صناعة النجوم وتأهيل الكوادر الإعلامية بمختلف الوسائل في الإعلام التقليدي أو الإعلام الجديد هي مهمة وطنية واستثمار طويل المدى في كنز وثروة وطنية ستحقق الكثير من المكاسب في آن واحد، فضلاً عن دورها في انعكاس ذلك على الصورة الذهنية للمملكة ودعمها لرسائلها الثقافية العالمية.. بدأ الإعلام في الاهتمام بالصورة الذهنية بعد إدراكه أن المجتمعات والجماهير لا ترى الأشياء كما هي، ولا تستطيع أن تحيط بحقيقة الأشياء من حولها بشكل كامل إلا بحدود الصور الذهنية المرتسمة في الأذهان، والذي تحدد من خلاله سلوكها الاجتماعي والاقتصادي، ومشاعرها تجاهه وطريقة تفكيرها وتصرفها أثناء اتخاذها للقرارات أو الحكم عليه. وهذا مؤشر مهم يشير إلى مدى خطورة عدم فهمنا للطبيعة البشرية، وطريقة عمل العقل البشري، التي نتجت عن اكتشاف طبقة تفكير غير واعية تتحكم في سلوك الإنسان. كان الإعلام التنموي يفتقر إلى المضمون المؤثر والقدرة على التغيير إلى أن ظهرت رؤية 2030 التي عززت من دور الإعلام التنموي بتحقيق التنمية والتكامل مع الدولة والمساهمة في عملية إعادة بناء هوية وطنية من خلال تحسين وتبديل البيئة والواقع الاجتماعي والاقتصادي الذي سيبدل الصورة الذهنية السلبية السابقة وسيؤدي الى ناتج مختلف في البناء الاجتماعي مع هوية وطنية تعزز الشعور بالرضا والارتباط والمسؤولية الاجتماعية والخضوع للقانون والتعاطف والاحترام المتبادل والتعايش وهي من أهم الأسباب الاساسية التي تعزز فيه روح التفكير والإبداع والابتكار والتجديد بين أنماط الإنتاج والتنمية. كانت مشكلة الإعلام أنه ظل ردحاً من الزمن أسيراً لمفهوم مجرد نقل المعلومة أو إذاعة الخبر أو البيان وفي أفضل أحواله وسيلة للترفيه المجرد من التوظيف السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو التنموي عموماً، بينما إعلام العالم اليوم وفي الواقع هو ضرورة وأداة من أدوات القوة الناعمة وأقوى المعارك كانت المعارك الإعلامية أقل تكلفة وأعظم في تحقيق النتائج ولذلك فإن أشرس حروب اليوم لا تدار ولا تهاجم من على طائرة أو دبابة إنّما من خلف شاشات وأجهزة محمول صغيرة لا تكلف الكثير! ولأن للإعلام قوة اجتماعية واقتصادية مهمة في المجتمع، وهي قوة رئيسة في تشكيل الرأي العام، وبالتالي له تأثير قوي على الجهود الوطنية، كما أن الإعلام يؤثر بشكل مباشر على أفراد المجتمع من خلال قدرة وسائل الإعلام الوصول إلى فئات كبيرة من المجتمع تنطلق من قدرتها على مخاطبة جماهير عريضة في وقت واحد، وهذه خاصية من خصائص الإعلام الجماهيري بما يمكن معه التوجيه الجماعي نحو هدف أو قضية معينة واستنهاض الرأي العام لعمل ما سلباً أو إيجاباً وبث مشاعر معينة تحرك الجماهير نحو سلوك أو قرار محدد، وكما هو معروف عن مجتمعاتنا أنها مجتمعات عاطفية فنجد كثيراً من وسائل وقنوات الإعلام تحاول أن تستميل الجمهور لصالحها عن طريق تحريك مشاعر العاطفة لديهم وقيادتها لما يخدم أجندتها أو مشروعاتها السياسية، حينها علينا إعادة النظر في