعاليات متنوعة في منتزه خرطم    انطلاق النسخة الثامنة لتأهيل الشباب للتواصل الحضاري.. تعزيز تطلعات السعودية لبناء جسور مع العالم والشعوب    العثمان.. الرحيل المر..!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيخ محمد طاهر كردي يفرد مصنفاً ل«المقام»
نشر في الرياض يوم 24 - 06 - 2023

ألهمت مكة المكرمة مشاعر طائفة من المشتغلين بالكتابة التاريخية والأدبية والاجتماعية، وأوحت في أفئدتهم ما أوحت من قيم الفن والجمال والتميز، لذا تمنى جمهرة ممن عمد للتأليف ولجأ للتصنيف أن يكون ضمن قائمة مؤلفاته شيء عن أم القرى ليحظى بشرف هذا المكان، فانصرف جلة من الناس للكتابة عنها بل ارتأى غير واحد أن تكون الكتابة عن مكة ضمن قائمة مؤلفاته، وليس ببعيد عن هؤلاء الشيخ محمد طاهر بن عبدالقادر كردي (1321 –1400ه) خطاط مديرية المعارف الشهير وصاحب الموسوعة التاريخية (التاريخ القويم لمكة وبيت الله الكريم) الذائعة الصيت الذي جمع فيها وأوعى وأحاط فيها وألمّ.
ولأن الشيخ الكردي من أبناء مكة المكرمة مولداً ونشأة فقد سرى حبها في شرايينه، وأوقف جزءاً من تصانيفه لمعشوقته أم القرى، بل انفرد عن غيره بتأليف كتاب (مقام إبراهيم عليه السلام) الذي أصدره مركز تاريخ مكة المكرمة مع دراسة ضافية أنيقة انبرى لها فضيلة الشيخ الدكتور عبدالوهاب أبو سليمان عضو هيئة كبار العلماء.
والمقام أحد المشاعر المقدسة ومعالم مكة الطاهرة، وحين نعود إلى عنوان الكتاب نجد هذا الموضوع لم يطرق من قبل على حد زعم الشيخ الكردي إلا أن صاحب الدراسة الشيخ أبو سليمان أكد أن سبق صاحب هذا الكتاب كتابان: أحدهما لابن الجزري الشافعي المتوفى عام (833ه) والآخر لعلي البوسنوي المتوفى عام (1007ه)، معللاً عدم معرفة الكردي لهما، إذ لم تكن الإمكانات متاحة له كما هي في الوقت الحاضر، إلا أن ما يضع هذا الكتاب الذي بين أيدينا موضع الثقة هو أن مؤلفه الشيخ الكردي كان له الإشراف المباشر على ما جرى في هيكل مقام سيدنا إبراهيم -عليه السلام- من تطوير في العصر الحديث، وأخذ رسوم القدمين الشريفين ومقاساتهما بشكل دقيق، ناهيك عن حرصه الشديد على حرمة المقدسات ومحافظته على الآثار الإسلامية في مكة المكرمة بادياً فيما دونه من حقائق تاريخية.
ويهدف الشيخ الكردي في هذا المصنف إلى إحياء المدرسة التاريخية المعروفة بدقتها واهتمامها بالتفاصيل، ومصداقاً لذلك نجده يكثر من الاستطرادات فيعرج إلى تاريخ الكعبة وبنائها منذ سيدنا إبراهيم، ومروراً ببناء قبيلة قريش ثم ابن الزبير والحجاج بن يوسف والسلطان مراد الرابع، مع ترجمة لكل منهم، ويعرج أيضاً إلى حجر إسماعيل وكذلك الحجر الأسود، كما كان الكردي مولعاً بكل نظم شعري قيل في الكعبة المشرفة والمشاعر المعظمة، حتى المؤلف نفسه نظم (139) بيتاً في الكعبة المشرفة، كما أورد جملة من رسومات الكعبة في مراحلها المختلفة مستوحياً ذلك من تاريخها ووصف المؤرخين لها، إضافة لأمانته العلمية التي عرف بها وإفصاحه عمن نقل منه وكذلك وقوفه الشخصي على الأماكن المقدسة الشريفة التي تمت دراستها، ما جعله يمضي خمسة أشهر في تصنيف هذا السفر أي بين عامي (1366–1367ه).
ويذكر المؤلف في مطلع كتابه ما ورد في التنزيل العزيز من آيات تحمل فضل الكعبة المشرفة والمقام المعظم في (25) سورة، وفي بعض السور يأتي هذا الذكر في أكثر من موضع وأبرز هذا الذكر ما جاء في سورة البقرة: (وإذْ جَعَلْنَا البَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وأَمْنًا واتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إبْرَاهِيمَ مُصَلًّى)، وأيضاً في سورة آل عمران: (فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إبْرَاهِيمَ ومَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا).
وتختلف دلالة المقام والمراد به، فقيل: إن المقام هو كل الحرم، وقيل: هو الحَجر الذي وضعته زوجة سيدنا إسماعيل -عليه السلام- تحت قدمي سيدنا إبراهيم حين غسلت رأسه، وقيل أيضاً: إنه الحجر الذي قام عليه نبينا إبراهيم عند بناء الكعبة، وكان يرتفع به كلما ارتفع البناء، والقول الأخير هو الصحيح والمعول به، وذهب المؤلف مؤيداً لصحة هذا القول مستنداً بحديث جابر رضي الله عنه في حجة النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: لما طاف النبي عليه السلام قال له عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: هذا مقام أبينا؟ فقال النبي: نعم، قال: أفلا نتخذه مصلى؟ فأنزل الله عز وجل: (واتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إبْرَاهِيمَ مُصَلًّى).
وجملة القول: إن مقام إبراهيم هو الحجر الذي كان يقوم عليه لبناء البيت الحرام لما ارتفع جداره وكان ابنه إسماعيل يناوله الحجارة فيضعها بيده الشريفة، ومن معجزات نبينا إبراهيم: أن صار الحجر تحت قدميه رطباً فغاصت فيه قدماه، وبقي أثر قدميه ظاهراً فيه حتى الآن.
وقد جاءت السنة على أن تكون الصلاة خلف المقام، وذلك بأن يكون المقام بين المصلي والكعبة ومن صلى وراء المقام فقد أتى بالسنة، ويذكر أن حجر المقام والحجر الأسود أقدم أثران لدى المسلمين بالاتفاق، وأن العرب في جاهليتهم حينما عبدوا الأحجار لم يسمع عنهم أن أحداً عبد الحجر الأسود أو حجر المقام، مع عظيم احترامهم لهما ومحافظاتهم عليهما.
وحين نتساءل عن وضع المقام ومكانه في صحن المطاف نجد طائفة من الأقوال لكن أرجحها هي: أن المقام كان لصيقاً بالكعبة زمن النبي إبراهيم وفي عصر الجاهلية أُدخل في جوف الكعبة خيفة السيول، ثم أخرجه النبي محمد من داخلها يوم فتح مكة وفرغ من طواف البيت، وأنزل الله تعالى هذه الآية السابق ذكرها: (واتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إبْرَاهِيمَ مُصَلًّى) فأزاحه -صلى الله عليه وسلم- من جوار الكعبة نحو عشرين ذراعاً.
هذه رحلة في هذا الكتاب الذي صنفه مؤلفه المكي الشيخ محمد طاهر كردي -رحمه الله-، وجعل ما قدمه في ميزان حسناته، وكل التقدير والمثوبة لدارسه ومراجعه تلميذه فضيلة العلامة الدكتور عبدالوهاب أبو سليمان الذي عُني بإكماله وشرحه ونشره.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.