تعيش دولة الاحتلال الإسرائيلي الغاصبة في فلسطينالمحتلة أزمة وجودية، ذات بعدين داخلي وخارجي، وغدت التحذيرات الأمنية داخل (إسرائيل) وجبة يومية، تغص بها حلوق الإسرائيليين كل صباح، ولعل آخرها تحذير وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت، من أن الجبهة الداخلية ستواجه مخاطر لم تشهد مثلها إسرائيل في تاريخها كله، في حال نشوب حرب، مشدداً على ضرورة الاستعداد لأكثر السيناريوهات خطورة، التي ستضطر فيها إسرائيل لمواجهة تحديات كثيرة. سيبدو هذا الوضع غريباً للمراقب من داخل إسرائيل، الذي ظن عقب تطورات الأعوام الأخيرة في المنطقة أن حلم الاندماج في المنطقة والعيش كدولة طبيعية بات قريباً، لكن العكس هو ما جرى تماماً، وذلك لأن إسرائيل لم تتصرف يوماً كدولة طبيعية، وكان سلوكها على الدوام سلوك دولة احتلال غاشم، وهروب مستمر من استحقاقات السلام، وأكلاف حرمان الشعب الفلسطيني من قيام دولته حتى في أدنى تصور لها، ناهيك عن سياسة الاعتقالات والتنكيل والعدوان على الفلسطينيين، والتوسع الاستيطاني السرطاني الذي يجهز على ما بقي من أمل في قيام جسد دولة فلسطينية حية. لا يمكن لإسرائيل أن تعيش مطمئنة، وبكنفها شعب محروم من حقوقه المشروعة، مسلوبة أرضه، ويدفع ثمن مقاومته وصموده، قتلاً وتشريداً واعتقالاً، فهذا وهم على الإسرائيليين أن يفيقوا منه، ويدركوا أنهم لن ينعموا بالسلام، ما لم ينعم به الشعب الفلسطيني، وقد وضعت المملكة مبادرة شجاعة باسم كل العرب، تحقق السلام العصي في المنطقة، لكن السياسة المتطرفة لإسرائيل رفضت هذه الفرصة السانحة وبددتها، وها هي الآن تعيش حالة رعب تزداد كل يوم، وقد أدركت على نحو واضح أنه حتى الاتفاقات الدبلوماسية قديمها وجديدها لن تمنع كونها جسماً غريباً في المنطقة، مرفوضاً من جميع الشعوب العربية والإسلامية، وليس أمامها في هذه الحال إلا أن تراجع سياستها ومشاريعها الصهيونية، وترضخ لمتطلبات السلام، وأثمانه الواجب دفعها، إذا ما أرادت أن تخرج من عباءة الخوف المزمن.