الاستراتيجيات الإعلامية والفكرية (الثقافية) ومدى قدرتها على مواكبة قوة الدولة العسكرية أو الأمنية وتشكيلها رافداً لها وإحدى أدواتها ووسائلها. ومنذ إعلان سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -يحفظه الله- عن رؤية المملكة (2030) في الخامس والعشرين من أبريل (2016م) ورسم أهداف المستقبل كخطة اقتصادية للمملكة بعيداً عن النفط، وكخطة تعليمية تجعل التعليم أفضل وذا قيمة أعلى، وأيضًا كخطة إعلامية مستنيرة في ظل التطور الرقمي بدأ الإعلام السعودي بمسؤولياته الكبيرة في إيصال ونشر المعلومات وتثقيف المجتمع، ولم يتوانَ عن السعي نحو العمل بدأب من خلال شفافية المعلومة وصدق وسرعة وموثوقية الخبر، فكان نموذجاً رائداً يحتذى على المستوى الوطني والإقليمي والدولي. فعلى المستوى الوطني أصبحت منصات الإعلام السعودي جزءًا من المجتمع بشكل أعمق، ولعب العديد من الأدوار المهمة في مجال توعية المجتمع بمبادرات وبرامج رؤية المملكة (2030) وفي تعزيز اللحمة الوطنية والأمن الوطني، وكذلك في تعزيز النسيج الاجتماعي، ووقوفه خلف ولاة الأمر. وعلى المستوى الخارجي يؤدي الإعلام السعودية اليوم دوراً بالغ الأهمية في التعريف بمنجزات رؤية (2030) إقليمياً وعالمياً، ويعكس صورة المملكة في أبهى صورها، وكيف تحولت إلى دولة عصرية في ظل هذه الرؤية، حيث سلط الضوء على الإنجازات الفكرية والتنموية والإبداعات الصناعية والزراعية والثقافية، وعلى ضرورة الاهتمام بقضايا البيئة، وتمكين المرأة وتعزيز دورها في عملية التنمية، إضافة إلى قيامه بالتوعية بأهمية التربية الغذائية ومحو الأمية والتوعية الصحية وثقافة التعامل مع الشبكة الإلكترونية. "وتشير خصائص المعالجة الإعلامية المتعلقة بدور المنصة الإعلامية السعودية في دعم برنامج التحول الوطني إلى اهتمام متزايد بتقديم المحتوى ذي الصلة، ويتسم الاهتمام بتكرار وتجانس اتفاقها مع الأحداث ذات الصلة لرؤية المملكة 2030 في الفترة الحالية، وكذلك وجود اتجاه واضح ومتسق في المعالجة الإعلامية لهذه المحتويات ومدى دعمها للبرنامج. وإذا كان مجال الإعلام أحد أهم مجالات الحياة فإنه يعد المجال الأول في دعم ثقافة المجتمع السعودي من خلال المطالعة لإنجازات المملكة، ونقل الأخبار والمعلومات، ودعم ثقافة المملكة ورؤيتها بكل مؤسساتها وقطاعاتها المختلفة. ومما لا شك فيه أن الإعلام السعودي يستمد قوته من مواقف المملكة، ومكتسباتها، ووزنها الديني والحضاري والاقتصادي ورغم أن عمره تجاوز ال95 عاماً منذ ظهور جريدة "أم القرى" عام (1924م) إلا أن الكهولة لم تصب مفاصله، وحافظ على رشاقته بشكل متوازٍ مع تطور المملكة، وما يزال الطموح عالياً في أن يصنع الاعلام السعودي بمختلف وسائله الحدث ولا يكتفي بالتعليق عليه". وأما اليوم فنحن بحاجة ماسة إلى استمرار التطوير في هذا الإعلام كي يبقى في عملية مواكبة مستمرة لإنجازات المملكة، ونهضتها الحديثة. إن توحيد كافة الجهود من خلال رسالة إعلامية شاملة تتماشى مع رؤية 2030 في إطار العمل المؤسسي