يُعد التواصل العسكري ركيزة أساسية لنشر المعارف العسكرية والاستراتيجية، وإثراء الثقافة العسكرية للعسكريين والمدنيين، وتحقيق الأهداف الاستراتيجية لوزارات الدفاع، ورفع الروح المعنوية لأبناء القوات المسلحة وجمهور المواطنين، ومن أهم أدوات التواصل العسكري هي الإصدارات والمجلات الدورية، ومنها «مجلة الدفاع» التي تصدرها الإدارة العامة للتواصل الاستراتيجي بوزارة الدفاع، والتي تعتبر أول مجلة عسكرية في المملكة والخليج العربي، التي تحتفل هذا العام بذكرى مرور ستين عاماً على صدورها، ونسعد بمحاورة المشرف العام على المجلة الأستاذ عبدالرحمن بن سلطان السلطان، المدير العام للتواصل الاستراتيجي بوزارة الدفاع والكاتب في صحيفة «الرياض» والذي أشرف ورأس تحرير عدد من المجلات والمطبوعات مثل مجلة البلسم وغيرها، وبدأ إشرافه على مجلة الدفاع منذ العام 1443ه وقاد عمليات التحوّل ورقمنة المجلة، وعزز حضورها الصحفي في المشهد السعودي والعربي. وأعاد إصدار سلسلة «كتيب الدفاع»، وأشرف على إطلاق منصاتها الرقمية من موقع تفاعلي وتطبيق إلكتروني، فإلى الحوار: * هل تحدثوننا عن نشأة مجلة الدفاع؟ * صدر أول عدد من مجلة الدفاع عام 1382ه -1962م باسم مجلة الجيش العربي السعودي وكان يتولى موضوع تحريرها وطباعتها كلية الملك عبدالعزيز الحربية، وتعتبر هي أول مجلة عسكرية سعودية وخليجية كذلك، بل ومن أولى المجلات العسكرية على مستوى الوطن العربي، لاحقاً انتقلت إلى الشؤون العامة للجيش، حتى أضحت اليوم تصدر عن الإدارة العامة للتواصل الاستراتيجي بوكالة وزارة الدفاع للشؤون الاستراتيجية. وحتى يومنا هذا أصدرت المجلة (200) عدد، ناهيك عن عشرات السلاسل والملاحق والإصدارات، ومن جميل الطالع أن تحتفل المجلة هذا العام بمناسبة مرور ستين عاماً على إصدارها من دون توقف ولله الحمد. o ما المجالات التي تهتم بها المجلة؟ * مجلة الدفاع مجلة فصلية عسكرية متخصصة، تحرص على الجانب التخصصي العسكري، والاحتراف الميداني، والتنظير الاستراتيجي، ونشر البحوث والدراسات العسكرية المتخصصة، ونشر إنجازات وفعاليات وزارة الدفاع السعودية والأخبار العسكرية العالمية، والجديد في عالم التسليح، ومناقشة الأحداث في المنطقة بكافة جوانبها العسكرية والسياسية والاستراتيجية، ناهيك عن استقطاب أبرز الكتاب والباحثين في المجال من كتاب سواء كانوا عسكريين أو مدنيين. ولله الحمد استطاعت المجلة أن تسد فراغاً في المكتبة العربية في مجال تخصصها العسكري والاستراتيجي. o منذ ستينات القرن الماضي حينما تأسست مجلة الدفاع والمنطقة تمر بأحداث وصراعات، هل يمكن أن توضحوا لنا الأحداث التي غطتها مجلة الدفاع على مدى سنوات؟ * هي مسيرة حافة بالبذل والعطاء، ومنذ نشأتها عام 1962م شاركت مجلة الدفاع بتغطية جميع مشاركات وزارة الدفاع السعودية، وأنجزت تغطيات صحفية مرجعية لكافة الأحداث من حروب وعلميات عسكرية، ناهيك عن مساهمات الوزارة في تقديم الخدمات الإنسانية وحفظ الأمن والسلم الدوليين، بل وأفردت أعداداً خاصة تحمل على أغلفتها الحدث الذي قامت بتغطيته، عرفاناً من المجلة بجهود أبطالنا الذين تفانوا وأخلصوا دفاعاً عن هذا الوطن المعطاء، وحماية مقدساته وترابه الطاهر، ومنها مشاركات وزارة الدفاع في الحروب العربية الإسرائيلية منذ عام 1948م، مشاركة وزارة الدفاع في حرب الوديعة عام 1386ه-1967م، انتصارات قواتنا المسلحة في حرب تحرير الكويت (عاصفة الصحراء) عام 1410ه-1990م، عمليات «درع الجنوب» عام 2009م، وعمليات عاصفة الحزم وإعادة