«الإمكانات الكبيرة المتاحة لبلدينا تضعنا أمام فرصة تاريخية لبناء شراكة فاعلة لتحقيق تطلعاتنا المشتركة» وإننا نواجه في منطقتنا تحديات خطيرة تتمثل في التطرف والإرهاب ومحاولات زعزعة الأمن والاستقرار في بلداننا مما يستدعي منا التنسيق التام لمواجهة هذه التحديات». بهذه الكلمات العميقة في مضامينها دشن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز انطلاقة المجلس السعودي العراقي التنسيقي عام 2017 وهو الأول من نوعه في تاريخ العلاقات، مجسداً لمرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية بين المملكة والعراق لمؤسسة العلاقة في جميع المجالات الطموحة التجارية والاقتصادية والاستثمارية والسياسية والنفطية وتعظيم التخطيط الاستراتيجي على المتوسط والبعيد المدى». ومنذ ذلك الحين وحتى اليوم تشهد العلاقات السعودية العراقية نمواً مضطرداً وتقارباً استراتيجياً من خلال التوقيع على العديد من مذكرات التفاهم والشراكات بين البلدين أوصلت العلاقة إلى مصاف الشراكة فضلاً عن حوكمة أعمال المجلس. وعندما تستضيف مدينة جدة اليوم الخميس اجتماع الدورة الخامسة لمجلس التنسيق السعودي العراقي فإن ذلك يعكس انتظام عقد المجلس لدورات وحرص البلدين في تعزيز الشراكة امتداداً للجهود المشتركة لتعزيز وتطوير العلاقات الثنائية الأخوية بين المملكة والعراق على المستوى الاستراتيجي، وفتح آفاق جديدة للتعاون في مختلف المجالات. وسيرأس الجانب السعودي في المجلس وزير التجارة الدكتور ماجد القصبي، فيما يرأس الجانب العراقي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير التخطيط محمد علي تميم، وسيشارك في الاجتماعات أعضاء المجلس من الجانبين السعودي والعراقي ورؤساء اللجان الفرعية المنبثقة عنه. وبقراءة ما حققه المجلس من منجزات خلال السنوات الماضية يتضح وضوح الرؤية وتعزيز مكامن القوة في شراكة البلدين وتحويل التحديات إلى فرص إيجابية فضلاً عن تعظيم الاستفادة من المشاريع الاقتصادية خصوصاً مشروع الربط الكهربائي السعودي العراقي وتعضيد وفتح المنافذ الحدودية الجمركية، مما سيسهم في تسهيل التبادل التجاري وتطوير الموانئ والطرق والمناطق الحدودية، والاتفاق على مراجعة اتفاقية للتعاون الجمركي وتفعيل العمل المشترك للحد من المعوقات وتسهيل نفاذ الصادرات ومنطقة تبادل تجاري بين البلدين و تعزيز التعاون في أوبك وأوبك بلس وإعادة تشغيل خطوط الطيران من السعودية إلى العراق، وافتتاح قنصلية للمملكة في العراق، إضافة إلى افتتاح مكتب تابع لشركة طاقة، وآخر لشركة سابك في العراق الى جانب استفادة المملكة من المدن الاقتصادية المتاحة في العراق لتكون مصدراً زراعياً وصناعياً يسهم في تعزيز الاستثمار الزراعي لتحقيق الأمن الغذائي والارتقاء بالعلاقات بما يخدم تطلعات حكومتي وشعبي البلدين الشقيقين، فيما نوه الجانبان بما يجمع بين البلدين والشعبين الشقيقين من روابط الدين والأخوة والجوار وأواصر القربى والمصير المشترك. واكد خبراء عراقيون ل»الرياض» أن العلاقات السعودية العراقية تعيش أزهى عصورها بفضل الإرادة السياسية لقادة البلدين وحرصهما على تمتين تلك العلاقة الاستراتيجية التي تتسم بأهمية كبرى على صعيد التعاون الثنائي وقضايا الأمة العربية وتحصين المنطقة من التدخلات الخارجية خدمة لمصالح البلدين والشعبين الشقيقين.