منذ بداية عام 2023 وأسواق النفط تشهد تقلبات حادة وهبوطية في أسعارها، رغم تخفيض أوبك+ لإنتاجها إلزامياً وطوعياً من أجل المحافظة على استقرار الأسواق والحد من البيع على المكشوف في الأجل القصير. وصعدت أسعار العقود الآجلة في الأسبوع الماضي، متأثرة بضعف الدولار مع زيادة مبيعات التجزئة الأمريكية لشهر مايو وارتفاع مطالبات إعانة البطالة بأعلى من المتوقع، وتثبيت الفدرالي لسعر الفائدة مؤقتاً الأربعاء الماضي، وكذلك الزيادة الكبيرة في تشغيل المصافي الصينية، أكبر مستورد للنفط في العالم. ومع ذلك، مازالت أسعار النفط في حاجة إلى المزيد من الدعم في ظل ضعف توقعات النمو الاقتصادي العالمي، والذي قد يتعرض للمزيد من الصدمات مع استمرار رفع أسعار الفائدة وارتفاع الدولار، مما سيحد من توقعات نمو الطلب على النفط في الأشهر المقبلة. وانخفضت أسعار النفط بداية الأسبوع الماضي، حيث وصل برنت إلى 71.84 دولاراً وغرب تكساس إلى 67.12 دولاراً، قبل أن تعود الأسعار وتواصل ارتفاعاتها، إلا أنها تراجعت بعد إعلان إدارة الطاقة الأمريكية عن ارتفاع مخزونات النفط التجارية الأمريكية بمقدار 7.9 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 9 يونيو 2023، ومخزونات بنزين السيارات بمقدار 2.1 مليون برميل. أما على المستوى الأسبوعي، ارتفع برنت إلى 76.61 دولاراً أو 2,4 % وغرب تكساس إلى 71.78 دولاراً أو 2.3 %. بفعل ضعف الدولار الأمريكي وقفزة في عمليات التكرير في الصين وخفض البنك المركزي الصيني لأسعار الفائدة. وأوضحت البيانات الصينية الخميس الماضي، ارتفاع إنتاجية مصافي النفط الصينية ب15.4 % في مايو عن العام السابق، مسجلة بذلك ثاني أعلى إجمالي على الإطلاق، بعد عودتها إلى العمل من الصيانة المخطط لها ومعالجة المصافي المستقلة للواردات الرخيصة. لكن التوقعات الاقتصادية الضعيفة حدت من مكاسب الأسعار في نفس اليوم، حيث انخفض نمو الإنتاج الصناعي من 5.6 ٪ في أبريل إلى 3.5 ٪ في مايو، بينما ارتفعت مبيعات التجزئة ب12.7 ٪ في مايو ولكنها دون التوقعات. ورغم ذلك مازال المحللون يتوقعون استمرار الطلب الصيني على النفط في الارتفاع بثبات خلال النصف الثاني من العام. فلا زال هناك العديد من أوجه عدم اليقين في أسواق النفط، لكن تمديد أوبك+ لتخفيض إنتاجها الإلزامي والطوعي حتى نهاية 2024، والتخفيض الإضافي من السعودية بمليون برميل يومياً في شهر يوليو والقابل للتمديد تزامناً مع موسم الطلب القوي، سيكون له انعكاسات إيجابية على استقرار أسواق النفط وتحسن أسعارها خلال النصف الثاني من العام الحالي. رغم الشكوك حول توقعات النمو الاقتصادي والتضخم المستقبلية والتحديات المحتملة التي تنتظر أسواق النفط، حيث إن معروض النفط المادي مازال مرتفعاً، بينما الطلب مازال أقل من المتوقع لهذا العام، رغم تحسن الطلب الصيني.