تنقل التطورات الأخيرة في معركة دونالد ترمب مع سلطات تطبيق القانون، كما هي الحال مع الكثير من المسائل المتعلقة بالرئيس الأميركي السابق للولايات المتحدة إلى منطقة غير مسبوقة. وأمام عدة اتهامات فدرالية له على خلفية احتفاظه بوثائق حكومية، يضع الرئيس السابق الجمهوري البلد أمام احتمال دخول مرشح فائز، البيت الأبيض وهو لا يزال يواجه اتهامات، أو إدارة الحكومة من السجن. وقد رفض الملياردير فكرة الانسحاب من الانتخابات التمهيدية لحزبه، واعتمد في المقابل أسلوبا مفضلا وهو اتهام خصومه السياسيين "الفاسدين" بالتدخل الانتخابي. وذلك الأسلوب "لن يؤثر على الأرجح على الناخبين الذين لم يحسموا أمرهم لكنه سيحفز أنصار ترمب ممن قد يترددون أو يتطلعون إلى مرشح مع أعباء أقل" حسبما قال محلل الأمن القومي والضابط السابق في الاستخبارات مات شوميكر لوكالة فرانس برس. وسيأمل المدعون في كل من القضية الفدرالية المتعلقة بالوثائق، والتحقيق بشأن احتيال مالي على مستوى الولاية بحق ترمب في نيويورك، في أن يمثل أمام القضاء قبل الانتخابات المرتقبة بعد 17 شهرا. لكن لا ضمانة في انتهاء أي من القضيتين بسرعة، في وقت يواجه ترمب أيضا تحقيقات فدرالية وعلى مستوى الولاية بشأن مساعيه في إبطال نتيجة انتخابات 2020. وقد ينسف على الأرجح أي محاكمات فدرالية معلقة في حال فوزه، بالسعي لإصدار عفو عن نفسه، وهذا سيناريو غير مسبوق من شبه المؤكد أنه سيؤدي إلى أزمة دستورية. لكن لن يكون له تأثير يذكر على الملاحقات غير الفدرالية، وقلقه المباشر يتعلق بالضرر الذي يمكن أن تلحقه مشاكله القانونية بحملته للفوز بترشيح الحزب الجمهوري في المقام الأول. لن يفعلوا شيئاً يسمح الاتهام الأخير لمنافسي ترمب الأساسيين، حاكم فلوريدا رون ديسانتيس ونائب الرئيس السابق مايك بنس وآخرين، بتوجيه الانتقاد والقول إن المرشح الأوفر حظًا غير لائق بالمنصب. لكنهم سيجازفون بعزل القاعدة الموالية لترمب، التي اشتد دعمها له منذ قضية مانهاتن. ونتيجة لذلك التف العديد من المنافسين حول ترمب، ربما على أمل الحفاظ على الهدوء حتى يتم استبعاده من السباق من خلال مزيد من الاتهامات المتوقعة في الأشهر القادمة. يواجه ترمب تحقيقا فدراليا آخر لدوره في أحداث الكونغرس في السادس من يناير 2021 وتتوقع تقارير إعلامية أن توجه له اتهامات بالابتزاز والتآمر في جورجيا في أغسطس على خلفيه محاولة الملياردير قلب نتائج الانتخابات هناك. وقال خبير العلوم السياسية في جامعة فرجينيا لاري ساباتو "يأملون في استعباد ترمب بنهاية الأمر من السباق من خلال عدد من الاتهامات، من بينها تلك المتعلقة بالسادس من يناير ومحاولة قلب نتيجة الانتخابات". أضاف "هذا كل ما في الأمر، إنها استراتيجيتهم، لن يفعلوا شيئا". جريمة خطيرة في استطلاع أجرته مؤخرا مؤسسة يوغوف اعتبر نصف المستطلعين فقط إن تزوير السجلات التجارية لإخفاء مدفوعات مالية لنجمة إباحية يعد "جريمة خطيرة"، وهي القضية التي يواجهها ترمب في مانهاتن. غير أن ثلثي المستطلعين قالوا الشيء نفسه بشأن نقل أسرار حكومية من البيت الأبيض وعرقلة الجهود لاستعادتها. وتبلغ النسبتان 28 و42 بالمئة على التوالي بين الجمهوريين، وهي فجوة تشير إلى أن فضيحة ترمب الأخيرة يمكن أن تمثل نقطة تحول في حملته للانتخابات التمهيدية. وبالنسبة لديسانتيس المتأخر بفارق كبير عن ترمب في استطلاعات الرأي، فيمارس ضبط النفس في تصريحاته المتعلقة بمتاعب منافسه القانونية، لكن التراشق اللفظي بين المعسكرين بات أكثر حدة في الأسابيع الأخيرة. أما كريس كريستي، الذي ألمح إلى أنه سيحارب ترمب بشكل مباشر أكثر من المرشحين الآخرين، فقد انضم إلى السباق منذ قضية مانهاتن. وقالت أستاذة العلوم السياسية في جامعة سيراكيوز شانا غادريان لوكالة فرانس برس إن "ديسانتيس سيستفيد بشكل كبير من انسحاب ترمب من السباق، لكن يبدو أنه احتسب أن لديهما العديد من نفس الناخبين المحتملين لذلك لا يريد إبعادهم". وأضافت، "قد يتطلب الأمر شخصًا مثل كريستي لتغيير هذه الرواية". واعتبرت أن الحاكم السابق سيكون بلا شك مهتما بمحاولة جذب الجمهوريين السابقين الذين ابتعدوا عن الحزب بسبب رئاسة دونالد ترمب.