كما تشهد العلاقات السعودية العراقية قوة ورسوخًا كبيرين، ويعكس نجاح الدبلوماسية السعودية في ترميم علاقتها مع العراق وفق ميزان العروبة والمصالح المشتركة بين الدولتين. ومن المقرر أن يناقش المجلس خلال اجتماعاته خطة العمل المشتركة للجان الفرعية المنبثقة عنه في مختلف مجالات التعاون الثنائي بين المملكة والعراق، ودعمها وتعزيزها بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين في المجالات المختلفة. كما سيعقد على هامش الدورة لمجلس التنسيق، اجتماع مجلس الأعمال المشترك بين البلدين، والملتقى الاقتصادي السعودي العراقي، بحضور عددٍ من رجال الأعمال في البلدين الشقيقين. يذكر أن مجلس التنسيق السعودي العراقي تأسس في عام 2017، بهدف تعزيز التواصل بين البلدين على المستوى الاستراتيجي، والارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى آفاق جديدة في مختلف المجالات ومنها: الاقتصادية والتنموية والأمنية، والاستثمارية والسياحية والثقافية والإعلامية، فضلًا عن تعزيز التعاون المشترك بين الجانبين في الشؤون الدولية والإقليمية المهمة وحماية المصالح المشتركة وتنمية الشراكة بين القطاع الخاص في البلدين. ويهدف المجلس أيضاً إلى إتاحة الفرصة لرجال الأعمال من البلدين للتعرف على الفرص التجارية والاستثمارية وتبني الوسائل الفاعلة التي تسهم في مساعدتهم على استثمارها، وتشجيع تبادل الخبرات الفنية والتقنية بين الجهات المعنية من خلال العمل على نقل وتشجيع التقنية والتعاون في مجال البحث العلمي وتبادل الزيارات والمشاركة في البرامج التدريبية. ويهدف المجلس إلى تعزيز التواصل بين البلدين على المستوى الاستراتيجي والارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى آفاق جديدة في مختلف المجالات ومنها: الاقتصادية والتنموية والأمنية، والاستثمارية والسياحية والثقافية والإعلامية، فضلًا عن تعزيز التعاون المشترك بين الجانبين في الشؤون الدولية والإقليمية المهمة وحماية المصالح المشتركة وتنمية الشراكة بين القطاع الخاص في البلدين. ومضت العلاقات السعودية العراقية منذ بداية القرن العشرين وصولاً إلى اليوم في مسيرة غلب عليها تجسيد طابع الأخوة العربية الإسلامية بين البلدين مرورًا بالمواقف المتبادلة والوقفات التاريخية بينهما. وحظيت العلاقات بين السعودية والعراق على الدوام باهتمام قادة البلدين، لما لها من أهمية استراتيجية بالغة بالنسبة لمصالح الدولتين، وتعزيز أمن واستقرار دول المنطقة، وحمايتها من التدخلات الخارجية، التي من شأنها الإخلال بمتطلبات العيش المشترك، وحسن الجوار، والخطط التنموية بها. غير أن العلاقات بين الرياض وبغداد شهدت انعطافة نوعية على صعيد الانتقال بها إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية خلال العام الحالي؛ حيت توالت الزيارات عالية المستوى بين البلدين، وتحققت الكثير من النتائج لهذه الزيارات، فمثلما يشهد الإرهاب انحساراً ملحوظاً في المنطقة، فإن الدولتين حققتا نجاحات كبيرة في تأمين حدودهما المشتركة تمخضت عن نسبة صفر عمليات تهريب أو دخول غير نظامي على طول الحدود بين البلدين، وكذلك الحال نفسه نجاحات كبيرة على مستويات التعاون السياسي والاقتصادي والتنموي ومجال الطاقة واستقرار المنطقة وحفظ الأمن والسلم الدوليين. يعد العراق جسراً أرضياً بين ثلاث قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا وممراً يوصل بين المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط، وهو أغزر بقاع الأرض مياهاً ومن أكثرها خصباً.