الأمل عام 2015م. أيضاً لم تألُ مجلة الدفاع عن التغطية الصحفية الميدانية لمشاركات الوزارة في الخدمات الإنسانية وحفظ الأمن والسلم الدوليين من أهمها: مشاركة الوزارة في قوة أمن جامعة الدول العربية للدفاع عن دولة الكويت عام 1380ه-1961م، مشاركة القوات المسلحة السعودية بكتيبة أمنية خاصة ضمن فريق (القوة الأمنية العربية) في الجمهورية اللبنانية عام 1386ه-1967م، تغطية مشاركة الوزارة ضمن منظومة أممية ترعاها الأممالمتحدة في الصومال عام 1413ه-1992م، كما غطت مجلة الدفاع مشاركة الخدمات الصحية بالوزارة في تضميد جراح العراقيين بعد حرب الخليج عام 1424ه-2003م، ومؤخراً غطت مجلة الدفاع الجهود الإنسانية لإجلاء الرعايا السعوديين والأجانب من السودان عام 1444ه-2023م. o ما شبكة توزيع المجلة؟ وإلى أين تصل؟ * توزع المجلة على منسوبي وزارة الدفاع وكافة القطاعات العسكرية في المملكة، كما توزع على الملحقيات العسكرية بالداخل والخارج، وأهم وزارات الدفاع في العالم التي توجد بها ملحقيات عسكرية سعودية، ويصل مدها إلى النخب السعودية كأعضاء مجلس الوزراء، وأعضاء مجلس الشورى، والشخصيات الاعتبارية في المجتمع السعودي، وتودع في مكتبات الجامعات السعودية والعربية، ومكتبة الكونغرس الأمريكي. ويوفر الموقع الإلكتروني للمجلة حالياً فرصة الاشتراك المجاني في النسخة الإلكترونية من المجلة. o مَنْ أبرز كتّاب مجلة الدفاع الذين تحرصون على استكتابهم؟ * نعتبر كتاب مجلة الدفاع أهم عنصر نعتمد عليه في تطوير وتجويد المجلة، لذا نحرص على التنويع في استكتاب الخبراء والمختصين من داخل المملكة وخارجها، عسكريين أو مدنيين. ولله الحمد حظيت المجلة بكتاب على أعلى المستويات ومن كافة التخصصات. وهي دعوة مفتوحة للمشاركة بالكتابة في المجلة لجميع المهتمين والخبراء في المجال. * تنوعت خبراتكم الصحافية - أستاذ عبدالرحمن - من الصحافة الصحية المتخصصة إلى الصحافة الشبابية، أشرفتم ورأستم تحرير عدة مطبوعات، واليوم تشرفون على مجلة عسكرية؟ ما أبرز التحديات وخطة طريقكم نحو تميّز مجلة الدفاع؟ * بالتأكيد، هناك تحدٍ كبير في أي صحافة متخصصة، فما بالك في مجال متخصص وسريع التطور مثل المجال العسكري، بالإضافة إلى تحدي تراجع الصحافة بشكل عام. والحقيقة أنني لست غريباً عن مجلة الدفاع، إذ كتبت ونشرت بها عدة مقالات قبل أن أتولى الإشراف العام عليها، ناهيك عن خبراتي المتنوعة في المجال الصحفي والكتابة الإبداعية. لذا حرصت منذ البداية على العمل اللصيق مع زملائي فريق الإدارة والتحرير على تعزيز الصورة الذهنية للمجلة واستكمال البناء على إرثها التاريخي الفريد، فشكلت عدة فرق للتطوير في مسارات متوازية، حيث حددت أطر وأهداف تطوير المجلة، بناء على الأهداف الاستراتيجية لوزارة الدفاع، ومستهدفات برنامج تطويرها، وهي: تحقيق التميّز الصحفي على مستوى المجلات العسكرية العربية، مأسسة العمل وتحديث الهيكل التنظيمي للمجلة، تحقيق الاستدامة المالية، استقطاب الكفاءات الصحفية والفنية والإدارية، تدشين المنصات الرقمية (موقع وتطبيق إلكتروني)، استخدام التقنيات الحديثة في صناعة المحتوى وتحديث الأجهزة والمعدات، حصر وأرشفة أعداد مجلة الدفاع إلكترونياً لتكون مرجعاً بحثياً معتبراً. o الأستاذ عبدالرحمن، ما الخطوات التنفيذية التي تمت في مسيرة تطوير مجلة الدفاع؟ * مما لا شك فيه أن التطوير هو ضرورة حتمية لأجل استمرار أي دورية أو وسيلة إعلامية، قمنا في المجال التحريري حيث خرجنا باعتماد أسلوب الملفات الصحفية المتخصصة في كل عدد، بحيث يشمل العدد مقالات نوعية ومن زوايا مختلفة بالإضافة إلى الإنفوغرافيك والتقارير المصورة، وبدأنا بذلك من العدد 201 بملف الأمن السيبراني، أيضاً تطوير المحتوى بإضافة صفحات متخصصة تهم متابعي المجلة، مثل زاوية رصد المعارض والمؤتمرات العسكرية خلال العام، إَضافة صفحات باللغة الإنجليزية تلخص أهم ما ورد في العدد، كذلك تشكيل فريق لإعادة إصدار كتيب الدفاع من جديد، بعد توقف دام سنوات، حيث صدر مؤخراً العدد 26 من الكتيب بعنوان «حروب المستقبل في البيئات المعقدة.. الحروب الهجينة» للعميد (م) تشاد تي. مانسكي، وهو باكورة التعاون مع مركز الدراسات والأبحاث الاستراتيجية الدفاعية بوزارة الدفاع، وسوف يتبعه تعاون مع كلية القيادة والأركان بالإضافة إلى الجامعات ومراكز الأبحاث السعودية. أيضاً عملنا على تطوير قنوات النشر التقليدية وتفعيل قنوات النشر الإلكترونية، عبر تدشين الموقع الإلكتروني التفاعلي، وإطلاق تطبيق المجلة، وتطوير الشراكات الإعلامية، والمشاركة في المعارض والمؤتمرات ذات العلاقة. في الجانب الإداري عملنا على تطوير آلية الأعمال وتحديث الأنظمة والإجراءات، مما يضمن عملاً مؤسسياً يحسن من بيئة العمل ويستقطب المواهب الشابة. o يبدو أن لرقمنة مجلة الدفاع مساحة واسعة في برنامج تطويرها؟ * بالتأكيد، تواكب مجلة الدفاع التطور السريع في تقنيات الثورة المعلوماتية للوصول إلى محتواها في أي زمان ومكان، حيث أطلقنا مؤخراً الموقع الإلكتروني للمجلة، الذي يحتوي أرشيفاً رقمياً للمجلة، قابلاً للبحث عبر النصوص والصور والكلمات الدالة، ناهيك عن التطبيق الإلكتروني، الذي يعزز التواصل والتفاعل مع جمهور المجلة والمهتمين، ناهيك عن مواكبة الحدث اللحظية، وبحول الله لدينا الكثير في جعبتنا الرقمية. o ماذا يمثل الاحتفال بمرور ستين عاماً على صدور مجلة الدفاع برعاية صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وزير الدفاع؟ * هذه الرعاية الكريمة من سمو سيدي وزير الدفاع ونحن نحتفل بمرور الستين عاماً لدليل على أن التواصل الاستراتيجي والإعلام العسكري خصوصاً، والإعلام والصحافة عموماً مكانها القلب من اهتمام القيادة، ومكانتها الوجدان على امتداد تاريخها، وأنها ستظل موضع الرعاية والاهتمام، فهي إحدى وسائل القوة الناعمة، التي رافقت مسيرة وتطور الوطن، خصوصاً مع النجاحات التي حققتها مجلة الدفاع خلال العقود الستة الماضية. حيث حظيت المجلة ومنذ تأسيسها برعاية أصحاب السمو وزراء الدفاع، وحققت بدعمهم نجاحات مستحقة. الجميل في الحفل أنه احتوى معرضاً تفاعلاً لتاريخ مجلة الدفاع العريق، عبر عرض مسار تاريخي لمراحل تطور المجلة، سواء في المحتوى أو التبويب أو الأغلفة أو الشعارات، مع عرض لقصاصات صحفية من مجلة تمثل أهم القصص الصحفية التي غطتها، مثل العمليات العسكرية أو المهام الإنسانية، والمعدات والأجهزة العتيقة التي كانت تستخدم قبل عقود من قبل فريق المجلة، بالإضافة إلى تقدير رؤساء التحرير الذين تعاقبوا على المجلة، وكذلك المطبوعات التي صدرت من المجلة مثل مجلة «بنون» للأطفال، وسلسلة «الحصيلة» وسلسلة «كتيب الدفاع» وسلسلة «مقالات عسكرية»، بالإضافة إلى مراحل التطوير والمستهدفات. o هل من كلمة أخيرة لسعادتكم؟ * أود أن أؤكد أننا ماضون في فريق تحرير مجلة الدفاع لتطويرها وتجويد محتوها وسرعة وسهولة وصولها لجمهورها المستهدف، وهدفنا أن تكون المجلة العربية الأولى في مجال العلوم العسكرية بحول الله، مع شكري وتقديري للاستضافة في صحيفة «الرياض».