في الدولة وإشراك المجتمع لترسيخ هذه الصورة مما سهل رسمها، حتى يصبح الإعلام السعودي جزءًا من المجتمع الداخلي والخارجي ليصنع الحدث قبل أن ينقله، في توفير بنية تحتية إعلامية ويصل لأعلى المستويات. كما أن صناعة النجوم وتأهيل الكوادر الإعلامية بمختلف الوسائل في الإعلام التقليدي أو الإعلام الجديد هي مهمة وطنية واستثمار طويل المدى في كنز وثروة وطنية ستحقق الكثير من المكاسب في آن واحد، فضلاً عن دورها في انعكاس ذلك على الصورة الذهنية للمملكة ودعمها لرسائلها الثقافية العالمية من خلال تشكيل صورة ذهنية إيجابية تلامس الواقع. بالإضافة إلى أن المحتوى الإعلامي الذي ينتج يواكب الإنجازات التي نراها، ويتسم مع الأحداث ذات الصلة لرؤية المملكة 2030 في الفترة الحالية، لذلك نقول إن الإعلام هو المجال الأول في دعم ثقافة المجتمع السعودي والمسؤول الأول عن ثقافة المجتمع من خلال إنجازات المملكة، ونقل الأخبار والمعلومات، ودعم ثقافة المملكة ورؤيتها بكل مؤسساتها. صناعة الاعلام الوطني تتطلب أن يسير جنباً إلى جنب مع بقية ادوات القوة الوطنية (Dime) في استراتيجية وطنية تكاملية حيث يتم وضع أهداف استراتيجية للإعلام السعودي مهمتها الأساسية تعزيز مصالح المملكة العربية السعودية وتتمثل هذه الأهداف في: تعزيز الهوية الوطنية.. غرس تصورات جديدة تخلق وتعزز من قيم المواطنة في المملكة.. تعزير الثقافة الاستراتيجية في المجتمع السعودي وربطه بالتاريخ الممتد 450 سنة.. نشر ثقافتنا هذه في محيطنا الإقليمي وخلق جيل جديد خليجي وعربي يؤمن أن المملكة هي الداعم والمناصر للقضايا العربية والإسلامية وأن أمنها هو الركيزة الأساسية في أمن كل الاوطان.. مساهمة الدراما السعودية لتكون رافداً اعلامياً نستطيع من خلاله ان نوجد القوة الاعلامية لتاريخنا وثقافتنا من خلال توظيف الإعلام كلياً وليس جزئياً، فنحن نحتاج إلى إعلام قوي جداً بمختلف وسائله وأدواته الذكية (الصلبة والناعمة) وهي من تقود الدول في العلاقات الدولية الآن! ونستحضر جميعاً صورة المرأة السعودية الجندية (أمل العوفي) وهي تحتضن طفلاً على سفينة الإجلاء السعودية القادمة من السودان، وكيف حازت الإعجاب والتفاعل الإعلامي العالمي الإيجابي جداً، فضلاً عن مدى انتشارها الكبير في جميع الوسائل والقنوات والوكالات الإعلامية والصحف العالمية ومواقع التواصل الاجتماعي وأسرت العالم. ومدى تأثيرها الإيجابي وتحقيقها بإيصال رسائل الوطن الإعلامية، الأمر الذي يدفعنا أكثر للاهتمام بصناعة الثقافة الاستراتيجية عموماً، وإعادة رسم الصورة الذهنية الحقيقية الإيجابية التي تصنع الرأي العام وتُعيد توجيهه من خلال تصحيح كل الأفكار المسبقة والصور المزيفة والمشوّهة أو المضللة، وتعرّف الآخرين بحقائق السعودية ودبلوماسيتها وسياستها داخلياً وخارجياً. إنّ الإعلام كالتاريخ لا يكتبه إلا الأقوياء؛ رؤيتك ورأيك العام ورسالتك وقصتك الإعلامية لا يكتبها إلا الأقوى، وإن لم يكتبها إعلامك كتبها نيابة عنك وسوّقها الأقوى إعلامياً!