دعت الرياض وواشنطن طرفي النزاع في السودان للعودة إلى طاولة المفاوضات، من أجل التوصل إلى وقف إطلاق نار جديد، قبل يومين من زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، إلى المملكة. وكان سكان الخرطوم قد استيقظوا على أصوات سقوط قنابل وتبادل نيران أسلحة ثقيلة، مع دخول الحرب أسبوعها الثامن، فيما ذكرت وسائل إعلام محلية، أن إقليم دارفور المتاخم لتشاد، هو أيضا مسرح قتال عنيف بين الفصائل المتحاربة. وبحسب بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية "واس"، ما زال وفدا القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع "موجودين في مدينة جدة، رغم تعليق المحادثات، وانتهاء وقف إطلاق النار لمدة خمسة أيام". وقال البيان: "إن المملكة العربية السعودية والولاياتالمتحدة الأميركية حريصتان على استمرار المحادثات مع وفدي التفاوض، حيث تركزت المحادثات على سبل تسهيل المساعدات الإنسانية، والتوصل إلى اتفاق بشأن خطوات على المدى القريب، ينبغي على الطرفين اتخاذها قبل استئناف محادثات جدة". كما أكد البيان أن "المملكة العربية السعودية والولاياتالمتحدة الأميركية، متمسكتان بالتزامهما تجاه شعب السودان". كما دعت الطرفين إلى اتفاق على وقف إطلاق نار جديد، وتنفيذه بشكلٍ فعال بهدف بناء وقف دائم للعمليات العسكرية. وجاءت الدعوة السعودية - الأميركية، غداة قصف جوي ومدفعي هز الخرطوم، بغياب أي أفق للتهدئة في نزاع يواصل حصد الضحايا، بعد أن أعلن الهلال الأحمر السوداني دفن 180 منهم، من دون التعرف على هوياتهم. وزادت حدة المعارك في الأيام الماضية، بعدما لاقت الهدنة الموقتة التي أبرمت بوساطة سعودية - أميركية بين الجيش، وقوات الدعم السريع، مصير سابقاتها. ومنذ اندلاع النزاع في 15 أبريل، لم يفِ الجانبان بتعهدات متكررة بهدنة ميدانية، تتيح للمدنيين الخروج من مناطق القتال أو توفير ممرات آمنة لإدخال مساعدات إغاثية. وقتل أكثر من 1800 شخص منذ اندلاع المعارك منتصف أبريل، وفق مشروع بيانات مواقع النزاع المسلح وأحداثها. الا أن مسعفين ووكالات إغاثة ومنظمات دولية، حذّروا مرارا من أن الأرقام الفعلية للضحايا أعلى بكثير، نظرا لوجود جثث في مناطق يصعب الوصول إليها، أو لعدم قدرة بعض المصابين على بلوغ المراكز الطبية للعلاج. تعليق المحادثات وكان الجيش أعلن تعليق مشاركته في محادثات جدة، واتهم قوات الدعم بعدم الإيفاء بالتزاماتها، باحترام الهدنة والانسحاب من المستشفيات والمنازل. في المقابل، تبدأ زيارة بلينكن إلى المملكة في السادس من يونيو وتنتهي في الثامن منه. وكانت الولاياتالمتحدة أبدت استعدادها لاستئناف المحادثات في جدة مع قادة المعسكرين المتحاربين في السودان، في حال توافرت نيات "جدية" على صعيد الالتزام بوقف النار. والخميس، أعلن البيت الابيض أن الولاياتالمتحدة ستفرض عقوبات اقتصادية جديدة، وقيودا على التأشيرات "بحق الأطراف الذي يمارسون العنف" في السودان، وذلك بعد انسحاب الجيش من المفاوضات الأخيرة مع قوات الدعم السريع واتهامه بقصف منطقة سوق قديم في العاصمة. وباتت ظروف الحياة صعبة في العاصمة، حيث قطعت المياه عن أحياء بأكملها، ولا تتوافر الكهرباء سوى لبضع ساعات في الأسبوع، فيما توقفت ثلاثة أرباع المستشفيات في مناطق القتال عن العمل، ويعاني السكان لتوفير المواد الغذائية. والوضع مروع بشكل خاص في إقليم غرب دارفور، الذي يقطنه نحو ربع سكان السودان، ولم يتعافَ من حرب مدمرة استمرت عقدين، وخلفت مئات الآلاف من القتلى وأكثر من مليوني نازح. وقتل مئات من المدنيين، وأضرمت النيران في القرى والأسواق ونُهبت منشآت الإغاثة مما دفع عشرات الآلاف، إلى البحث عن ملاذ في تشاد المجاورة. كما تعمل أطراف أخرى على محاولة إيجاد حلّ للأزمة، مثل الهيئة الحكومية للتنمية في شرق إفريقيا (إيغاد) المؤلفة من ثماني دول بينها كينيا، التي استضافت مستشار قائد قوات الدعم يوسف عزت. ومدّد مجلس الأمن الدولي الجمعة لستة أشهر المهمة السياسية للأمم المتحدة في السودان، بعدما اتّهم قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان المبعوث الأممي فولكر بيرتيس، بالإسهام في تأجيج النزاع.